الباحث القرآني

ذُو الْأَوْتادِ أصله من ثبات البيت المطنب بأوتاده، قال: والبيت لا يبتنى إلّا على عمد ... ولا عماد إذا لم ترس أوتاد [[والبيت لا يبتنى إلا بأعمدة ... ولا عماد إذا لم ترس أوتاد فان تجمع أسباب وأعمدة ... وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا للرافدة الأودى، يقول: لا ينال الأمر إلا بتوافر أسبابه، فالبيت من باب التمثيل: شبه توقف الأمر على أسبابه وتوقف أسبابه على أسبابها، يتوقف ضرب الخيمة على انتصاب الأعمدة، وتوقف انتصابها على إثبات الأوتاد المشدودة بالحبال، ثم قال: فان اجتمعت الحبال المشدودة بالأوتاد الثابتة وانتصبت الأعمدة ووجد الساكن بلغ مراده، وهو بمعنى الجمع، فصح جمع ضميره، وكاده كيدا عالجه علاجا، أى: بلغوا الأمر الذي كادوه، أي عالجوه لتحصيله.]] فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر، كما قال الأسود: في ظل ملك ثابت الأوتاد [[ماذا أؤمل بعد آل محرق ... تركوا منازلهم وبعد أياد جرت الرياح على مقر ديارهم ... فكأنهم كانوا على ميعاد ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة ... في ظل ملك ثابت الأوتاد فإذا النعيم وكل ما يلهي به ... يوما يصير إلى بلى ونفاد للأسود بن يعفر. يقول: لا أتمنى شيئا بعدهم من الدنيا. ومحرق: هو امرؤ القيس بن عمرو بن عدى اللخمي. والاياد- في الأصل-: تراب يجمع حول الحوض والبيت، يحفظه عن المطر والسيول، من الأيدى: وهو القوة. وإياد: علم على ابن نزار بن معد، فهو أخو مضر وربيعة. والمراد به هنا القبيلة. وروى: وآل إياد، عطفا على آل محرق. وغنى بالمكان، كرضى: أقام به. والبلى: الانمحاق. والنفاد: الفناء. يقول: تركوا منازلهم: جملة مستأنفة لبيان نفى التأميل، واعتراضية بين المتعاطفين. وقوله «جرت الرياح» مستأنف لبيان حال القبيلتين، يقول: تفانوا فجرت الرياح على محل ديارهم، وجريان الرياح على مقر الديار، لانهدام الجدران التي كانت تمنع الرياح، وذلك كناية عن موتهم، وأفاد أن فناءهم كان سريعا كأنه دفعة واحدة بقوله: فكأنهم كانوا على ميعاد واحد، ولقد أقاموا بأرغد عيشة، وشبه الملك الذي به عزهم وصونهم بخيمة مضروبة عليهم، والظل: الترشيح، والأوتاد تخييل. وإذا معناها المفاجأة. أى فظهر بغتة أن كل نعيم لا محالة زائل، أى: فأدركهم المحاق والفناء.]] وقيل: كان يشبح [[قوله «وقيل كان يشبح المعذب» أى يمده، أفاده الصحاح. (ع)]] المعذب بين أربع سوار: كل طرف من أطرافه إلى سارية مضروب فيه وتد من حديد، ويتركه حتى يموت. وقيل: كان يمدّه بين أربعة أوتاد في الأرض ويرسل عليه العقارب والحيات. وقيل: كانت له أوتاد وحبال يلعب بها بين يديه أُولئِكَ الْأَحْزابُ قصد بهذه لإشارة الإعلام بأنّ الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم منهم هم هم، وأنهم هم الذين وجد منهم التكذيب [[قال محمود: «قصد بهذه الاشارة الاعلام بأن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم منهم هم هم، وأنهم الذين وجد التكذيب منهم» قال أحمد: وفي تكرار تكذيبهم فائدة أخرى: وهي أن الكلام لما طال بتعديد آحاد المكذبين، ثم أريد ذكر ما حاق بهم من العذاب جزاء لتكذيبهم، كرر ذلك مصحوبا بالزيادة المذكورة، ليلي قوله تعالى فَحَقَّ عِقابِ على سبيل التطرية المعتادة عند طول الكلام وهو كما قدمته في قوله وَكُذِّبَ مُوسى حيث كرر الفعل ليقترن بقوله فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ.]] . ولقد ذكر تكذيبهم أولا في الجملة الخبرية على وجه الإبهام، ثم جاء بالجملة الاستثنائية فأوضحه فيها: بأنّ كل واحد من الأحزاب كذب جميع الرسل، لأنهم إذا كذبوا واحدا منهم فقد كذبوهم جميعا. وفي تكرير التكذيب وإيضاحه بعد إبهامه، والتنويع في تكريره بالجملة الخبرية أوّلا وبالاستثنائية ثانيا، وما في الاستثنائية من الوضع على وجه التوكيد والتخصيص: أنواع من المبالغة المسجلة عليهم باستحقاق أشد العقاب وأبلغه، ثم قال فَحَقَّ عِقابِ أى فوجب لذلك أن أعاقبهم حق عقابهم هؤُلاءِ أهل مكة. ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأحزاب لاستحضارهم بالذكر. أو لأنهم كالحضور عند الله. والصيحة: النفخة ما لَها مِنْ فَواقٍ وقرئ بالضم: ما لها من توقف مقدار فواق، وهو ما بين حلبتى الحالب ورضعتى الراضع. يعنى: إذا جاء وقتها لم تستأخر هذا القدر من الزمان، كقوله تعالى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وعن ابن عباس: مالها من رجوع، وترداد، من أفاق المريض إذا رجع إلى الصحة. وفواق الناقة: ساعة ترجع الدرّ إلى ضرعها، يريد: أنها نفخة واحدة فحسب لا تثنى ولا تردد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب