الباحث القرآني

أى حَمَلَتْهُ تهن وَهْناً عَلى وَهْنٍ كقولك رجع عودا على بدء، بمعنى، يعود عودا على بدء، وهو في موضع الحال. والمعنى: أنها تضعف ضعفا فوق ضعف، أى: يتزايد ضعفها ويتضاعف، لأنّ الحمل كلما ازداد وعظم، ازدادت ثقلا وضعفا. وقرئ: وهنا على وهن، بالتحريك عن أبى عمرو. يقال: وهن يوهن. ووهن يهن. وقرئ: وفصله أَنِ اشْكُرْ تفسير لوصينا ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ أراد بنفي العلم به نفيه، أى: لا تشرك بى ما ليس بشيء [[قال محمود: «معناه: ما ليس بشيء، وعبر بنفي العلم عن نفى المعلوم» قال أحمد: هو من باب قوله: على لا حب لا يهتدى بمناره أى: ما ليس باله فيكون لك علم بالالهية، وليس كما ذكره في قول فرعون ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي وقد مر معناه فيما تقدم.]] ، يريد الأصنام، كقوله تعالى ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ. مَعْرُوفاً صحابا، أو مصاحبا معروفا حسنا بخلق جميل وحلم واحتمال وبر وصلة، وما يقتضيه الكرم والمروءة وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ يريد: واتبع سبيل المؤمنين في دينك ولا تتبع سبيلهما فيه- وإن كنت مأمورا بحسن مصاحبتهما في الدنيا- ثم إلىّ مرجعك ومرجعهما، فأجازيك على إيمانك وأجازيهما على كفرهما، علم بذلك حكم الدنيا وما يجب على الإنسان في صحبتهما ومعاشرتهما: من مراعاة حق الأبوة وتعظيمه، وما لهما من المواجب التي لا يسوغ الإخلال بها، ثم بين حكمهما وحالهما في الآخرة. وروى: أنها نزلت في سعد بن أبى وقاص وأمّه. وفي القصة: أنها مكثت ثلاثا لا تطعم ولا تشرب حتى شجروا فاها [[قوله «حتى شجروا فاها بعود» في الصحاح: شجرة بالرمح، أى: طعنه. (ع)]] بعود. وروى أنه قال: لو كانت لها سبعون نفسا فخرجت، لما ارتددت إلى الكفر. فإن قلت: هذا الكلام كيف وقع في أثناء وصية لقمان؟ قلت: هو كلام اعترض به على سبيل الاستطراد، تأكيدا لما في وصية لقمان من النهى عن الشرك. فإن قلت: فقوله حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ كيف اعترض به بين المفسر والمفسر؟ قلت: لما وصى بالوالدين: ذكر ما تكابده الأمّ وتعانيه من المشاق والمتاعب في حمله وفصاله هذه المدّة المتطاولة، إيجابا للتوصية بالوالدة خصوصا [[قال محمود: «فيه تخصيص حق الأم، وهو مطابق لبدايته، فذكرها في وجوب البر في الحديث المأثور» قال أحمد: وهذا من قبيل ما يقوله الفقهاء: إن اللأم من عمل الولد قبل الحلم جله، وهو مما يفيد تأكيد حقها، والله أعلم.]] . وتذكيرا بحقها العظيم مفردا، ومن ثمّ قال رسول الله ﷺ لمن قال له: من أبر؟ «أمّك ثم أمّك ثم أمّك» ثم قال بعد ذلك «ثم أباك [[أخرجه أبو داود والترمذي من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال «قلت يا رسول الله من أبر؟ الحديث» وله شاهد في الصحيحين من حديث أبى زرعة عن أبى هريرة قال «جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: من أحق بصحابتى؟ - الحديث»]] » . وعن بعض العرب أنه حمل أمه إلى الحج على ظهره وهو يقول في حدائه بنفسه: أحمل أمّى وهي الحمّاله ... ترضعنى الدرّة والعلالة ولا يجازى والد فعاله [[لعربي يحمل أمه إلى الحج، وهي الحمالة: جملة حالية، أى: كثيرة الحمل بحسب ما كان. أو من عادتها ذلك، وترضع: حال متداخلة، والدرة- بالضم: كثرة اللبن وسيلانه، والمراد بها: اللبن الكثير. والعلالة- بالضم-: بقية اللبن، والحلبة بين الحلبتين، وتطلق على بقية جرى الفرس. والعلل: الشرب الثاني، والشرب الأول النهل: وروى ترضعنى الدرة. والفعال- بالفتح-: فعل الخير وأراد بالوالد: الأم، أو ما يشمل الأب والأم.]] فإن قلت: ما معنى توقيت الفصال بالعامين؟ قلت المعنى في توقيته بهذه المدة أنها الغاية التي لا تتجاوز، والأمر فيما دون العامين موكول إلى اجتهاد الأم: إن علمت أنه يقوى على الفطام فلها أن تفطمه. ويدل عليه قوله تعالى وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وبه استشهد الشافعي رضى الله عنه على أن مدة الرضاع سنتان، لا تثبت حرمة الرضاع بعد انقضائهما، وهو مذهب أبى يوسف ومحمد. وأما عند أبى حنيفة رضى الله عنه. فمدة الرضاع ثلاثون شهرا. وعن أبى حنيفة: إن فطمته قبل العامين فاستغنى بالطعام ثم أرضعته، لم يكن رضاعا. وإن أكل أكلا ضعيفا لم يستغن به عن الرضاع ثم أرضعته، فهو رضاع محرم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب