الباحث القرآني
مكية، وآياتها 4 «نزلت بعد التين» بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لِإِيلافِ قُرَيْشٍ متعلق بقوله لْيَعْبُدُوا
أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين فإن قلت: فلم دخلت الفاء؟ قلت: لما في الكلام من معنى الشرط لأن المعنى: إما لا فليعبدوه لإيلافهم، على معنى: أنّ نعم الله عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة. وقيل المعنى: عجبوا لإيلاف قريش. وقيل: هو متعلق بما قبله، أى: فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش، وهذا بمنزلة التضمين في الشعر: وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقا لا يصح إلا به، وهما في مصحف أبىّ سورة واحدة بلا فصل. وعن عمر: أنه قراهما في الثانية من صلاة المغرب، وقرأ في الأولى: والتين [[هكذا وقع في الثعلبي. وقال عمرو بن ميمون: صليت خلف عمر المغرب. فذكر الحديث. وكذا وصله عبد الرزاق وابن أبى شيبة من رواية أبى إسحاق عن عمرو بن ميمون قال «صلى بنا عمر المغرب. فقرأ في الأولى بالتين. وفي الثانية ألم تر ولإيلاف قريش» .]] . والمعنى أنه أهلك الحبشة الذين قصدوهم ليتسامع الناس بذلك، فيتهيبوهم زيادة تهيب، ويحترموهم فضل احترام، حتى ينتظم لهم الأمن في رحلتيهم، فلا يجترئ أحد عليهم. وكانت لقريش رحلتان: يرحلون في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام، فيمتارون ويتجرون، وكانوا في رحلتيهم آمنين لأنهم أهل حرم الله وولاة بيته، فلا يتعرّض لهم، والناس غيرهم يتخطفون ويغار عليهم. والإيلاف من قولك: آلفت المكان أولفه إيلافا: إذا ألفته، فأنا مؤلف. قال:
من المؤلفات الرّهو غير الأوارك [[شددت إليك الرحل فوق شملة ... من المؤلفات الرهو غير الأوارك
الشملة بالتشديد. والشملال والشميل: الخفيفة السريعة السير، أى: شددت الرحل فوق نافة سريعة السير ذاهبا إليك، وتلك الناقة من النوق المؤلفات المعتادات الرهو، أى: السير السهل المستقيم. ويروى: الزهو، بالزاي وهو سيرها بعد ورودها الماء. والأوارك: جمع آركة: المقيمات موضع الأراك، ترعاه. أو ترعى نبتا يقال له الحمض، أى: ليست كذلك يلي معلوفة ومكرمة السفر.]]
وقرئ: لئلاف قريش، أى: لمؤالفة قريش. وقيل: يقال ألفته إلفا وإلافا. وقرأ أبو جعفر: لإلف قريش، وقد جمعهما من قال:
زعمتم أنّ إخوتكم قريش ... لهم إلف وليس لكم إلاف [[زعمتم أن إخوتكم قريش ... لهم إلف وليس لكم إلاف
أولئك أومنوا جوعا وخوفا ... وقد جاعت بنو أسد وخافوا
لمساور بن هند بن قيس يخاطب بنى أسد. وقريش خبر. وقولهم «لهم إلف» استئناف لبيان كذبهم. والالف والالاف: مصدر ألفه، إذا أحبه واعتاده ولم ينفر منه. وآلف إيلافا بينهما: جعل بينهما إلفا. وقد جمعت قريش بين رحلة الشتاء والصيف، فتارة فرحل هذه وتارة هذه بلا خوف ولا فزع «أولئك» إشارة لقريش «أومنوا» مبنى للمجهول، أى آمنهم ربهم عن الجوع والخوف، وقد جاعت وخافت بنو أسد: التفت إلى الغيبة دلالة على الاعراض عنهم، وتعجيب غيرهم من شأنهم.]] وقرأ عكرمة: ليألف قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف. وقريش: ولد النضر بن كنانة سموا بتصغير القرش: وهو دابة عظيمة في البحر تعبث بالسفن، ولا تطاق إلا بالنار. وعن معاوية أنه سأل ابن عباس رضى الله عنهما: بم سميت قريش؟ قال: بدابة في البحر تأكل ولا تؤكل، وتعلو ولا تعلى. وأنشد:
وقريش هي الّتي تسكن البحر ... بها سمّيت قريش قريشا [[وقريش هي التي تسكن البحر ... بها سميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تترك ... يوما لذي جناحين ريشا
هكذا في الكتاب نالت قريش ... يأكلون البلاد أكلا كشيشا
ولهم آخر الزمان نبى ... يكثر القتل فيهم والخموشا
يملأ الأرض خيلة ورجالا ... يحشرون المطر حشرا كميشا
لتبع. وقريش: تصغير قرش. قال ابن عباس: اسم دابة في البحر تأكل ولا تؤكل اه فصغر وسمي به النضر بن كنانة، ثم سمى به أولاده. والمحدثون على أنه اسم لفهر بن مالك بن النضر، وقال الروافض: هو اسم لقصي بن كلاب، وتوصلوا بذلك إلى نفى إمامة أبى بكر وعمر لكونهما ليسا قرشيين، لأنهما يجتمعان معه ﷺ بعد قصي، والامامة من قريش، وقريش مبتدأ، والجملة بعدها مستأنفة مبينة لها، وبها سميت خبر، أى: بسببها، سميت هذه القبيلة قريشا تأكل، أى قريش البحرية. ويؤيده ما روى قبل هذا البيت وهو:
سلطت بالعلو في لجة البحر ... على سائر البحور جيوشا ... تأكل
ويحتمل أنها الضبيلة. والغث الخبيث. والسمين، الطيب وصاحب الجناحين، كناية عن الطير. أو استعارة الغنى، وبالغ في أنها لا تبقى ولا تذر شيئا مما تظفر به بقوله: إنها لا تترك ريش ذى الجناحين. ويروى «فيه» بدل يوما وهو يعنى قريش البحرية. وهكذا: إشارة لحال دابة البحر، أو لما قاله هو. والكتاب: التوراة أو الإنجيل.
أو كتب التاريخ. وقريش هنا: القبيلة، ويروى:
هكذا في البلاد حى قريش ... يأكلون البلاد......
أى: يأخذون أموالها. والكشيش في الأصل: الصوت الخفي، أى: أكلا بسهولة، بلا إرهاب ولا إنعاب، فهو مجاز، والنبي محمد ﷺ. وخمشه خمشا: خدشه. والخموش: الخدوش. والخيلة: الشبح البعيد.
والخيل: الخيالة. والرجال: المشاة على أرجلهم. ويحشرون: صفة لرجال، ويبعد رجوعه لقريش، والكميش:
السريع. والمنضم: القاطع، أى: يجمعونها بسرعة، لكن المراد بالخموش هنا: الجروح.]]
والتصغير للتعظيم. وقيل: من القرش وهو الكسب: لأنهم كانوا كسابين بتجاراتهم وضربهم في البلاد. أطلق الإيلاف ثم أبدل عنه المقيد بالرحلتين، تفخيما لأمر الإيلاف، وتذكيرا بعظيم النعمة فيه، ونصب الرحلة بإيلافهم مفعولا به، كما نصب يَتِيماً بإطعام، وأراد رحلتي الشتاء والصيف، فأفرد لأمن الإلباس، كقوله.
كلوا في بعض بطنكم.... [[قوله «كلوا في بعض بطنكم» بقيته: «تعفوا» وقد تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة 479 فراجعه إن شئت اه مصححه. (ع)]] ..
وقرئ: رحلة، بالضم: وهي الجهة التي يرحل إليها: والتنكير في جُوعٍ وخَوْفٍ لشدتهما، يعنى: أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما، وآمنهم من خوف عظيم وهو خوف أصحاب الفيل، أو خوف التخطف في بلدهم ومسايرهم. وقيل: كانوا قد أصابتهم شدة حتى أكلوا الجيف والعظام المحرقة، وآمنهم من خوف الجذام فلا يصيبهم ببلدهم. وقيل ذلك كله بدعاء إبراهيم صلوات الله عليه. ومن بدع التفاسير: وآمنهم من خوف، من أن تكون الخلافة في غيرهم. وقرئ: من خوف، بإخفاء النون.
عن رسول الله ﷺ: «من قرأ سورة لإيلاف قريش أعطاه الله عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها» [[أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بالسند إلى أبى بن كعب.]] .
{"ayahs_start":1,"ayahs":["لِإِیلَـٰفِ قُرَیۡشٍ","إِۦلَـٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَاۤءِ وَٱلصَّیۡفِ","فَلۡیَعۡبُدُوا۟ رَبَّ هَـٰذَا ٱلۡبَیۡتِ","ٱلَّذِیۤ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعࣲ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ"],"ayah":"فَلۡیَعۡبُدُوا۟ رَبَّ هَـٰذَا ٱلۡبَیۡتِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق