الباحث القرآني

(مكية، [إلا الآيات 40 و 94 و 95 و 96 فمدنية] وهي مائة وتسع آيات [نزلت بعد الإسراء] ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر تعديد للحروف على طريق التحدي. وتِلْكَ آياتُ الْكِتابِ إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات والكتاب السورة. والْحَكِيمِ ذو الحكمة لاشتماله عليها ونطقه بها. أو وصف بصفة محدثة. قال الأعشى: وَغَرِيبَةٍ تَأْتِى المُلُوكَ حَكِيمَة ... قَدْ قُلْتُهَا لِيُقَالَ مَنْ ذَا قَالَهَا [[للأعشى. أى: ورب قصيدة غريبة حكيمة ناطقة بالحكمة دالة عليها، أو حكيم قائلها، فهو من الاسناد للسبب، لأنها سبب في وصف قائلها بالحكمة. قد قلتها ليتعجب الناس ويقولوا من هذا الشاعر البليغ الذي قالها. وذا: اسم إشارة في لغة الحجاز، واسم موصول في لغة طيئ، وهي أقرب هنا، فجملة «قالها» صلة الموصول.]] الهمزة لإنكار التعجب والتعجيب منه. وأَنْ أَوْحَيْنا اسم كان، وعجباً: خبرها. وقرأ ابن مسعود: عجب، فجعله اسماء وهو نكرة وأَنْ أَوْحَيْنا خبراً وهو معرفة، كقوله: يَكُونُ مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاء [[كأن سلافة من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء على أنيابها أو طعم غصن ... من التفاح هصره اجتناء لحسان بن ثابت قبل تحريم الخمر. والسلافة: أول ما يسيل من ماء العنب. ويروى «سبيئة» أى مشتراة. يقال: سبأ الخمر كنصر، إذا اشتراها. ويروى خبيئة: أى مصونة في الخابية. وبيت رأس: قرية بالشام. وقيل: المراد بالرأس الرئيس، وشرابها أطيب من غيره، و «مزاجها» خبر يكون مع أنه معرفة. و «عسل» اسمها مع أنه نكرة، وكان القياس العكس فقلب للضرورة. وجوزه ابن مالك في معمول «كان» و «إن» فلا قلب. وقال الفارسي: إن انتصاب مزاجها على الظرفية المجازية. وروى برفع الكلمات الثلاث، على أن اسم كان ضمير الشأن. وقول ابن السيد: بزيادة «كان» هنا: غير مرضى، لأن زيادة المضارع لا ترتكب إلا عند الضرورة، ويروى بنصب العسل فقط، فهو خبر ورفع ماء. بتقدير: وخالطها ماء. وجملة الكون صفة سلافة. وعلى أنيابها: خبر «كأن» الشدة. والمزاج: ما يمزج به غيره. والمراد بالأنياب: الثغر كله. والغض: الطري الرطب. والهصر: عطف الغصن وإمالته إليك من غير إبانة لتجنى ثمره. والتهصير: مبالغة فيه. وروى «الجناء» بدل «الاجتناء» . وهو بالقصر مصدر. لكن مد هنا ضرورة. وإسناد التهصير إلى ذلك مجاز عقلى، من باب الاسناد للسبب. وإيقاعه على التفاح على تقدير مضاف، أى: هصر غصنه. ويروى: أو طعم غصن، فلا تجوز في تهصيره. لكن إضافة طعم إليه على تقدير مضاف. أى طعم ثمر غصن، شبه ريقها بالخمر الجيدة وطعمه بطعم تفاح ميل غصته الجاني ليجتنيه، إشارة إلى أنه مجنى الآن لم يمض عليه شيء من الزمان، وتلويحا لتشبيه محبوبته بالأغصان في الرفة واللين والميلان.]] والأجود أن تكون «كان» تامّة، وأن أوحينا بدلا من عجب. فإن قلت: فما معنى اللام في قوله أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً؟ وما هو الفرق بينه وبين قولك: أكان عند الناس عجباً؟ قلت: معناه أنهم جعلوه لهم أعجوبة يتعجبون منها، ونصبوه علماً لهم يوجهون نحوه استهزاءهم وإنكارهم، وليس في عند الناس هذا المعنى، والذي تعجبوا منه أن يوحى إلى بشر، وأن يكون رجلا من أفناء رجالهم [[قوله «من أفناء رجالهم» في الصحاح: يقال هو من أفناء الناس، إذا لم يعلم ممن هو. (ع)]] دون عظيم من عظمائهم، فقد كانوا يقولون: العجب أنّ الله لم يجد رسولا يرسله إلى الناس إلا يتيم أبى طالب، وأن يذكر لهم البعث وينذر بالنار ويبشر بالجنة، وكل واحد من هذه الأمور ليس بعجب، لأنّ الرسل المبعوثين إلى الأمم لم يكونوا إلا بشر مثلهم. وقال الله تعالى قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا وإرسال الفقير أو اليتيم ليس بعجب أيضاً، لأنّ الله تعالى إنما يختار من استحق الاختيار، لجمعه أسباب الاستقلال بما اختير له من النبوّة. والغنى والتقدّم في الدنيا ليس من تلك الأسباب في شيء وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى والبعث للجزاء على الخير والشر هو الحكمة العظمى، فكيف يكون عجباً؟ إنما العجب العجيب والمنكر في العقول تعطيل الجزاء أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ أن هي المفسرة، لأنّ الإيحاء فيه معنى القول. ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة، وأصله: أنه أنذر الناس، على معنى: أن الشأن قولنا أنذر الناس. وأَنَّ لَهُمْ الباء معه محذوف قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ أى سابقة وفضلا ومنزلة رفيعة [[قال محمود: «أى سابقة وفضلا ومنزلة رفيعة ... الخ» قال أحمد: ولم يرد في سابقة السوء تسميتها قدما، إما لأن المجاز لا يطرد، وإما أن يكون مطردا ولكن غلب العرف على قصرها كما يغلب في الحقيقة، والله أعلم.]] . فإن قلت: لم سميت السابقة قدما؟ قلت: لما كان السعى والسبق بالقدم، سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدما، كما سميت النعمة يداً لأنها تعطى باليد، وباعاً لأنّ صاحبها يبوع بها، فقيل: لفلان قدم في الخير. وإضافته إلى صدق دلالة على زيادة فضل، وأنه من السوابق العظيمة وقيل: مقام صدق إِنَّ هذا إن هذا الكتاب وما جاء به محمد لَساحِرٌ ومن قرأ: لساحر، فهذا إشارة إلى رسول الله ﷺ، وهو دليل عجزهم واعترافهم به وإن كانوا كاذبين في تسميته سحراً. وفي قراءة أبىّ: ما هذا إلا سحر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب