الباحث القرآني

لولا الأولى للتحضيض، وهذه لامتناع الشيء لوجود غيره. والمعنى: ولولا أنى قضيت أن أتفضل عليكم في الدنيا بضروب النعم التي من جملتها الإمهال للتوبة، وأن أترحم عليكم في الآخرة بالعفو والمغفرة، لعاجلتكم بالعقاب على ما خضتم فيه من حديث الإفك. يقال: أفاض في الحديث، واندفع، وهضب، وخاض إِذْ ظرف لمسكم، أو لأفضتم تَلَقَّوْنَهُ يأخذه بعضكم من بعض. يقال: تلقى القول وتلقنه وتلقفه. ومنه قوله تعالى فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ وقرئ على الأصل: تتلقونه. وإذ تلقونه، بإدغام الذال في التاء [[قوله «وإذ تلقونه» لعل رسمه هكذا «واتلقونه» إلا أن يعتبر ما قبل الإدغام. (ع)]] . وتلقونه، من لقيه بمعنى لقفه. وتلقونه، من إلقائه بعضهم على بعض. وتلقونه وتألقونه، من الولق والألق: وهو الكذب. وتلقونه: محكية عن عائشة رضى الله عنها، وعن سفيان: سمعت أمى تقرأ: إذ تثقفونه [[قوله «سمعت أمى تقرأ إذا تثقفونه» وفي نسخة تنقفونه، بمعنى تتبعونه، وكلا النسختين قراءة. (ع)]] ، وكان أبوها يقرأ بحرف عبد الله بن مسعود رضى الله عنه. فإن قلت: ما معنى قوله بِأَفْواهِكُمْ والقول لا يكون إلا بالفم؟ قلت: معناه أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب، فيترجم عنه اللسان [[قال محمود: «إن قلت القول لا يكون إلا بالأفواه، فما فائدة ذكرها؟ قلت: المراد أن هذا القول لم يكن عبارة عن علم قام بالقلب، وإنما هو مجرد قول اللسان» قال أحمد: ويحتمل أن يكون المراد المبالغة، أو تعريضا بأنه ربما يتمشدق ويقضى تمشدق جازم عالم، وهذا أشد وأقطع، وهو السر الذي أنبا عنه قوله تعالى قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ والله أعلم.]] . وهذا الإفك ليس إلا قولا يجرى على ألسنتكم ويدور في أفواهكم من غير ترجمة عن علم به في القلب، كقوله تعالى يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ، أى: تحسبونه صغيرة وهو عند الله كبيرة موجبة [[قوله «وهو عند الله كبيرة موجبة» لعله موجبة للعقاب. (ع)]] . وعن بعضهم أنه جزع عند الموت، فقيل له، فقال: أخاف ذنبا لم يكن منى على بال وهو عند الله عظيم. وفي كلام بعضهم: لا تقولنّ لشيء من سيئاتك حقير، فلعله عند الله نخلة وهو عندك نقير. وصفهم بارتكاب ثلاثة آثام وعلق مس العذاب العظيم بها، أحدها: تلقى الإفك بألسنتهم، وذلك أن الرجل كان يلقى الرجل فيقول له: ما وراءك؟ فيحدثه بحديث الإفك حتى شاع وانتشر فلم يبق بيت ولا ناد إلا طار فيه. والثاني: التكلم مما لا علم لهم به. والثالث: استصغارهم لذلك و «وعظيمة من العظائم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب