الباحث القرآني

وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا ومحال أن تستطيعوا العدل بَيْنَ النِّساءِ والتسوية حتى لا يقع ميل البتة ولا زيادة ولا نقصان فيما يجب لهن، فرفع لذلك عنكم تمام العدل وغايته، وما كلفتم منه إلا ما تستطيعون بشرط أن تبذلوا فيه وسعكم وطاقتكم لأنّ تكليف ما لا يستطاع داخل في حدّ الظلم (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) وقيل: معناه أن تعدلوا في المحبة. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول «هذه قسمتى فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك [[أخرجه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم من رواية أبى قلابة عن عبد اللَّه بن يزيد عن عائشة، وفيه يعنى القلب» .]] » يعنى المحبة لأن عائشة رضى اللَّه عنها كانت أحب إليه. وقيل: إن العدل بينهن أمر صعب بالغ من الصعوبة حداً يوهم أنه غير مستطاع، لأنه يجب أن يسوى بينهن في القسمة والنفقة والتعهد والنظر والإقبال والممالحة والمفاكهة والمؤانسة وغيرها مما لا يكاد الحصر يأتى من ورائه، فهو كالخارج من حدّ الاستطاعة. هذا إذا كن محبوبات كلهن فكيف إذا مال القلب مع بعضهن فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور فتمنعوها قسمتها من غير رضى منها، يعنى: أن اجتناب كل الميل مما هو في حد اليسر والسعة فلا تفرطوا فيه إن وقع منكم التفريط في العدل كله. وفيه ضرب من التوبيخ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وهي التي ليست بذات بعل ولا مطلقة قال: هَلْ هِىَ إلّا حَظَّةٌ أَوْ تَطْلِيقْ ... أوْ صَلَفٌ أَوْ بَيْنَ ذَاكَ تَعْلِيقْ [[لبنت الحمارس. والاستفهام إنكارى، أى ليست حالة الزوجة مع زوجها إلا حظة صغيرة بحظوة الزوج بها، أو تطليق لها مع الزوج، أو صلف- أى عدم حظوة من الزوج بها- وصلفت صلفاً من باب تعب. ونساء صالفات وصلائف، لم يحظهن الزوج، أو تعليق بين ذلك المذكور من الأحوال. وتسبيغ مشطور الرجز بزيادة ساكن في آخره- كما هنا- قليل.]] وفي قراءة أبىّ: فتذروها كالمسجونة. وفي الحديث: «من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ماثل» [[أخرجه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم من رواية بشير بن نهيك عن أبى هريرة. قال الترمذي: لا يعرف مرفوعا إلا من حديث همام.]] وروى أنّ عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه بعث إلى أزواج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بمال، فقالت عائشة رضى اللَّه عنها: أإلى كل أزواج رسول اللَّه بعث عمر مثل هذا؟ قالوا: لا، بعث إلى القرشيات بمثل هذا وإلى غيرهنّ بغيره، «فقالت: ارفع رأسك فإن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يعدل بيننا في القسمة بماله ونفسه. فرجع الرسول فأخبره، فأتم لهن جميعاً [[لم أجده هكذا، وفي مسند أحمد من رواية باسرة بن سمين: سمعت عمر بن الخطاب يقول: وهو يخطب الناس يوم الجابية «إن اللَّه جعلني خازنا لهذا المال وقاسما له، ثم قال: بل اللَّه يقسمه، وأنا بادىء أهل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ففرض لأزواجه عشرة آلاف إلا جويرية وصفية وميمونة. فقالت عائشة: إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يعدل بينا. فعدل بينهن عمر- الحديث» أورده في سنن أبى عمرو بن حفص في مسند المكيين]] وكان لمعاذ امرأتان، فإذا كان عند إحداهما لم يتوضأ في بيت الأخرى، فماتتا في الطاعون فدفنهما في قبر واحد [[أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة معاذ من رواية الليث عن يحيى بن سعيد أن معاذ بن جبل- فذكره- وزاد: فأسهم بينهما أيهما تقدم وهذا مرسل.]] وَإِنْ تُصْلِحُوا ما مضى من ميلكم وتتداركوه بالتوبة وَتَتَّقُوا فيما يستقبل، غفر اللَّه لكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب