الباحث القرآني

هذا أى الأمر هذا: أو هذا كما ذكر فَبِئْسَ الْمِهادُ كقوله لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ شبه ما تحتهم من النار بالمهاد الذي يفترشه النائم، أى: هذا حميم فليذوقوه. أو العذاب هذا فليذوقوه، ثم ابتدأ فقال: هو حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ أو: هذا فليذوقوه بمنزلة وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ أى ليذوقوا هذا فليذوقوه، والغساق- بالتخفيف والتشديد-: ما يغسق من صديد أهل النار، يقال: غسقت العين، إذا سال دمعها. وقيل: الحميم يحرق بحرّه، والغساق يحرق ببرده. وقيل: لو قطرت منه قطرة في المشرق لنتنت أهل المغرب، ولو قطرت منه قطرة في المغرب لنتنت أهل المشرق. وعن الحسن رضى الله عنه. الغساق: عذاب لا يعلمه إلا الله تعالى. إن الناس أخفوا لله طاعة فأخفى لهم ثوابا في قوله فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ وأخفوا معصية فأخفى لهم عقوبة وَآخَرُ ومذوقات أخر من شكل هذا المذوق من مثله في الشدة والفظاعة أَزْواجٌ أجناس. وقرئ: وآخر، أى: وعذاب آخر. أو مذوق آخر. وأزواج: صفة لآخر، لأنه يجوز أن يكون ضروبا. أو صفة للثلاثة وهي حميم وغساق وآخر من شكله. وقرئ: من شكله، بالكسر [[قوله وقرئ «من شكله بالكسر وهي لغة» أى في الشكل بمعنى المثل. (ع)]] وهي لغة. وأما الغنج [[«وأما الغنج فبالكسر لا غير» في الصحاح: الغنج والغنج: الشكل، وقد غنجت الجارية وتغنجت، فهي غنجة. وفيه: الشكل- بالفتح-: المثل، وبالكسر: الدل، يقال: امرأة ذات شكل. (ع)]] فبالكسر لا غير هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ هذا جمع كثيف قد اقتحم معكم النار، أى دخل النار في صحبتكم وقرانكم، والاقتحام: ركوب الشدة والدخول فيها. والقحمة: الشدة. وهذه حكاية كلام الطاغين بعضهم مع بعض، أى: يقولون هذا. والمراد بالفوج: أتباعهم الذين اقتحموا معهم الضلالة، فيقتحمون معهم العذاب لا مَرْحَباً بِهِمْ دعاء منهم على أتباعهم. تقول لمن تدعو له: مرحبا، أى: أتيت رحبا من البلاد لا ضيقا: أو رحبت بلادك رحبا، ثم تدخل عليه «لا» في دعاء السوء. وبِهِمْ بيان للمدعو عليهم إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ تعليل لاستيجابهم للدعاء عليهم. ونحوه قوله تعالى كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها وقيل: هذا فوج مقتحم معكم: كلام الخزنة لرؤساء الكفرة في أتباعهم. ولا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ كلام الرؤساء. وقيل: هذا كله كلام الخزنة قالُوا أى الأتباع بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ يريدون الدعاء الذي دعوتم به علينا أنتم أحق به، وعللوا ذلك بقولهم أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا والضمير للعذاب أو لصلبهم. فإن قلت: ما معنى تقديمهم العذاب لهم؟ قلت: المقدم هو عمل السوء. قال الله تعالى ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ولكن الرؤساء لما كانوا السبب فيه بإغوائهم وكان العذاب جزاءهم عليه: قيل أنتم قدمتموه لنا، فجعل الرؤساء هم المقدمين وجعل الجزاء هو المقدّم، فجمع بين مجازين، لأن العاملين هم المقدمون في الحقيقة لا رؤساؤهم، والعمل هو المقدم لاجزاؤه. فإن قلت: فالذي جعل قوله لا مَرْحَباً بِهِمْ من كلام الخزنة ما يصنع بقوله بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ والمخاطبون- أعنى رؤساءهم- لم يتكلموا بما يكون هذا جوابا لهم؟ قلت: كأنه قيل: هذا الذي دعا به علينا الخزنة أنتم يا رؤساء أحق به منا لإغوائكم إيانا ونسببكم فيما نحن فيه من العذاب، وهذا صحيح كما لو زين قوم لقوم بعض المساوى فارتكبوه فقيل للمزينين: أخزى الله هؤلاء ما أسوأ فعلهم؟ فقال المزين لهم للمزينين: بل أنتم أولى بالخزي منا، فلولا أنتم لم نرتكب ذلك قالُوا هم الأتباع أيضا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً أى مضاعفا، ومعناه: ذا ضعف: ونحوه قوله تعالى رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً وهو أن يزيد على عذابه مثله فيصير ضعفين، كقوله عز وجل رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ [[قوله تعالى قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً وقال في موضع آخر آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً والقصة واحدة. قال أحمد: وفيه دليل على أن الضعفين اثنان من شيء واحد، خلافا لمن قال غير ذلك، لأنه في موضع قال فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً والمراد: مثل عذابه، فيكونا عذابين. وقال في موضعين ضِعْفَيْنِ والمراد: ذا عذابين.]] وجاء في التفسير عَذاباً ضِعْفاً: حيات وأفاعى [[قوله «وجاء في التفسير ... الخ» عبارة الخازن: قال ابن عباس: حيات وأفاعى (ع)]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب