أتبع النهى عن عبادة الأوثان ووصفها بأنها لا تنفع ولا تضر، أنّ الله عزّ وجلّ هو الضارّ النافع، الذي إن أصابك بضرّ لم يقدر على كشفه إلا هو وحده دون كل أحد، فكيف بالجماد الذي لا شعور به. وكذلك إن أرادك بخير لم يردّ أحد ما يريده بك من فضله وإحسانه، فكيف بالأوثان؟ فهو الحقيق إذاً بأن توجه إليه العبادة دونها، وهو أبلغ من قوله إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ، أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ. فان قلت: لم ذكر المس في أحدهما، والإرادة في الثاني؟ قلت: كأنه أراد أن يذكر الأمرين جميعاً: الإرادة والإصابة في كل واحد من الضرّ والخير، وأنه لا رادّ لما يريده منهما، ولا مزيل لما يصيب به منهما، فأوجز الكلام بأن ذكر المسّ وهو الإصابة في أحدهما، والإرادة في الآخر، ليدلّ بما ذكر على ما ترك، على أنه قد ذكر الإصابة بالخير في قوله تعالى يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ والمراد بالمشيئة: مشيئة المصلحة.
{"ayah":"وَإِن یَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرࣲّ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥۤ إِلَّا هُوَۖ وَإِن یُرِدۡكَ بِخَیۡرࣲ فَلَا رَاۤدَّ لِفَضۡلِهِۦۚ یُصِیبُ بِهِۦ مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ"}