الباحث القرآني
لَوْلا الأولى امتناعية وجوابها محذوف، والثانية تحضيضية، وإحدى الفاءين للعطف، والأخرى جواب لولا، لكونها في حكم الأمر، من قبل أن الأمر باعث على الفعل، والباعث والمحضض من واد واحد. والمعنى: ولولا أنهم قائلون إذا عوقبوا بما قدّموا من الشرك والمعاصي: هلا أرسلت إلينا رسولا، محتجين علينا بذلك: لما أرسلنا إليهم، يعنى: أن إرسال الرسول إليهم إنما هو ليلزموا الحجة ولا يلزموها، كقوله لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ، أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ، لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ. فإن قلت: كيف استقام هذا المعنى وقد جعلت العقوبة هي السبب في الإرسال لا القول، لدخول حرف الامتناع عليها دونه؟ قلت: القول هو المقصود بأن يكون سببا لإرسال الرسل، ولكن العقوبة لما كانت هي السبب للقول وكان وجوده بوجودها، جعلت العقوبة كأنها سبب الإرسال بواسطة القول، فأدخلت عليها لولا، وجيء بالقول معطوفا عليها بالفاء المعطية معنى السببية [[قال محمود: «لولا الأولى امتناعية، والثانية تحضيضية. والفاء الأولى عاطفة والثانية جواب لولا.
والمعنى: لولا أنهم قائلون إذا عوقبوا: لولا أرسلت إلينا رسولا، محتجين بذلك لما أرسلت إليهم أحدا. فان قلت:
كيف استقام هذا المعنى وقد جعلت العقوبة سببا في الإرسال لا القول، لدخول حرف الامتناع عليها دونه؟
قلت: العقوبة سبب القول، وهي سبب السبب، فجعلت سببا وعطف السبب الأصلى عليها بالفاء السببية» قال أحمد:
وذلك مثل قوله تعالى أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى والسر في جعل سبب السبب سببا، وعطف السبب الأصلى عليه أمران، أحدهما: أن مزيد العناية يوجب التقديم، وهذا هو السر الذي أبداه سيبويه. الثاني أن في هذا النظم تنبيها على سببية كل واحد منهما: أما الأول فلاقترانه بحرف التعليل، وهو «أن» وأما الثاني، فلاقترانه بفاء السبب، ولا يتعاطى هذا المعنى إلا من قولك أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ لا من قول القائل: أن تذكر إحداهما الأخرى إذا ضلت، وكان بعض النحاة يورد هذه الآية إشكالا على النحاة وعلى أهل السنة من المتكلمين، فيقول: «لولا» عند أهل الفن تدل على امتناع جوابها لوجود ما بعدها، وحينئذ يكون الواقع بعدها في الآية موجودا وهو عقوبة هؤلاء المذكورين بتقدير عدم بعثة الرسل، وجوابها المحذوف غير واقع وهو عدم الإرسال، لأنه ممتنع بالأولى. ومتى لم يقع عدم الإرسال كان الإرسال واقعا ضرورة، فيشكل الواقع بعدها على أهل السنة، لأنهم يقولون: لا ظلم قبل بعثه الرسل، فلا تتصور العقوبة بتقدير عدم البعثة، وذلك لأنها واقعة جزاء على مخالفة أحكام الشرع، فان لم يكن شرع فلا مخالفة ولا عقوبة. ويشكل الجواب على النحاة، لأنه يلزم أن لا يكون واقعا وهو عدم بعثة الرسل، لكن الواقع بعدها يقتضى وقوعه، ثم كان مورد هذا الاشكال يجيب عنه بتقدير محذوف. والأصل: ولولا كراهة أن تصيبهم مصيبة وحينئذ يزول الاشكال عن الطائفتين.
والتحقيق عندي في الجواب خلاف ذلك، وإنما جاء الاشكال من حيث عدم تجويز النحاة لمعنى لولا أن يقولون:
أنها تدل على أن ما بعدها موجود وأن جوابها ممتنع به، والتحرير في معناها أنها تدل على أن ما بعدها مانع من جوابها، عكس «لو» فان معناها لزوم جوابها لما بعدها، ثم المانع قد يكون موجودا وقد يكون مفروضا، والآية من قبيل فرض وجود المانع، وكذلك اللزوم في «لو» قد يكون الشيء الواحد لازما لشيئين، فلا يلزم نفيه من نفى أحد ملزوميه. وعلى هذا التحرير يزول الاشكال الوارد على «لو» في قوله: نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه، فتأمل هذا الفصل فتحته فوائد للمتأمل، والله الموفق.]] ، ويؤول معناه إلى قولك: ولولا قولهم هذا إذا أصابتهم مصيبة لما أرسلنا، ولكن اختيرت هذه الطريقة لنكتة: وهي أنهم لو لم يعاقبوا مثلا على كفرهم وقد عاينوا ما ألجئوا به إلى العلم اليقين: لم يقولوا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا وإنما السبب في قولهم هذا هو العقاب لا غير لا التأسف على ما فاتهم من الإيمان بخالقهم. وفي هذا من الشهادة القوية على استحكام كفرهم ورسوخه فيهم ما لا يخفى، كقوله تعالى وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ. ولما كانت أكثر الأعمال تزاول بالأيدى: جعل كل عمل معبرا عنه باجتراح الأيدى وتقديم الأيدى وإن كان من أعمال القلوب، وهذا من الاتساع في الكلام وتصيير الأقل تابعا للأكثر وتغليب الأكثر على الأقل.
{"ayah":"وَلَوۡلَاۤ أَن تُصِیبَهُم مُّصِیبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَیۡدِیهِمۡ فَیَقُولُوا۟ رَبَّنَا لَوۡلَاۤ أَرۡسَلۡتَ إِلَیۡنَا رَسُولࣰا فَنَتَّبِعَ ءَایَـٰتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق