الباحث القرآني

الصلاة تكون لطفا في ترك المعاصي، فكأنها ناهية عنها. فإن قلت: كم من مصل يرتكب ولا تنهاه صلاته؟ قلت الصلاة التي هي الصلاة عند الله المستحق بها الثواب: أن يدخل فيها مقدّما للتوبة النصوح، متقيا، لقوله تعالى إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ويصليها خاشعا بالقلب والجوارح، فقد روى عن حاتم: كأنّ رجلي على الصراط والجنة عن يمينى والنار عن يساري وملك الموت من فوقى، وأصلى بين الخوف والرجاء، ثم يحوطها بعد أن يصليها فلا يحبطها، فهي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدا [[أخرجه الطبراني من رواية العلاء بن المسيب عمن ذكره عن ابن عباس بهذا موقوفا. ورواه الطبراني وابن أبى حاتم وابن مردويه من طريق ليث عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. وفي الباب عن ابن عمر. أخرجه الدارقطني في غرائب مالك. وفي إسناده محمد بن الحسن البصري. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. يروى عن مالك ما لا أصل له. وأخرجه أحمد في الزهد من قول ابن مسعود. وأخرجه عبد الرزاق والطبري والبيهقي في الشعب من مرسل الحسن]] . وعن الحسن رحمه الله: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فليست صلاته بصلاة، وهي وبال عليه. وقيل: من كان مراعيا للصلاة جرّه ذلك إلى أن ينتهى عن السيئات يوما ما، فقد روى أنه قيل لرسول الله ﷺ إنّ فلانا يصلى بالنهار ويسرق بالليل، فقال «إنّ صلاته لتردعه» [[أخرجه أحمد وإسحاق وابن حبان والبزار وأبو يعلى من طريق عيسى بن يونس ووكيع ومجاهد عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة. قال جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال إن فلانا يصلى بالليل فإذا أصبح سرق. فقال إن صلاته ستنهاه ورواه البزار من طريق زياد البكائى وأبو يعلى من طريق أبى إسحاق الفزاري كلاهما عن الأعمش عن أبى صالح عن جابر. قال البزار: اختلف فيه عن الأعمش فقيل عنه أيضا عن أبى سفيان عن جابر]] وروى أنّ فتى من الأنصار كان يصلى معه الصلوات، ولا يدع شيئا من الفواحش إلا ركبه، فوصف له فقال «إن صلاته ستنهاه» فلم يلبث أن تاب [[لم أجده]] . وعلى كل حال إنّ المراعى للصلاة لا بدّ أن يكون أبعد من الفحشاء والمنكر ممن لا يراعيها. وأيضا فكم من مصلين تنهاهم الصلاة عن الفحشاء والمنكر، واللفظ لا يقتضى أن لا يخرج واحد من المصلين عن قضيتها، كما تقول: إنّ زيدا ينهى عن المنكر فليس غرضك أنه ينهى عن جميع المناكير، وإنما تريد أنّ هذه الخصلة موجودة فيه وحاصلة منه من غير اقتضاء للعموم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ يريد: وللصلاة أكبر من غيرها من الطاعات، وسماها بذكر الله كما قال فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وإنما قال: ولذكر الله: ليستقلّ بالتعليل، كأنه قال: وللصلاة أكبر، لأنها ذكر الله. أو ولذكر الله عند الفحشاء والمنكر وذكر نهيه عنهما ووعيده عليهما أكبر، فكان أولى بأن ينهى من اللطف الذي في الصلاة. وعن ابن عباس رضى الله عنهما ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ من الخير والطاعة، فيثيبكم أحسن الثواب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب