الباحث القرآني

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ ولنصيبنكم بذلك إصابة تشبه فعل المختبر لأحوالكم، هل تصبرون وتثبتون على ما أنتم عليه من الطاعة وتسلمون لأمر اللَّه وحكمه أم لا؟ بِشَيْءٍ بقليل من كل واحد من هذه البلايا وطرف منه وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ المسترجعين عند البلاء لأنّ الاسترجاع تسليم وإذعان. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم «من استرجع عند المصيبة جبر اللَّه مصيبته وأحسن عقباه وجعل له خلفا صالحاً يرضاه» [[أخرجه الطبري والطبراني والبيهقي في الشعب من رواية على بن أبى طلحة عن ابن عباس، قال في قوله تعالى: (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) الآية: إن المؤمن إذا أسلم لأمر اللَّه واسترجع عند المصيبة أحرز ثلاث خصال من الخير: الصلاة من اللَّه، والرحمة. وتحقيق سبيل الهدى. وقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: من استرجع ... فذكره.]] . وروى أنه طفئ سراج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال «إنا للَّه وإنا إليه راجعون» فقيل: أمصيبة هي؟ قال «نعم كل شيء يؤذى المؤمن فهو له مصيبة» [[أخرجه أبو داود في المراسيل من حديث عمران القصير قال طفئ مصباح النبي صلى اللَّه عليه وسلم فاسترجع فقالت عائشة رضى اللَّه عنها: إنما هذا مصباح. فقال: كل ما ساء المؤمن فهو مصيبة.]] وإنما قلل في قوله: (بِشَيْءٍ) ليؤذن أن كل بلاء أصاب الإنسان وإن جل ففوقه ما يقل إليه، وليخفف عليهم ويريهم أن رحمته معهم في كل حال لا تزايلهم وإنما وعدهم ذلك قبل كونه ليوطنوا عليه نفوسهم. (وَنَقْصٍ) عطف على: (بِشَيْءٍ) أو على الخوف، بمعنى: وشيء من نقص الأموال. والخطاب في: (وَبَشِّرِ) لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، أو لكل من يتأتى منه البشارة. وعن الشافعي رحمه اللَّه في الخوف: خوف اللَّه. والجوع: صيام شهر رمضان والنقص من الأموال: الزكوات والصدقات، ومن الأنفس: الأمراض، ومن الثمرات موت الأولاد [[قال محمود رحمه اللَّه: «وعن الشافعي رضى اللَّه عنه: الخوف خوف اللَّه، والجوع: صيام شهر رمضان، والنقص من الأموال: الزكوات، ومن الأنفس: الأمراض، ومن الثمرات: موت الأولاد» قال أحمد: وفي تفسيره هذا نظر، لأن هذا الابتلاء موعود به في المستقبل، مذكور قبل وقوعه توطنا عليه عند الوقوع، ولعله ما من بلية ذكرها إلا وقد تقدمت لهم قبل نزول الآية، إذ الخوف من اللَّه تعالى لم يزل مشحونا في قلوب المؤمنين، ويبعد أن يعبر عن الصدقة بالنقص وقد عبر عنها الشرع بالزكاة التي هي النمو ضد النقص وورد. ما نقص مال من صدقة» ويمكن أن يقال هي نقص حساً وإنما سميت زكاة باعتبار ما يؤول إليه حال القيام بها من النمو فالعوض المرجو من كرم اللَّه خلف فلما ذكرها اللَّه تعالى في سياق الابتلاء الموعود بها عبر عنها بالزكاة تسهيلا لاخراجها على المكلف لأنه إذا استشعر العوض من اللَّه تعالى ونمو ماله بذلك، هان عليه بذلها وسمحت نفسه لذلك.]] . وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم، إذا مات ولد العبد قال اللَّه تعالى للملائكة: أقبضتم ولد عبدى؟ فيقولون: نعم، فيقول: أقبضتم ثمرة قلبه؟ فيقولون: نعم، فيقول اللَّه تعالى: ماذا قال عبدى؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول اللَّه تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد [[أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب. وأخرجه أحمد وغيره من حديث. وصححه ابن حبان. ورواه البيهقي في الشعب مرفوعا وموقوفا.]] . والصلاة: الحنو والتعطف، فوضعت موضع الرأفة وجمع بينها وبين الرحمة. كقوله تعالى: (رَأْفَةً وَرَحْمَةً) (لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) . والمعنى: عليهم رأفة بعد رأفة. ورحمة أىّ رحمة. وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ لطريق الصواب حيث استرجعوا وسلموا لأمر اللَّه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب