الباحث القرآني

وَمَنْ يَرْغَبُ إنكار واستبعاد لأن يكون في العقلاء من يرغب عن الحق الواضح الذي هو ملة إبراهيم. ومَنْ سَفِهَ في محل الرفع على البدل من الضمير في يرغب، وصح البدل لأنّ من يرغب غير موجب، كقولك: هل جاءك أحد إلا زيد (سَفِهَ نَفْسَهُ) امتهنها واستخف بها. وأصل السفه: الخفة. ومنه زمام سفيه. وقيل انتصاب النفس على التمييز، نحو: غبن رأيه وألم رأسه. ويجوز أن يكون في شذوذ تعريف المميز نحو قوله: وَلَا بِفَزَارَةَ الشُّعُرِ الرِّقَابَا [[فما قومي بثعلبة بن سعد ... ولا بفزارة الشعر الرقابا وقومي- إن سألت- بنو لؤي ... بمكة علموا مضر الصوابا لحارث بن ظالم المري، يدعى أنه من قريش، وأن أمه خرجت به إلى مرة وهو صغير، فنسب إليهم. وثعلبة وفزارة ومضر: أسماء قبائل، ووصف ثعلبة بابن لها للأصل فانه اسم أبى القبيلة. والشعر: جمع أشعر كحمر وأحمر. والرقاب: تمييز معرفة على رأى الكوفيين. وأشعر الرقبة يطلق على الأسد، وعلى أغم القفا- وهو المراد. يقول: ليس قومي هؤلاء الأخسة، وإنما أنا من بنى لؤي. وإن سألت: اعتراض بين المبتدأ وخبره. ومضر، والصواب: مفعولان لعلموا.]] أجَبَّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ [[فان يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع الناس والشهر الحرام ونأخذ بعده بذئاب عيش ... أجب الظهر ليس له سنام النابعة الذبياني يرثى النعمان المعافى بن الحارث الأصغر ملك العرب. وقيل لجرير، وليس بذاك. يقول: فان يتبين هلاك النعمان يتبين هلاك ربيع الناس. شبهه بالربيع وهو المطر، أو النهر، أو فصل الربيع، أو الخصب، في أن كلا يعم خيره الناس. وشبهه بالشهر الحرام في أن كلا أمان للناس من الحروب والمخاوف. وروى: والبلد الحرام. أى مكة. شبهه بها في الأمان أيضا. ويجوز أن المعنى إن يهلك هو يهلك تبعا له عطاؤه وجاهه الشبيهان بالربيع وبالشهر الحرام في النفع والأمان، وكل ذلك على سبيل الاستعارة التصريحية. ويجوز أنه كان يحفظ لهم ربيعهم عن رعى غيرهم وحرمة شهرهم عن هتكها، بأن يغار عليهم فيه، فلا استعارة إلا في هلاك الشهر. وروى نأخذ: بالحركات الثلاث، وكذلك كل مضارع معطوف على جواب الشرط، فالجزم على العطف، والرفع على الاستئناف. والنصب بإضمار إن لشبه الشرط بالنفي، لكنه قليل. والذناب- بالكسر-: ذنب البعير والفرس، وعقب كل شيء. وشبه العيش الضنك الضيق الناقص ببعير مهزول على طريق المكنية. والذناب، والظهر، والسنام- بالفتح- تخييل، وأجب الظهر: منقطعه، أى ونتمسك بعده بطرف عيش وبقية منه ضيقة قليلة، كالبعير المقطوع الظهر، وبين ذلك بقوله: ليس له سنام. وأجب: صفة مشبهة ممنوع من الصرف، فيجر بالفتحة على الصفة لعيش. وقيل نصب على الحال. وروى بالرفع على الخبرية لمحذوف، ويروى الظهر بالرفع، فاعلا للصفة، أو بدلا من الضمير فيها وفتحه النحاة، وبالنصب تشبيها بالمفعول أو تمييزاً على مذهب من ميز بالمعرفة وضعفوه وبالجر باضافة أجب إليه فيجر أجب بالكسرة، وحسنوا هذا.]] وقيل معناه: سفه في نفسه، فحذف الجار، كقولهم: زيد ظنى مقيم، أى في ظنى. والوجه هو الأوّل. وكفى شاهداً له بما جاء في الحديث [[أخرجه البزار من رواية ابن إسحاق عن عمرو بن دينار عن ابن عمر «قيل: يا رسول اللَّه، أمن الكبر أن يتخذ الرجل الطعام فيكون عليه الجماعة، يلبس القميص النظيف» قال: ليس ذلك بالكبر. وإنما الكبر أن تسفه الحق وتغمص الناس» وذكر فيه قصة. وقال: لا نعلم رواه عن عمرو عن ابن عمر إلا ابن إسحاق اه. وأخرجه الطبراني من رواية ابن إسحاق عن عمرو بن دينار عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال «قلت يا رسول اللَّه أمن الكبر أن ألبس الثوب الحسن؟ قال: لا. قلت: فما الكبر؟ فذكره» ورواه البخاري في الأدب المفرد. من طريق الصعب بن زهير عن زيد بن أسلم قال لا نعلمه إلا عن عطاء بن يسار عن عبد اللَّه بن عمرو قال «جاء رجل فقال يا رسول اللَّه: الكبر أن يكون لأحدنا حلة يلبسها؟ قال: لا ... الحديث» وأخرجه أيضا من رواية عبد العزير ابن محمد. وأخرجه البزار. من رواية أبى بكر بن أبى سبرة. وأخرجه أحمد في الزهد من رواية هشام بن سعد كلهم عن زيد به. وقال عبد بن حميد في مسنده: أخبرنا عبد اللَّه بن موسى عن موسى بن عبيدة عن زيد بن أسلم عن جابر فذكر حديثا وفيه: فقال معاذ «يا رسول اللَّه أمن الكبر أن يكون لأحدنا الدابة فيركبها، أو النعلان، أو الثياب يلبسها، أو الطعام يجمع عليه أصحابه؟ قال: لا. ولكن الكبر أن يسفه الحق ويغمص المؤمنين» وموسى ضعيف. وفي الطبراني من رواية عبد الحميد بن سليمان، عن عمارة بن غزية عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها. أن عبد اللَّه ابن عمرو قال «يا رسول اللَّه، أمن الكبر أن ألبس الحلة الحسنة؟ الحديث» وأخرجه الطبراني في الأوسط، ومسند الشاميين عن عطاء الخراساني عن نافع عن ابن عمر نحوه، وفي الباب عن أبى هريرة: أخرجه ابن حبان وأخاكم من طريق ابن سيرين عنه، وعن ابن مسعود، أخرجه إسحاق وأبو يعلى والحاكم: أن مالك بن مرارة الرهاوي. قال «يا رسول اللَّه إن لي من الجمال ما ترى، وإنى لا أحب أحداً ان يفضلني بشركين فما فوقهما. أفهذا من البغي؟ قال: لا. الحديث» وعن أبى ريحانة. أخرجه أحمد والطبراني. وعن ثابت بن قيس، أخرجه الدارمي والطبراني. وعن سوداء بن عمرو والحسين بن على أخرجهما الطبراني. وعن ابن عباس. أخرجه عبد بن حميد وعن عقبة بن عامر أخرجه أبو مسلم في الجامع من السنن له.]] «الكبر أن تسفه الحق وتغمص الناس [[قوله «وتغمص الناس» أى تستصغرهم وتعيبهم. أفاده الصحاح (ع)]] » وذلك أنه إذا رغب عما لا يرغب عنه عاقل قط فقد بالغ في إذالة نفسه [[قوله «في إذالة نفسه» أى إهانتها. أفاده الصحاح (ع)]] وتعجيزها، حيث خالف بها كل نفس عاقبة وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ بيان لخطإ رأى من رغب عن ملته، لأنّ من جمع الكرامة عند اللَّه في الدارين، بأن كان صفوته وخيرته في الدنيا وكان مشهوداً له بالاستقامة على الخير في الآخرة، لم يكن أحد أولى بالرغبة في طريقته منه إِذْ قالَ ظرف لاصطفيناه، أى: اخترناه في ذلك الوقت. أو انتصب بإضمار «اذكر» استشهاداً على ما ذكر من حاله. كأنه قيل: اذكر ذلك الوقت لتعلم أنه المصطفى الصالح الذي لا يرغب عن ملة مثله. ومعنى قال له: أسلم، أخطر بباله النظر في الدلائل المؤدية إلى المعرفة والإسلام قالَ أَسْلَمْتُ أى فنظر وعرف. وقيل أسلمْ: أى أذعنْ وأطعْ. وروى أنّ عبد اللَّه بن سلام دعا ابني أخيه سلمة ومهاجراً إلى الإسلام فقال لهما: قد علمنا أنّ اللَّه تعالى قال في التوراة: إنى باعث من ولد إسماعيل نبيا اسمه أحمد، فمن آمن به فقد اهتدى ورشد، ومن لم يؤمن به فهو ملعون. فأسلم سلمة وأبى مهاجر أن يسلم، فنزلت.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب