الباحث القرآني
فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ فهلا كان. وقد حكوا عن الخليل: كل «لولا» في القرآن فمعناها «هلا» إلا التي في الصافات، وما صحت هذه الحكاية ففي غير الصافات لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ، وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ، وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ.
أُولُوا بَقِيَّةٍ أو لو فضل وخير. وسمى الفضل والجودة بقية لأنّ الرجل يستبقى مما يخرجه أجوده وأفضله، فصار مثلا في الجودة والفضل. ويقال: فلان من بقية القوم، أى من خيارهم.
وبه فسر بيت الحماسة:
إنْ تُذْنِبُوا ثُمَّ يَأْتِينِى بَقِيَّتُكُمْ [[يا أيها الراكب المزجى مطيته ... سائل بنى أسد ما هذه الصوت
وقل لهم بادروا بالعذر والتمسوا ... قولا يبرئكم إنى أنا الموت
إن تذنبوا ثم يأتينى بقيتكم ... فما علىّ بذنب عندكم فوت
لروشيد بن كثير الطائي. وزجاه- بالتخفيف والتشديد- وأزجاه: ساقه. وأراد بالصوت: الصيحة أو القصة التي بلغته عنه، وأخبر عن نفسه بالموت مبالغة. وبقية القوم: خيارهم، وتأتى مصدراً بمعنى البقوى، كالتقية بمعنى التقوى. والمعنى على الأول. إن تذنبوا ثم يأتينى أماثلكم يعتذرون عنكم فلا فوت، ولا بأس علىّ بسبب ذنب غيركم. وعلى الثاني: ثم يأتينى منكم ذو الإبقاء على أنفسهم، يقولون: لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا، فكذلك.
ويجوز أن المعنى: إن تجتمعوا على للمحاربة أو للاعتذار، فلا تفوتني مؤاخذتكم بل لا بد منها. وإثبات الياء في «يأتينى» للإشباع، لكن الأخير غير مناسب لقوله «بادروا بالعذر» .]] ومنه قولهم: في الزوايا خبايا، وفي الرجال بقايا. ويجوز أن تكون البقية بمعنى البقوى، كالتقية بمعنى التقوى، أى: فهلا كان منهم ذو وبقاء على أنفسهم وصيانة لها من سخط الله وعقابه.
وقرئ: أولو بقية، بوزن لقية، من بقاه يبقيه إذا راقبه وانتظره ومنه: «بقينا رسول الله ﷺ [[أخرجه أبو داود من حديث معاذ بن جبل قال «بقينا رسول الله ﷺ في صلاة العتمة، فتأخر حتى ظن الظان أنه ليس بخارج ... الحديث» .]] » والبقية المرّة من مصدره. والمعنى: فلو كان منهم أولو مراقبة وخشية من انتقام الله، كأنهم ينتظرون إيقاعه بهم لإشفاقهم إِلَّا قَلِيلًا استثناء منقطع، معناه: ولكن قليلا ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد، وسائرهم تاركون للنهى. ومِنَ في مِمَّنْ أَنْجَيْنا حقها أن تكون للبيان لا للتبعيض، لأن النجاة إنما هي للناهين وحدهم، بدليل قوله تعالى أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا. فإن قلت: هل لوقوع هذا الاستثناء متصلا وجه يحمل عليه؟ قلت: إن جعلته متصلا على ما عليه ظاهر الكلام، كان المعنى فاسداً، لأنه يكون تحضيضاً لأولى البقية على النهى عن الفساد، إلا للقليل من الناجين منهم كما تقول:
هلا قرأ قومك القرآن إلا الصلحاء منهم، تريد استثناء الصلحاء من المحضضين على قراءة القرآن وإن قلت في تحضيضهم على النهى عن الفساد معنى نفيه عنهم، فكأنه قيل: ما كان من القرون أولو بقية إلا قليلا، كان استثناء متصلا ومعنى صحيحاً، وكان انتصابه على أصل الاستثناء، وإن كان الأفصح أن يرفع على البدل وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ أراد بالذين ظلموا: تاركي النهى عن المنكرات، أى: لم يهتموا بما هو ركن عظيم من أركان الدين، وهو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وعقدوا هممهم بالشهوات، واتبعوا ما عرفوا فيه التنعم والتترف، من حب الرياسة والثروة، وطلب أسباب العيش الهنيء. ورفضوا ما وراء ذلك ونبذوه وراء ظهورهم. وقرأ أبو عمرو في رواية الجعفي، واتبع الذين ظلموا، يعنى: واتبعوا جزاء ما أتوفوا فيه. ويجوز أن يكون المعنى في القراءة المشهورة: أنهم اتبعوا جزاء إترافهم. وهذا معنى قوىّ لتقدم الإنجاء، كأنه قيل: إلا قليلا ممن أنجينا منهم وهلك السائر. فإن قلت: علام عطف قوله وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا؟ قلت: إن كان معناه: واتبعوا الشهوات، كان معطوفاً على مضمر، لأنّ المعنى إلا قليلا ممن أنجينا منهم نهوا عن الفساد، واتبع الذين ظلموا شهواتهم، فهو عطف على نهوا. وإن كان معناه واتبعوا جزاء الإتراف، فالواو للحال، كأنه قيل: أنجينا القليل وقد اتبع الذين ظلموا جزاءهم. فإن قلت: فقوله وَكانُوا مُجْرِمِينَ؟ قلت: على أترفوا أى: اتبعوا الإتراف وكونهم مجرمين، لأن تابع الشهوات مغمور بالآثام. أو أريد بالإجرام إغفالهم للشكر. أو على اتبعوا، أى اتبعوا شهواتهم وكانوا مجرمين بذلك. ويجوز أن يكون اعتراضاً وحكما عليهم بأنهم قوم مجرمون.
{"ayah":"فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُو۟لُوا۟ بَقِیَّةࣲ یَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِی ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّمَّنۡ أَنجَیۡنَا مِنۡهُمۡۗ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ مَاۤ أُتۡرِفُوا۟ فِیهِ وَكَانُوا۟ مُجۡرِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











