لَنْ يُؤْمِنَ إقناط من إيمانهم، وأنه كالمحال الذي لا تعلق به للتوقع إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ إلا من قد وجد منه ما كان يتوقع من إيمانه، وقد للتوقع وقد أصابت محزها فَلا تَبْتَئِسْ فلا تحزن حزن بائس مستكين. قال:
مَا يَقْسِمُ اللَّهُ فَاقْبَلْ غَيْرَ مُبْتَئِسٍ ... مِنْهُ وَاقْعُدْ كَرِيماً نَاعِمَ الْبَالِ [[لحسان، يقال: ابتأس إذا حزن من كثرة وقوع البأس والمكاره به. والبال القلب أو الشأن. يقول:
ما يقسمه الله لك من نعمة أو نقمة فاقبله حال كونك غير متحزن منه، أى مما قسمه الله لك. واقعد كريما غير مهان طيب الحال والشأن، أو مستريح القلب من نصب الدنيا. وروى: وأقعد بقطع الهمزة، من أقعد المتعدي، فكريما حال على الأول، ومفعول على الثاني، وفيه تجريد.]]
والمعنى: فلا تحزن بما فعلوه من تكذيبك وإيذائك ومعاداتك، فقد حان وقت الانتقام لك منهم بِأَعْيُنِنا في موضع الحال، بمعنى: اصنعها محفوظا، وحقيقته: ملتبساً بأعيننا، كأن لله معه أعينا تكلؤه أن يزيغ في صنعته عن الصواب، وأن لا يحول بينه [[قوله «وأن لا يحول بينه» لعله: وأن يحول. (ع)]] وبين عمله أحد من أعدائه. ووحينا: وأنا نوحى إليك ونلهمك كيف تصنع. عن ابن عباس رضى الله عنه:
لم يعلم كيف صنعة الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ولا تدعني في شأن قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ إنهم محكوم عليهم بالإغراق، وقد وجب ذلك وقضى به القضاء وجف القلم، فلا سبيل إلى كفه، كقوله: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ.
{"ayahs_start":36,"ayahs":["وَأُوحِیَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن یُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَىِٕسۡ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ","وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡیُنِنَا وَوَحۡیِنَا وَلَا تُخَـٰطِبۡنِی فِی ٱلَّذِینَ ظَلَمُوۤا۟ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ"],"ayah":"وَأُوحِیَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن یُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَىِٕسۡ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ"}