تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ الأصل تتنزّل فحذفت التاء لاجتماع تاءين، وقال أهل التفسير: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ بأمر ربهم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ هذا تمام الكلام عند النحويين منهم الفراء، والمعنى على قولهم: تنزّل الملائكة والروح فيها بأمر ربهم أي ينزلون بأمر الله الذي فيه الآجال والأرزاق إلى السماء الدنيا من كلّ أمر أي من كلّ أمر فيه الرزق والأجل والحجّ لمن يحجّ وغير ذلك، وحكى أبو عبيد أنه روي عن ابن عباس وعكرمة أنهما قرءا «من كلّ امرى» [[انظر البحر المحيط 2/ 368، والبحر المحيط 8/ 493.]] قال إسماعيل بن إسحاق: لم يذكر أبو عبيد إسناده ولعلّه ضعيف. قال أبو جعفر: إسناده ضعيف بغير لعلّ: رواها الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وهذا إسناد لا يعرّج عليه، وهو مخالف للمصحف الذي تقوم به الحجّة فمن جاء به هكذا قال التمام: من كل امرئ سلام، كما قال الشعبي من كل امرئ من الملائكة سلام على المؤمنين والمؤمنات، وقيل: المعنى من كل أمر مخيف سلام أي سلامة، وعلى قراءة الجماعة سَلامٌ مرفوع على خبر هي كما تقول: قائم زيد أي هي سلام أي دار سلامة أي ذات سلامة، كما قرئ على محمد بن حفص عن يوسف بن موسى قال حدّثنا جرير عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى «سلام هي» قال: لا تعمل فيها الشياطين، ولا يجوز فيها السّحر ولا يحدث فيها شيء إلى الفجر قال يوسف وحدّثنا تميم بن زياد قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية «سلام هي» قال: خير كلّها إلى مطلع الفجر، وروى الضحّاك عن ابن عباس قال تصفد فيها مردة الشّياطين، وتقبل فيها التوبة فهذه أقوال المتقدمين من أهل التفسير، وقال بعد المتأخرين: معنى «سلام هي» إنما يقضى فيها الخير من الأرزاق والحجّ والشرّ يقضى في غيرها يذهب إلى أن ليلة النصف من شعبان قد جاء فيها حديث من تقدير الأشياء فهذه أقوال المتقدمين والمتأخرين والله أعلم بما أراد.
حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [[انظر تيسير الداني 182، ومعاني الفراء 3/ 280.]] بفتح اللام قراءة العامة، وقال الفراء [[انظر معاني الفراء 3/ 280.]] : وقرأ يحيى بن وثّاب وحده حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ. قال أبو جعفر: وهي قراءة أبي رجاء العطارديّ. وأحسن ما قيل في هذا قول سيبويه [[انظر الكتاب 4/ 205.]] قال: وقد كسروا المصدر قالوا: أتيتك عند مطلع الشمس أي عند طلوع الشمس. هذه لغة بني تميم، وأما أهل الحجاز فيقولون: مطلع والمطلع المكان.
قال أبو جعفر: شرح هذا أنه ما كان على فعل يفعل فالباب فيه أن يكون المصدر منه واسم المكان مفعلا بالفتح، وكان يجب أن يكون اسم المكان منه بالضم إلا أنه ليس في كلام العرب مفعل فلم يكن بدّ من تحويله إلى الفتحة أو الكسرة فكانت الفتحة أولى لأنها أخفّ والدليل على ما قلناه أنه ما كان على فعل يفعل فالمصدر منه مفعل بالفتح، اسم المكان والزمان بالكسر قالوا: جلس مجلسا وهو في مجلسك، وفي الزمان أتت الناقة على مضربها بالكسر فهذا يبيّن لك أن الأصل مطلع في المكان ثم حوّل إلى الفتح ثم سمع من العرب أشياء تؤخذ سماعا بغير قياس قالوا: مطلع للمكان الذي تطلع فيه الشمس، وقال بعضهم: مطلع للمصدر والفتح أولى لأن الفتح في المصدر قد كان لفعل يفعل فكيف يكون في فعل يفعل وأيضا فإنّ قراءة الجماعة الذين تقوم بهم الحجة «حتّى مطلع» هذا في قوّته في العربية وشذوذ الكسر وخروجه من القياس. قال أبو حاتم: وفي حرف أبيّ «سلام هي إلى مطلع الفجر» قال أبو جعفر:
وهذه القراءة على التفسير، ولا يجوز لأحد أن يقرأ بها لمخالفتها السواد الأعظم.
{"ayahs_start":4,"ayahs":["تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَٱلرُّوحُ فِیهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرࣲ","سَلَـٰمٌ هِیَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ"],"ayah":"تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَٱلرُّوحُ فِیهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرࣲ"}