الباحث القرآني
هذه أم المنقطعة الكائنة بمعنى بل والهمزة، قد آذنت بالإضراب عما قبلها والإنكار لما بعدها، والمنكر: هو اتخاذهم آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ الموتى [[قوله «هم ينشرون الموتى» الأبشار: الأحياء بعد الموت. أفاده الصحاح. (ع)]] ، ولعمري أن من أعظم المنكرات أن ينشر الموتى بعض الموات. فإن قلت: كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة تنشر [[قال محمود: «إن قلت كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة ... الخ» قال أحمد: فيكون المنكر عليهم صريح الدعوى ولازمها وهو أبلغ في الإنكار، والله سبحانه وتعالى أعلم.]] وما كانوا يدعون ذلك لآلهتهم؟ وكيف وهم أبعد شيء عن هذه الدعوى وذلك أنهم كانوا- مع إقرارهم لله عزّ وجل بأنه خالق السماوات والأرض وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ وبأنه القادر على المقدورات كلها وعلى النشأة الأولى- منكرين البعث ويقولون: من يحيى العظام وهي رميم، وكان عندهم من قبيل المحال الخارج عن قدرة القادر كثانى القديم، فكيف يدعونه للجماد الذي لا يوصف بالقدرة رأسا؟ قلت: الأمر كما ذكرت، ولكنهم بادّعائهم لها الإلهية، يلزمهم أن يدعوا لها الإنشار، لأنه لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور، والإنشار من جملة المقدورات. وفيه باب من التهكم بهم والتوبيخ والتجهيل، وإشعار بأنّ ما استبعدوه من الله لا يصح استبعاده، لأنّ الإلهية لما صحت صحّ معها الاقتدار على الإبداء والإعادة. ونحو قوله مِنَ الْأَرْضِ قولك: فلان من مكة أو من المدينة، تريد: مكي أو مدنى. ومعنى نسبتها إلى الأرض: الإيذان بأنها الأصنام التي تعبد في الأرض: لأنّ الآلهة على ضربين: أرضية وسماوية. ومن ذلك حديث الأمة التي قال لها رسول الله ﷺ: «أين ربك» ؟ فأشارت إلى السماء، فقال إنها مؤمنة [[أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما من حديث معاوية بن الحكم السلمي.]] لأنه فهم منها أنّ مرادها نفى الآلهة الأرضية التي هي الأصنام، لا إثبات السماء مكانا لله عزّ وجلّ. ويجوز أن يراد آلهة من جنس الأرض، لأنها إمّا أن تنحت من بعض الحجارة، أو تعمل من بعض جواهر الأرض. فإن قلت: لا بدّ من نكتة في قوله هُمْ [[عاد كلامه. قال محمود: «إن قلت لا بد لقوله هُمْ من فائدة، وإلا فالكلام مستقل بدونها ... الخ» قال أحمد: وفي هذه النكتة نظر، لأن آلات الحصر مفقودة، وليس ذلك من قبيل: صديقي زيد، فان المبتدأ في الآية أخص شيء لأنه ضمير. وأيضا فلا ينبغي على ذلك إلزامهم حصر الألوهية فيهم، وتخصيص الانشار بهم، ونفيه عن الله تعالى، إذ هذا لا يناسب السياق، فانه قال عقبها: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا. ومعناه: لو كان فيهما إله غير الله شريكا لله لفسدتا، وكان مقتضى ما قال الزمخشري أن يقال: لو لم يكن فيهما آلهة إلا الأصنام لفسدتا. وأما والمتلوّ على خلاف ذلك، فلا وجه لما قال الزمخشري. وعندي أنه يحتمل والله أعلم أن تكون فائدة قوله هُمْ الإيذان بأنهم لم يدعوا لها الانشار، وأن قوله هُمْ يُنْشِرُونَ استئناف إلزام لهم، وكأنه قال: اتخذوا آلهة مع الله عز وجل فهم إذن يحيون الموتى ضرورة كونهم آلهة، ثم لما انتظم من دعواهم الألوهية للأصنام وإلزامهم على ذلك أن يصفوهم بالقدرة الكاملة على إحياء الموتى، نظم في إبطال هذه الدعوى وما ألزمهم عليها دليل قوله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا وأزيد هذا التقرير وضوحا فأقول: إن دليل التمانع المغترف من بحر هذه الآية، المقتبس من نورها، يورده المتكلمون على صورة التقسيم، فيقولون: لو وجد مع الله إله آخر، وربما قالوا: لو فرضنا وجود إلهين، فاما أن يكونا جميعا موصوفين بصفات الكمال اللاتي يندرج فيها القدرة على إحياء الموتى وإنشارهم وغير ذلك من الممكنات، أو لا يتصف بها واحد منهما أو أحدهما دون الآخر، ثم يحيلون جميع الأقسام وهو المسمى برهان الخلف. وأدق الأقسام إبطالا قسم اتصافهما جميعا بصفات الكمال، وما عداه فببادئ الرأى يبطل. فانظر كيف اختار له تعالى إبطال هذا القسم الخفي البطلان، فأوضح فساده في أخصر أسلوب وأوجزه، وأبلغ بديع الكلام ومعجزه. وإنما ينتظم هذا على أن يكون المقصد من قوله هُمْ يُنْشِرُونَ إلزامهم ادعاء صفات الألوهية لآلهتهم، حتى يتحرى أنهم اختاروا القسم الذي أبطله الله تعالى، ووكل إبطال ما عداه من الأقسام إلى ما ركبه في عباده من العقول، وكل خطب بعد بطلان هذا القسم جلل، والله الموفق. فتأمل هذا الفصل بعين الانصاف. تجده أنفس الانصاف، والله المستعان.]] قلت: النكتة فيه إفادة معنى الخصوصية، كأنه قيل: أم اتخذوا آلهة لا يقدر على الإنشار إلا هم وحدهم. وقرأ الحسن يُنْشِرُونَ وهما لغتان: أنشر الله الموتى، ونشرها. وصفت آلهة بإلا كما توصف بغير، لو قيل آلهة غير الله.
{"ayah":"أَمِ ٱتَّخَذُوۤا۟ ءَالِهَةࣰ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ هُمۡ یُنشِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق