الباحث القرآني
فإن قلت: يتعالى الله عن السهو والغفلة، فكيف يحسبه رسول الله ﷺ وهو أعلم الناس به غافلا حتى قيل وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا؟ قلت: إن كان خطابا لرسول الله ﷺ ففيه وجهان. أحدهما التثبيت على ما كان عليه من أنه لا يحسب الله غافلا، كقوله وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، كما جاء في الأمر يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ والثاني: أنّ المراد بالنهى عن حسبانه غافلا، الإيذان بأنه عالم بما يفعل الظالمون، لا يخفى عليه منه شيء، وأنه معاقبهم على قليله وكثيره على سبيل الوعيد والتهديد كقوله: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ يريد الوعيد. ويجوز أن يراد: ولا تحسبنه يعاملهم معاملة الغافل عما يعملون، ولكن معاملة الرقيب عليهم، المحاسب على النقير والقطمير، وإن كان خطابا لغيره ممن يجوز أن يحسبه غافلا، لجهله بصفاته، فلا سؤال فيه. وعن ابن عيينة: تسلية للمظلوم وتهديد للظالم، فقيل له. من قال هذا؟ فغضب وقال: إنما قاله من علمه. وقرئ: يؤخرهم، بالنون والياء تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ أى أبصارهم لا تقرّ في أماكنها من هول ما ترى مُهْطِعِينَ مسرعين إلى الداعي. وقيل: الإهطاع أن تقبل ببصرك على المرئي تديم النظر إليه لا تطرف مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ رافعيها لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ لا يرجع إليهم أن يطرفوا بعيونهم، أى:
لا يطرفون، ولكن عيونهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك للأجفان. أو لا يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم. الهواء: الخلاء الذي لم تشغله الأجرام، فوصف به فقيل: قلب فلان هواء إذا كان جبانا لا قوّة في قلبه ولا جرأة. ويقال للأحمق أيضا: قلبه هواء. قال زهير:
مِنَ الظُّلْمَانِ جُؤْجُؤُهُ هَوَاءُ [[كأن الرحل منها فوق صعل ... من الظلمان جؤجؤه هواء
أصك مصلم الأذنين أجنى ... له بالسن تنوم وآء
لزهير بن أبى سلمى يصف ناقته. والصعل: المنجرد شعر الرأس والصغير الرأس. والظلمان: جمع ظليم وهو ولد النعام، والجؤجؤ: الصدر. والهواء: الخالي الفارغ، وجعل صدره فارغا ليكون أسرع في السير إلى طعامه. والأصك:
الذي تصطك ركبتاه عند المشي لطول رجليه. وصلمه: قطعه. والتصليم: مبالغة. ويقال: أجنى الثمر إذا أدرك، وأجنت الأرض: كثر كلؤها وخصيها. والسن، المكان المستوى واسم موضع بعينه. والتنوم- وزن تنور-:
شجر تنفلق كمامه عن حب صغير تأكله أهل البادية، يغلب على لونه السواد. قيل: وهو شجر الشهدانج. والآء: جنس من الشجر واحده آءة. وقيل: ثمر ذلك الشجر يطلق على نوع من الصوت: والتنوم: فاعل أجنى، أى كثر له في ذلك المكان هذان النوعان.]]
لأنّ النعام مثل في الجبن والحمق. وقال حسان:
فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَوَاءُ [[ألا أبلغ أبا سفيان عنى ... فأنت مجوف نخب هواء
بأن سيوفنا تركت عبيداً ... وعبد الدار سادتها الإماء
هجوت محمداً فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء ... فشركما لخيركما الفداء
أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء
فان أبى ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
لحسان يهجو أبا سفيان قبل إسلامه. وألا التنبيه، والمأمور بالابلاغ غير معين، وكان الظن أن يقول: فانه، أى: أبا سفيان، لكن خاطبه بالذم لأنه أغيظ. ويجوز أن المأمور أبو سفيان، فهو منادى بحذف حرف النداء.
والمجوف والنخب والهواء: خالي الجوف، أو فارغ القلب من العقل والشجاعة. وروى بدل هذا الشطر «مغلغلة فقد برح الخفاء» والمغلغلة: الحارة من الغلة بالضم، وهي شدة العطش والحرارة. وقيل. المنقولة من مكان لآخر، وبرح كسمع: ذهب وزال. وقيل: ظهر واتضح من براح الأرض وهو البارز منها، فالخفا بمعنى التستر أو السر.
وإسناد الترك للسيوف مجاز عقلى، لأنها آلة للفعل. وعبيد بالتصغير قبيلة، وكذلك عبد الدار، وسادتها مبتدأ.
والإماء خبره، والجملة في محل المفعول الثاني لتركت، أى صيرت عبيداً لا سادة لها إلا النساء، وصيرت عبد الدار كذلك، يعنى: أننا أفنينا رجالهما الرؤساء الأشراف، فأشرافهما النساء لا غير، بل يجوز أنهم سواء الحرائر أيضاً، فلم يبق إلا الرقائق. وأتهجوه: استفهام توبيخي، والواو بعده للحال، أى: لا ينبغي ذلك شر وخير، من قبيل أفعل التفضيل، واختصا بحذف همزتهما تخفيفاً لكثرة استعمالهما، لكن المراد بهما هنا أصل الوصف لا الزيادة فيه والشر أبو سفيان، والجملة دعائية، دعا عليه بأن يكون فداء الرسول الله ﷺ، وأبرزه في صورة الإبهام لأجل الانصاف في الكلام، ولذلك لما سمعه الحاضرون قالوا: هذا نصف بيت قالته العرب، فعليك بالانصاف وأمن يهجو: استفهام إنكارى، أى ليس من يهجوه منكم ومن يمدحه وينصره منا مستويين. ويحتمل أن الهمزة للتنبيه، أو للنداء، والمنادى محذوف، أى: يا قوم أبى سفيان إن الذي يهجو رسول الله منكم والذي يمدحه وينصره منكم مستويان في عدم الاكتراث بهما وروى: فمن، ولا بد من تقدير، أى: من يهجوه ويخذله منكم ليقابل الخذلان النصر كالهجو والمدح، ثم إن في هذا دليلا على جواز حذف الموصول، وقد أجازه الكوفيون والأخفش، وتبعهم أبو مالك، وشرط كونه معطوفا على موصول آخر كما هنا. وقوله: ووالده، أى والد أمى. ويروى:
ووالدتي. والوقاء: ما يتوقى به المكروه، كالترس وزن الحزام والرباط للمفعول به الفعل، فهو إما بمعنى اسم مفعول أو اسم الآلة، ورأيت في كلام الزمخشري ما يفيد تسمية هذا الوزن باسم المفعول. وفي الهمع ما يفيد أنه جاء شاذا من أوزان الآلة، كأراث لما تؤرث به النار، أى تضرم به، وسراد لما يسرد به، أى يحزز به. ولما سمع ﷺ قوله «وعند الله في ذلك الجزاء» قال: جزاك الله الجنة بإحسان. ولما سمع قوله «فان أبى» قال: وقال الله حر النار بإحسان. وتقريره ﷺ على المكافأة بالذم، يدل على الجواز.]] وعن ابن جريج أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ صفر من الخير خاوية منه. وقال أبو عبيدة: جوف لا عقول لهم.
{"ayahs_start":42,"ayahs":["وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلًا عَمَّا یَعۡمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَۚ إِنَّمَا یُؤَخِّرُهُمۡ لِیَوۡمࣲ تَشۡخَصُ فِیهِ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ","مُهۡطِعِینَ مُقۡنِعِی رُءُوسِهِمۡ لَا یَرۡتَدُّ إِلَیۡهِمۡ طَرۡفُهُمۡۖ وَأَفۡـِٔدَتُهُمۡ هَوَاۤءࣱ"],"ayah":"مُهۡطِعِینَ مُقۡنِعِی رُءُوسِهِمۡ لَا یَرۡتَدُّ إِلَیۡهِمۡ طَرۡفُهُمۡۖ وَأَفۡـِٔدَتُهُمۡ هَوَاۤءࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











