التحريم: استعارة للمنع لأنّ من حرم عليه الشيء فقد منعه. ألا ترى إلى قولهم: محظور.
وحجر، وذلك لأن الله منعه أن يرضع ثديا، فكان لا يقبل ثدي مرضع قط، حتى أهمهم ذلك.
والمراضع: جمع مرضع، وهي المرأة التي ترضع. أو جمع مرضع، وهو موضع الرضاع يعنى الثدي أو الرضاع مِنْ قَبْلُ من قبل قصصها أثره. روى أنها لما قالت وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ قال هامان: إنها لتعرفه وتعرف أهله، فقالت: إنما أردت وهم للملك ناصحون [[قال محمود: «إنهم اتهموها لما قالت وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ بمعرفة موسى عليه السلام، فقالت إنما أردت وهم للملك فرعون ناصحون، فخلصت من التهمة» قال أحمد: أوردت هذه التورية استحسانا لفطنتها، ولكونها من بيت النبوة، وأخت النبي، فحقيق لها ذلك.]] والنصح:
إخلاص العمل من شائب الفساد، فانطلقت إلى أمها بأمرهم، فجاءت بها والصبىّ على يد فرعون يعلله شفقة عليه وهو يبكى يطلب الرضاع، فحين وجد ريحها استأنس والتقم ثديها، فقال لها فرعون: ومن أنت منه فقد أبى كل ثدي إلا ثديك؟ قالت: إنى امرأة طيبة الريح طيبة اللبن، لا أوتى بصبى إلا قبلني، فدفعه إليها وأجرى عليها، وذهبت به إلى بيتها، وأنجز الله وعده في الردّ، فعندها ثبت واستقرّ في علمها أن سيكون نبيا. وذلك قوله وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ يريد. وليثبت علمها ويتمكن. فإن قلت: كيف حل لها أن تأخذ الأجر على إرضاع ولدها؟ قلت: ما كانت تأخذه على أنه أجر على الرضاع، ولكنه مال حربىّ كانت تأخذه على وجه الاستباحة. وقوله وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ داخل تحت علمها. المعنى: لتعلم أن وعد الله حق، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أنه حق فيرتابون. ويشبه التعريض بما فرط منها حين سمعت بخبر موسى، فجزعت وأصبح فؤادها فارغا يروى أنها حين ألقت التابوت في اليم جاءها الشيطان فقال لها: يا أم موسى، كرهت أن يقتل فرعون موسى فتؤجرى، ثم ذهبت فتوليت قتله، فلما أتاها الخبر بأن فرعون أصابه قالت: وقع في يد العدوّ، فنسيت وعد الله. ويجوز أن يتعلق وَلكِنَّ بقوله وَلِتَعْلَمَ ومعناه: أن الرّد إنما كان لهذا الغرض الديني، وهو علمها بصدق وعد الله. ولكنّ الأكثر لا يعلمون بأن هذا هو الغرض الأصلى الذي ما سواه تبع له:
من قرّة العين وذهاب الحزن.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["۞ وَحَرَّمۡنَا عَلَیۡهِ ٱلۡمَرَاضِعَ مِن قَبۡلُ فَقَالَتۡ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰۤ أَهۡلِ بَیۡتࣲ یَكۡفُلُونَهُۥ لَكُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ نَـٰصِحُونَ","فَرَدَدۡنَـٰهُ إِلَىٰۤ أُمِّهِۦ كَیۡ تَقَرَّ عَیۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَ وَلِتَعۡلَمَ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ"],"ayah":"۞ وَحَرَّمۡنَا عَلَیۡهِ ٱلۡمَرَاضِعَ مِن قَبۡلُ فَقَالَتۡ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰۤ أَهۡلِ بَیۡتࣲ یَكۡفُلُونَهُۥ لَكُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ نَـٰصِحُونَ"}