الباحث القرآني

الأيام المعدودات. أيام التشريق، وذكر اللَّه فيها: التكبير في أدبار الصلوات وعند الجمار. وعن عمر رضى اللَّه عنه: أنه كان يكبر في فسطاطه بمنى فيكبر من حوله، حتى يكبر الناس في الطريق وفي الطواف فَمَنْ تَعَجَّلَ فمن عجل في النفر أو استعجل النفر. وتعجل، واستعجل: يجيئان مطاوعين بمعنى عجل. يقال: تعجل في الأمر واستعجل: ومتعديين، يقال: تعجل الذهاب واستعجله. والمطاوعة أوفق لقوله: (وَمَنْ تَأَخَّرَ) كما هي كذلك في قوله: قَدْ يُدْرِكُ الْمُتَأَنِّى بَعْضَ حَاجَتِهِ ... وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعجِلِ الزَّلَلُ [[والناس من يلق خيراً قائلون له ... ما يشتهى ولأم المخطئ الهبل قد يدرك المتأنى بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل وربما فات قوم جل أمرهم ... من التأنى وكان الرأى لو عجلوا للقطامى وقيل للأعشى. والناس مبتدأ. ومن يلق- يصب- خيراً، شرط حذف صدر جوابه، أى فهم قائلون له، والجملة خبر المبتدأ. ما يشتهى، أى الذي يريده من الدعاء بخير أو من المدح. وروى: ما تشتهي، فلعل معناه يقولون له: ما تشتهيه أنت يا مخاطب. ويجوز أن «ما» استفهامية، أى ما الذي تريده يا من لقيت الخير، لكن تبعده المقابلة. وهبلت المرأة هبلا، كتعبت تعباً: ثكلت ولدها وفقدته فحزنت عليه. أى ويقال لأم المخطئ الثكلى، فهو دعاء عليها بموت ولدها. ثم قال: قد يدرك المنهل بعض قصده ... وقد يكون مع المتعجل الخطأ وعجلته فتعجل واستعجل، ويتعديان أيضاً فيقال: تعجل الأمر واستعجله. ثم قال: وقد يفوت قوما معظم قصدهم بسبب التأنى وكان الرأى الصواب عجلتهم، فلو مصدرية. والمعنى أن بعض الحاجات يناسبها التمهل، وبعضها التعجل. ويجوز أن «لو عجلوا» هو اسم كان والرأى بالنصب خبرها. وروى بدله الحزم، والمعنى متقارب. وفي الكلام نوع بديعى يسمى العكس والتبديل، وهو الإتيان بنقيض المعنى المشهور كما هنا، فان مدح التأنى هو المشهور، ومدح العجلة يناقضه. أفاده السيوطي في شرح عقود الجمان.]] لأجل المتأنى فِي يَوْمَيْنِ بعد يوم النحر يوم القرّ [[قوله «يوم النحر يوم القر» في الصحاح: لأن الناس يقرون في منازلهم. (ع)]] وهو اليوم الذي يسميه أهل مكة يوم الرؤوس، واليوم بعده ينفر إذا فرغ من رمى الجمار كما يفعل الناس اليوم وهو مذهب الشافعي ويروى عن قتادة. وعند أبى حنيفة وأصحابه ينفر قبل طلوع الفجر وَمَنْ تَأَخَّرَ حتى رمى في اليوم الثالث. والرمي في اليوم الثالث يجوز تقديمه على الزوال عند أبى حنيفة. وعند الشافعي لا يجوز. فإن قلت: كيف قال فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ عند التعجل والتأخر جميعاً؟ قلت: دلالة على أنّ التعجل والتأخر مخير فيهما، كأنه قيل: فتعجلوا أو تأخروا. فإن قلت: أليس التأخر بأفضل؟ قلت: بلى، ويجوز أن يقع التخيير بين الفاضل والأفضل كما خير المسافر بين الصوم والإفطار وإن كان الصوم أفضل [[قال محمود رحمه اللَّه: «إنما نفى الإثم في الطرفين جميعاً ليدل على التخيير بين الأمرين الفاضل والأفضل، كما خير المسافر بين الصوم والفطر وإن كان الصوم أفضل» . قال أحمد رحمه اللَّه: قوله- إن التخيير يقع بين الفاضل والأفضل- غير مستقيم، فان التخيير يوجب التساوي في غرض المخير، وينافي طلب أحد الطرفين والأمر به. وكيف يستقيم اجتماع ما يوجب الطلب والترجيح وما يوجب التساوي والتخيير. وقد وقع لإمام الحرمين قريب من هذا، فانه ميز الوجوب من الندب بأن الندب يشتمل على اقتران الأمر بخيرة الترك ولا كذلك الوجوب، ولم يرضه محققو الفن وإنما أخل الزمخشري في تفسيره الآية فلزمه ذلك السؤال الوارد عليه. وبيان عدم التطابق بين تفسيره والآية، أى مضمونها نفى الإثم عن الطرفين جميعاً، وهذا القدر مشترك بين الندب والكراهة والاباحة، لكن يتميز الندب بترجيح الفعل على الترك، وتتميز الكراهة والاباحة بالتخيير بينهما فلا تنافى إذاً بين الندب إلى التأخير وأنه أفضل، وبين نفى الإثم عن تاركه إلى التعجيل. وحينئذ لا يرد السؤال الذي لزمه فأجاب عنه.]] وقيل: إنّ أهل الجاهلية كانوا فريقين: منهم من جعل المتعجل آثما، ومنهم من جعل المتأخر آثما فورد القرآن بنفي المأثم عنهما جميعاً لِمَنِ اتَّقى أى ذلك التخيير. ونفى الإثم عن المتعجل والمتأخر لأجل الحاج المتقى: لئلا يتخالج في قلبه شيء منهما فيحسب أنّ أحدهما يرهق صاحبه آثام في الإقدام عليه، لأنّ ذا التقوى حذر متحرّز من كل ما يريبه، ولأنه هو الحاج على الحقيقة عند اللَّه. ثم قال وَاتَّقُوا اللَّهَ ليعبأ بكم. ويجوز أن يراد ذلك الذي مرّ ذكره من أحكام الحج وغيره لمن اتقى، لأنه هو المنتفع به دون من سواه، كقوله: (ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ) .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب