الباحث القرآني
يحتمل أن يراد بالإنسان الجنس بأسره، وأن يراد بعض الجنس وهم الكفرة. فإن قلت: لم جازت إرادة الأناسى كلهم، وكلهم غير قائلين ذلك؟ قلت: لما كانت هذه المقالة موجودة فيمن هو من جنسهم، صح إسناده إلى جميعهم، كما يقولون: بنو فلان قتلوا فلانا، وإنما القاتل رجل منهم. قال الفرزدق:
فسيف بنى عبس وقد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد [[للفرزدق وهذا لقبه، واسمه همام أو هميم، يريد: ورقاء بن زهير بن جذيمة العبسي، أمره سليمان بن عبد الملك بضرب أعناق بعض أسرى الروم، وأعطاه سيفا لا يقطع فقال: بل أضربهم بسيف أبى رغوان مجاشع، يعنى نفسه، فضرب عنق خالد فانحرف السيف وارتفع عن المضرب، فضحكوا منه. ونسب السيف والضرب إلى بنى عبس مع أنهما لواحد منهم، تعظيما لهما وتفخيما. وجعله في اليدين إشارة إلى أنه كان مجمعا أمره وحازما عزمه غير متهاون..
والمعنى: أن الحذر لا ينفع من القدر كما وقع لورقاء، مع أنه في غاية الحرص، لا سيما أمام الملك. ويجوز أنه يريد ذم بنى عبس.]]
فقد أسند الضرب إلى بنى عبس مع قوله «نبا بيدي ورقاء» وهو ورقاء بن زهير بن جذيمة العبسي.
فإن قلت: بم انتصب إِذا وانتصابه بأخرج ممتنع لأجل اللام، لا تقول: اليوم لزيد قائم؟ قلت:
بفعل مضمر يدل عليه المذكور. فإن قلت: لام الابتداء الداخلة على المضارع تعطى معنى الحال، فكيف جامعت حرف الاستقبال؟ [[قال محمود: «إن قلت كيف اجتمعت اللام وهي للحال مع حرف الاستقبال ... الخ» قال أحمد:
ولاعتقاد تناقض الحرفين: منع الكوفيين اجتماعهما، وإنما جردت اللام من معناها لتلائم «سوف» دون أن تجرد سوف لتلائم اللام، لأنه لو عكس هذا للغت سوف، إذ لا معنى لها سوى الاستقبال. وأما اللام إذا جردت من الحال بقي لها التوكيد، فلم تلغ، فتعين، والله أعلم.]] قلت: لم تجامعها إلا مخلصة للتوكيد كما أخلصت الهمزة في يا الله للتعويض واضمحل عنها معنى التعريف. و «ما» في إِذا ما للتوكيد أيضا، فكأنهم قالوا:
أحقا أنا سنخرج أحياء حين يتمكن فينا الموت والهلاك؟ على وجه الاستنكار والاستبعاد.
والمراد الخروج من الأرض، أو من حال الفناء. أو هو من قولهم: خرج فلان عالما، وخرج شجاعا: إذا كان نادرا في ذلك، يريد: سأخرج حيا نادرا على سبيل الهزؤ. وقرأ الحسن وأبو حيوة:
لسوف أخرج. وعن طلحة بن مصرف رضى الله عنه: لسأخرج، كقراءة ابن مسعود رضى الله عنه: ولسيعطيك، وتقديم الظرف وإيلاؤه حرف الإنكار من قبل أن ما بعد الموت هو وقت كون الحياة منكرة، ومنه جاء إنكارهم، فهو كقولك للمسىء إلى المحسن: أحين تمت عليك نعمة فلان أسأت إليه: الواو عطفت لا يَذْكُرُ على يَقُولُ ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف، يعنى: أيقول ذاك ولا يتذكر حال النشأة الأولى حتى لا ينكر الأخرى [[قال محمود: «ذكر الله الإنسان النشأة الأولى ليعترف بالأخرى ... الخ» قال أحمد: مذهب أهل السنة أن إعادة المعدوم جائزة عقلا، ثم واقعة نقلا، والمعتزلة وإن وافقت على ذلك، إلا أنها تزعم أن المعدوم له ذات ثابتة في العدم، يقضى عليها بأنها شيء فليس عندهم عدم صرف ونفى محض قبل الوجود ولا بعده، فكأنهم لولا ذلك لقالوا بقول الفلاسفة الذين هم مختصرهم، ولأنكروا إعادة المعدوم كما أنكره القدماء. وعقيدة أهل السنة هي المطابقة للآية، لأن النشأة الأولى لم يتقدمها وجود، ولأن المنشأ ابتداء لم يكن شيئا قبل ذلك. وأما النشأة الثانية فقد تقدمها وجود، وكان المنشأ قبلها شيئا في زمان وجوده، ثم عدم وبطلت شيئيته، فظهر فرق ما بين النشأتين كما نطق به القرآن، وأما المعتزلة فان قالوا: إن الأجسام يعدمها الله ثم يوجدها، فقد قالوا الحق، لكن لا يتم على أصلهم فرق بين النشأتين، لأن المعدوم فيهما كان شيئا قبل النشأة، فان قالوا لا تنعدم الأجسام، وإنما تتفرق ثم تجمع كما صرح به الزمخشري، لأنه تفطن لأن القول بأن الأجسام تنعدم ثم يوجدها الله تعالى مع القول بأن المعدوم شيء- يبطل الفرق بين النشأتين ولم يطق ذلك، وقد نطق به القرآن فالتزم أن الأجسام لا تنعدم ليتم له الفرق بين النشأة الثانية- وإنما هي على هذا التقرير جمع وتأليف لموجود- وبين النشأة الأولى التي هي إيجاد معدوم، فتنبه لبعد غوره، ولكن هرب من القطر فوقع تحت الميزاب، فهو والحالة هذه كالمستغيث من الرمضاء بالنار، والله ولى التوفيق. ومعنى تفريق الله تعالى بين النشأتين: أن الجاحد متهافت لأنه اعترف بالأولى وهي أصعب بالنسبة إلى قياس العقل، وأنكر الثانية وهي أسهل وأهون، لأن ذلك راجع إلى قدرته تعالى. فان الكل لدى قدرة الله تعالى هين على سواه.]] فإن تلك أعجب وأغرب وأدل على قدرة الخالق، حيث أخرج الجواهر والأعراض من العدم إلى الوجود، ثم أوقع التأليف مشحونا بضروب الحكم التي تحار الفطن فيها، من غير حذو على مثال واقتداء بمؤلف. ولكن اختراعا وإبداعا من عند قادر جلت قدرته ودقت حكمته. وأما الثانية فقد تقدمت نظيرتها وعادت لها كالمثال المحتذى عليه. وليس فيها إلا تأليف الأجزاء الموجودة الباقية وتركيبها، وردها إلى ما كانت عليه مجموعة بعد التفكيك والتفريق. وقوله تعالى وَلَمْ يَكُ شَيْئاً دليل على هذا المعنى، وكذلك قوله تعالى وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ على أن رب العزة سواء عليه النشأتان، لا يتفاوت في قدرته الصعب والسهل، ولا يحتاج إلى احتذاء على مثال ولا استعانة بحكيم، ولا نظر في مقياس، ولكن يواجه جاحد البعث بذلك دفعا في بحر معاندته، وكشفا عن صفحة جهله. القراء كلهم على لا يَذْكُرُ بالتشديد إلا نافعا وابن عامر وعاصما رضى الله عنهم، فقد خففوا. وفي حرف أبىّ: يتذكر مِنْ قَبْلُ من قبل الحالة التي هو فيها وهي حالة بقائه.
{"ayahs_start":66,"ayahs":["وَیَقُولُ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوۡفَ أُخۡرَجُ حَیًّا","أَوَلَا یَذۡكُرُ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَـٰهُ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ یَكُ شَیۡـࣰٔا"],"ayah":"أَوَلَا یَذۡكُرُ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَـٰهُ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ یَكُ شَیۡـࣰٔا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق