الباحث القرآني
مُحْكَماتٌ أحكمت عبارتها [[قال محمود: «المحكمات التي أحكمت عبارتها ... الخ» قال أحمد: هذا كما قدمته عنه من تكلفه لتنزيل الآي على وفق ما يعتقده، وأعوذ باللَّه من جعل القرآن تبعاً للرأى. وذلك أن معتقده إحالة رؤية اللَّه تعالى بناء على زعم القدرية من أن الرؤية تستلزم الجسمية والجهة، فإذا ورد عليهم النص القاطع الدال على وقوع الرؤية كقوله: (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) مالوا إلى جعله من المتشابه حتى يردوه بزعمهم إلى الآية التي يدعون أن ظاهرها يوافق رأيهم.
والآية قوله تعالى: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) وغرضنا الآن بيان وجوب الجمع بين الآيتين على الوجه الحق، فنقول:
محمل قوله: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) في دار الدنيا. ومحمل الرؤية على الدار الآخرة جمعا بين الأدلة. أو نقول:
الأبصار وإن كانت ظاهرة العموم إلا أن المراد بها الخصوص، أى لا تدركه أبصار الكفار كقوله: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) ونقول: لا تعارض بين الآيتين، فنقر كل واحدة منها في نصابها. وبيان ذلك: أن الأبصار عام بالألف واللام الجنسيتين، ولا يتم غرض القدرية على زعمهم إلا بالموافقة على عمومها، وحينئذ يكون في العموم مرادفة لدخول كل، لأن كليهما أعنى المعرف والجنسي، وكلا يفيد الشمول والاحاطة، وإذا أثبت ذلك فالسلب داخل على الكلية. والقواعد مستقرة على أن سلب الكلية جزئى لغة وتعقلا. ألا ترى أن القائل إذا قال:
لا تنفق كل الدراهم، كان المفهوم من ذلك الاذن في إنفاق البعض والنهى عن إنفاق البعض، ومن حيث المعقول أن الكلية تسلب بسلب بعض الأفراد ولو واحداً، وحينئذ يكون مقتضى الآية سلب الرؤية عن بعض الأبصار وثبوتها لبعض الأبصار، وهذا عين مذهب أهل السنة، لأنهم يثبتونها للموحدين ويسلبونها عن الكفار كما أنبأ عنه قوله تعالى: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) فقد ثبت أن هذه الآية إما محمولة على إثبات الرؤية، وإما باقية على ظاهرها، دليلا على ثبوتها على وفق السنة. ولا يقال قد ثبت الفرق بين دخول كل على المعرف تعريف الجنس وبين عدم دخولها. ألا ترى أنهم يقولون إن قولنا: «الإنسان كاتب» مهمل في قوة الجزئية، وإن قولنا «كل إنسان حيوان» كلى لا جزئى، لأنا نقول إنما جارينا القدرية على ما يلزمهم الموافقة فيه، وهم قد وافقوا على تناول الأبصار لكل واحد واحد من أفراد الجنس، ولولا ذلك لما تم لهم مرام، ولكفونا مؤنة البحث في ذلك، وهذا القدر من الكلية المتفق عليها بين الفريقين لا يثبت لما سماه أهل ذلك الفن مهملا، بل هذا هو الكلى عندهم واللَّه الموفق. وأما الآيتان الأخريان اللتان إحداهما قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) والأخرى التي هي قوله تعالى: (أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها)
فلا ينازع الزمخشري في تمثيل المحكم والمتشابه بهما.]] بأن حفظت من الاحتمال والاشتباه مُتَشابِهاتٌ مشتبهات محتملات هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ أى أصل الكتاب تحمل المتشابهات عليها وتردّ إليها، ومثال ذلك (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) ، (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) ، (لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) . (أَمَرْنا مُتْرَفِيها)
. فإن قلت:
فهلا كان القرآن كله محكما؟ قلت: لو كان كله محكما لتعلق الناس به لسهولة مأخذه، ولأعرضوا عما يحتاجون فيه إلى الفحص والتأمّل من النظر والاستدلال، ولو فعلوا ذلك لعطلوا الطريق الذي لا يتوصل إلى معرفة اللَّه وتوحيده إلا به، ولما في المتشابه من الابتلاء والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه، ولما في تقادح العلماء وإتعابهم القرائح في استخراج معانيه وردّه إلى المحكم من الفوائد الجليلة والعلوم الجمة ونيل الدرجات عند اللَّه، ولأنّ المؤمن المعتقد أن لا مناقضة في كلام اللَّه ولا اختلاف، إذا رأى فيه ما يتناقض في ظاهره، وأهمه طلب ما يوفق بينه ويجريه على سنن واحد، ففكر وراجع نفسه وغيره ففتح اللَّه عليه وتبين مطابقة المتشابه المحكم، ازداد طمأنينة إلى معتقده وقوّة في إيقانه الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ هم أهل البدع فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ فيتعلقون بالمتشابه الذي يحتمل ما يذهب إليه المبتدع مما لا يطابق المحكم ويحتمل ما يطابقه من قول أهل الحق ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم ويضلوهم وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وطلب أن يأوّلوه التأويل الذي يشتهونه وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أى لا يهتدى إلى تأويله الحق الذي يجب أن يحمل عليه إلا اللَّه [[قال محمود: معناه لا يهتدى إلى تأويله ... الخ» قال أحمد رحمه اللَّه: وقوله «لا يهتدى إليه إلا اللَّه» عبارة قلقة، ولم يرد إطلاق الاهتداء على علم اللَّه تعالى، مع أن في هذه اللفظة إيهاما إذ الاهتداء لا يكون في الإطلاق إلا عن جبل وضلال- جل اللَّه وعز- حتى إن الكافر إذا أسلم أطلق أهل العرف عليه: فلان المهتدى، ذلك مقتضى اللغة فيه فانه مطاوع هدى. يقال: هديته فاهتدى، والإجماع منعقد على أن ما لم يرد إطلاقه وكان موهما لا يجوز إطلاقه على اللَّه عز وجل. ولذا أنكر على القاضي إطلاقه المعرفة على علم اللَّه تعالى حيث حد مطلق العلم بأنه معرفة المعلوم على ما هو عليه. فلأن ينكر على الزمخشري إطلاق الاهتداء على علم اللَّه تعالى أجدر. وما أراها صدرت منه إلا وهما حيث أضاف العلم إلى اللَّه تعالى وإلى الراسخين في العلم، فأطلق الاهتداء على الراسخين، أو عقل عن كونه ذكرهم مضائين إلى اللَّه تعالى في الفعل المذكور واللَّه أعلم.]] وعباده الذين رسخوا في العلم، أى ثبتوا فيه وتمكنوا وعضوا فيه بضرس قاطع. ومنهم من يقف على قوله إلا اللَّه، ويبتدئ والراسخون في العلم يقولون.
ويفسرون المتشابه بما استأثر اللَّه بعلمه، وبمعرفة الحكمة فيه من آياته، كعدد الزبانية ونحوه:
والأوّل هو الوجه. ويقولون: كلام مستأنف موضح لحال الراسخين بمعنى هؤلاء العالمون بالتأويل يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ أى بالمتشابه كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا أى كل واحد منه ومن المحكم من عنده، أو بالكتاب كل من متشابهه ومحكمه من عند اللَّه الحكيم الذي لا يتناقض كلامه ولا يختلف كتابه وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ مدح للراسخين بإلقاء الذهن وحسن التأمّل. ويجوز أن يكون (يَقُولُونَ) حالا من الراسخين. وقرأ عبد اللَّه: إن تأويله إلا عند اللَّه. وقرأ أبىّ: ويقول الراسخون.
{"ayah":"هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ مِنۡهُ ءَایَـٰتࣱ مُّحۡكَمَـٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَـٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَـٰبِهَـٰتࣱۖ فَأَمَّا ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمۡ زَیۡغࣱ فَیَتَّبِعُونَ مَا تَشَـٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَاۤءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَاۤءَ تَأۡوِیلِهِۦۖ وَمَا یَعۡلَمُ تَأۡوِیلَهُۥۤ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّ ٰسِخُونَ فِی ٱلۡعِلۡمِ یَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلࣱّ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا یَذَّكَّرُ إِلَّاۤ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











