الباحث القرآني

لا تَحْسَبَنَّ خطاب لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. وأحد المفعولين الَّذِينَ يَفْرَحُونَ والثاني (بِمَفازَةٍ) وقوله فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ تأكيد تقديره: لا تحسبنهم، فلا تحسبنهم فائزين. وقرئ: لا تحسبن. فلا تحسبنهم، بضم الباء على خطاب المؤمنين. ولا يحسبن. فلا يحسبنهم، بالياء وفتح الباء فيهما، على أنّ الفعل للرسول. وقرأ أبو عمرو بالياء وفتح الباء في الأوّل وضمها في الثاني، على أن الفعل للذين يفرحون، والمفعول الأوّل محذوف على: لا يحسبنهم الذين يفرحون بمفازة، بمعنى: لا يحسبن أنفسهم الذين يفرحون فائزين، وفلا يحسبنهم، تأكيد. ومعنى بِما أُوتُوا بما فعلوا. وأتى وجاء، يستعملان بمعنى فعل. قال اللَّه تعالى: (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) ، (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) . ويدل عليه قراءة أبىّ: يفرحون بما فعلوا. وقرئ: آتوا، بمعنى أعطوا. وعن على رضى اللَّه عنه: بما أوتوا. ومعنى بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ بمنجاة منه. روى أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سأل اليهود عن شيء مما في التوراة فكتموا الحق وأخبروه بخلافه [[متفق عليه من رواية حميد بن عبد الرحمن أن مروان قال لبوابه: يا رافع اذهب إلى ابن عباس فقل له لئن كان امرؤ منا فرح بما أوتى وحمد بما لم يفعل عذب لنعذبن جميعاً. فقال ابن عباس رضى اللَّه عنهما: إنما نزلت هذه الآية في أهل الكتاب، أتاه اليهود فسألهم النبي صلى اللَّه عليه وسلم عن شيء فكتموه ... الحديث» .]] ، وأروه أنهم قد صدقوه، واستحمدوا إليه، وفرحوا بما فعلوا، فأطلع اللَّه رسوله على ذلك وسلاه بما أنزل من وعيدهم: أى: لا تحسبن اليهود الذين يفرحون بما فعلوا- من تدليسهم عليك ويحبون أن تحمدهم بما لم يفعلوا من إخبارك بالصدق عما سألتهم عنه- ناجين من العذاب. ومعنى (يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا) بما أوتوه من علم التوراة. وقيل يفرحون بما فعلوا من كتمان نعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من اتباع دين إبراهيم حيث ادعوا أن إبراهيم كان على اليهودية وأنهم على دينه. وقيل: هم قوم تخلفوا عن الغزو مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فلما قفل اعتذروا إليه بأنهم رأوا المصلحة في التخلف، واستحمدوا إليه بترك الخروج. وقيل: هم المنافقون يفرحون بما أتوا من إظهار الإيمان للمسلمين ومنافقتهم وتوصلهم بذلك إلى أغراضهم، ويستحمدون إليهم بالإيمان الذي لم يفعلوه على الحقيقة لإبطانهم الكفر. ويجوز أن يكون شاملا لكل من يأتى بحسنة فيفرح بها فرح إعجاب، ويحب أن يحمده الناس ويثنوا عليه بالديانة والزهد وبما ليس فيه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب