الباحث القرآني

وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا برسول اللَّه والقرآن وَاتَّقَوْا اللَّه فتركوا ما هم عليه من نبذ كتاب اللَّه واتباع كتب الشياطين لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ وقرئ: لمثوبة، كمشورة ومشورة لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ أنّ ثواب اللَّه خير مما هم فيه وقد علموا، ولكنه جهلهم لترك العمل بالعلم. فإن قلت: كيف أوثرت الجملة الاسمية على الفعلية في جواب لو؟ قلت: لما في ذلك من الدلالة على ثبات المثوبة واستقرارها كما عدل عن النصب إلى الرفع في سلام عليكم لذلك، فإن قلت: فهلا قيل لمثوبة اللَّه خير؟ قلت: لأنّ المعنى: لشيء من الثواب خير لهم. ويجوز أن يكون قوله (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) تمنيا [[قال محمود رحمه اللَّه: «ويجوز أن يكون قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) تمنيا ... الخ» قال أحمد رحمه اللَّه: التمني مجاز عن إرادة اللَّه تعالى لايمانهم وتقواهم من طراز تفسيره للعل بالارادة والرد عليه على سبيل ثم.]] لإيمانهم على سبيل المجاز عن إرادة اللَّه إيمانهم واختيارهم له، كأنه قيل وليتهم آمنوا:، ثم ابتدئ لمثوبة من عند اللَّه خير. كان المسلمون يقولون لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا ألقى عليهم شيئا من العلم: راعنا يا رسول اللَّه، أى راقبنا وانتظرنا وتأن بنا حتى نفهمه وتحفظه. وكانت لليهود كلمة يتسابون بها عبرانية أو سريانية وهي «راعينا» فلما سمعوا بقول المؤمنين: راعنا، افترصوه وخاطبوا به الرسول صلى اللَّه عليه وسلم وهم يعنون به تلك المسبة، فهي المؤمنون عنها وأُمروا بما هو في معناها وهو انْظُرْنا من نظره إذا انتظره. وقرأ أُبىّ: أنظرنا من النظرة، أى أمهلنا حتى نحفظ وقرأ عبد اللَّه بن مسعود: راعونا، على أنهم كانوا يخاطبونه بلفظ الجمع للتوقير: وقرأ الحسن: راعنا، بالتنوين من الرعن وهو الهوج، أى لا تقولوا قولا راعنا منسوبا إلى الرعن بمعنى رعنيا، كدارع ولابن لأنه لما أشبه قولهم: راعينا، وكان سببا في السب اتصف بالرعن وَاسْمَعُوا وأحسنوا سماع ما يكلمكم به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ويلقى عليكم من المسائل بآذان واعية وأذهان حاضرة، حتى لا تحتاجوا إلى الاستعانة وطلب المراعاة، أو واسمعوا سماع قبول وطاعة، ولا يكن سماعكم مثل سماع اليهود حيث قالوا: سمعنا وعصينا، أو واسمعوا ما أمرتم به بجدّ حتى لا ترجعوا إلى ما نهيتم عنه، تأكيدا عليهم ترك تلك الكلمة. وروى أن سعد بن معاذ سمعها منهم فقال: يا أعداء اللَّه، عليكم لعنة اللَّه، والذي نفسي بيده لئن سمعتها من رجل منكم يقولها لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لأضربن عنقه. فقالوا: أو لستم تقولونها [[أخرجه أبو نعيم في الدلائل من رواية محمد بن مروان السدى عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس. في قوله تعالى: (لا تَقُولُوا راعِنا) قال «راعنا» بلسان اليهود السب القبيح- فكانت اليهود تقولها لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سراً. فلما سمعها أصحابه أعلنوا بها. فكانوا يقولونها ويضحكون منها: فسمعها سعد بن معاذ منهم. قال فذكره. والسدى هذا الصغير متروك. وكذا شيخه.]] فنزلت. وَلِلْكافِرِينَ ولليهود الذين تهاونوا برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وسبوه عَذابٌ أَلِيمٌ من الأولى للبيان لأنّ الذين كفروا جنس تحته نوعان: أهل الكتاب، والمشركون كقوله تعالى: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) والثانية مزيدة لاستغراق الخير، والثالثة لابتداء الغاية. والخير الوحى، وكذلك الرحمة كقوله تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) والمعنى: أنهم يرون أنفسهم أحق بأن يوحى إليهم فيحسدونكم وما يحبون أن ينزل عليكم شيء من الوحى واللَّه يختص بالنبوّة مَنْ يَشاءُ ولا يشاء إلا ما تقتضيه الحكمة وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ إشعار بأنّ إيتاء النبوّة من الفضل العظيم كقوله تعالى: (إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب