الباحث القرآني

مدنية وهي مائتا آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (م) حقها أن يوقف عليها كما وقف على ألف ولام، وأن يبدأ ما بعدها كما تقول: واحد اثنان: وهي قراءة عاصم. وأما فتحها فهي حركة الهمزة ألقيت عليها حين أسقطت للتخفيف. فإن قلت: كيف جاز إلقاء حركتها عليها وهي همزة وصل لا تثبت في درج الكلام فلا تثبت حركتها لأنّ ثبات حركتها كثباتها؟ قلت: هذا ليس بدرج، لأنّ (م) في حكم الوقف والسكون والهمزة في حكم الثابت. وإنما حذفت تخفيفاً وألقيت حركتها على الساكن قبلها ليدل عليها. ونظيره قولهم: واحد اثنان، بإلقاء حركة الهمزة على الدال. فإن قلت: هلا زعمت أنها حركة لالتقاء الساكنين؟ قلت: لأنّ التقاء الساكنين لا يبالى به في باب الوقف، وذلك قولك: هذا إبراهيم وداود وإسحاق. ولو كان التقاء الساكنين في حال الوقف يوجب التحريك لحرك الميمان في ألف لام ميم، لالتقاء الساكنين. ولما انتظر ساكن آخر. فإن قلت: إنما لم يحركوا لالتقاء الساكنين في ميم، لأنهم أرادوا الوقف وأمكنهم النطق بساكنين، فإذا جاء اسكن ثالث لم يمكن إلا التحريك فحركوا. قلت: الدليل على أن الحركة ليست لملاقاة الساكن أنه كان يمكنهم أن يقولوا: واحد اثنان، بسكون الدال مع طرح الهمزة، فيجمعوا بين ساكنين، كما قالوا: أصيم، ومديق. فلما حركوا الدال علم أن حركتها هي حركة الهمزة الساقطة لا غير وليست لالتقاء الساكنين. فإن قلت: فما وجه قراءة عمرو بن عبيد بالكسر؟ قلت: هذه القراءة على توهم التحريك لالتقاء الساكنين وما هي بمقولة. والتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ اسمان أعجميان. وتكلف اشتقاقهما من الورى والنجل ووزنهما بتفعلة وأفعيل، إنما يصح بعد كونهما عربيين. وقرأ الحسن: الإنجيل، بفتح الهمزة، وهو دليل على العجمة، لأن أفعيل- بفتح الهمزة- عديم في أوزان العرب. فإن قلت: لم قيل (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) [[قال محمود: «فان قلت: لم قيل في القرآن نزل ... الخ» قال أحمد: يريد لأن «فعل» صيغة مبالغة وتكثير، فلما كان نزول القرآن منجما كان أكثر تنزيلا من غيره لتفرقه في مرار عديدة، فعبر عنه بصيغة مطابقة لكثرة تنزيلاته، وعبر عن الكتابين بصيغة خلية عن المبالغة والتكثير واللَّه أعلم.]] (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) ؟ قلت: لأن القرآن نزل منجماً، ونزل الكتابان جملة. وقرأ الأعمش: نزَل عليك الكتابُ بالتخفيف ورفع الكتاب هُدىً لِلنَّاسِ أى لقوم موسى وعيسى. وقال نحن متعبدون بشرائع من قبلنا فسره على العموم. فإن قلت: ما المراد بالفرقان؟ قلت: جنس الكتب السماوية [[(عاد كلامه) قال: والفرقان يحتمل أن يراد به جميع الكتب السماوية لأنها تفرق بين الحق والباطل، أو الكتب التي ذكرها أو أراد الكتاب الرابع وهو الزبور. كما أفرده وأخر ذكره في قوله: (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) أو كرر ذكر القرآن بما هو نعت له ومدح من كونه فارقا بين الحق والباطل، بعد ما ذكره باسم الجنس تعظيما لشأنه وإظهارا لفضله واللَّه أعلم. قال أحمد: وقد جعل الزمخشري سر التعبير عن نزول القرآن بصيغة «فعل» تفريقه في التنزيل كما تقدم آنفا، ثم حمل الفرقان على أحد تأويلاته على القرآن والتعبير عنه بأفعل كغيره، فان يكن هذا- واللَّه أعلم- فالوجه أنه لما عبر أولا عن نزوله الخاص به، أتى بعبارة مطابقة لقصد الخصوصية، فلما جرى ذكره ثانيا لينعت بصفة زائدة على اسم الجنس» عبر عن نزوله من حيث الإطلاق اكتفاء بتميزه أولا وإجمالا لذلك في غير مقصوده، ومن العبارة السائرة عن هذا المعنى: الكلام يجمل في غير مقصوده، ويفصل في مقصوده.]] ، لأن كلها فرقان يفرق بين الحق والباطل، أو الكتب التي ذكرها، كأنه قال بعد ذكر الكتب الثلاثة: وأنزل ما يفرق به بين الحق والباطل من كتبه، أو من هذه الكتب، أو أراد الكتاب الرابع وهو الزبور، كما قال: (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) وهو ظاهر. أو كرر ذكر القرآن بما هو نعت له ومدح من كونه فارقاً بين الحق والباطل بعد ما ذكره باسم الجنس، تعظيما لشأنه وإظهاراً لفضله بِآياتِ اللَّهِ من كتبه المنزلة وغيرها ذُو انْتِقامٍ له انتقام شديد [[قال محمود: «معناه له انتقام شديد ... الخ» . قال أحمد: وإنما يلقى هذا التفخيم من التنكير وهو من علاماته مثله في قوله: (فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ) .]] لا يقدر على مثله منتقم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب