الباحث القرآني

أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (23) ثم قال جلّ وعزّ بعد أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وقد تقدّم وصفهم بالصّمم والعمى، فمن أصحّ ما قيل في هذا وأحسنه أن المعنى: أولئك الذين لعنهم الله فلم ينلهم ثوابا فهم بمنزلة الصمّ لا يسمعون ثناء حسنا عليهم ولا يبصرون ما يسرّون به من الثواب، فهذا جواب بيّن. وقد قيل: إنه دعاء، وقد قيل: إنهم لا يسمعون أي لا يعلمون. وقد تأوّل بعض العلماء حديث أبي هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «إنّ الميّت ليسمع خفق نعالهم» [[أخرجه أحمد في مسنده 2/ 445، وذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 2/ 46، والسيوطي في الدر المنثور 4/ 82، والقرطبي في تفسيره 7/ 377، والهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 54.]] أي ليعلم. وتأويل حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أهل القليب الذين قتلوا يوم بدر حين خاطبهم فقال: «هل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا» [[أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 97، 98، ومسلم في صحيحه، الجنة 76، والنسائي في سننه 4/ 101، وأحمد في مسنده 2/ 38، 130، و 3/ 104، 145، و 4/ 9، وذكره ابن أبي شيبة في مصنّفه 14/ 377، والبيهقي في دلائل النبوة 3/ 48، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين 5/ 23. [.....]]] ثمّ أخبر أنّهم يسمعون ذلك فتأول صاحب ذلك التأويل على أنّهم يعلمونه، واحتج بقول الله عزّ وجلّ: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى [النمل: 80] وهذا التأويل قد ردّه جماعة من العلماء على متأوليه لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو المبين عن الله عزّ وجلّ، وهو القائل «إنّ الميّت ليسمع خفق نعالهم» والمخبر بعذاب القبر ومساءلة الميّت وكذا أكثر أصحابه على ذلك يخبرون بتأدية الأعمال إلى الموتى فالصواب من ذلك أن يقال: إنّ الله جلّ وعزّ يؤدّي إلى الموتى من بني أدم ما شاء على ما شاء ويعذب من شاء ممن يستحقّ بما يشاء فأما قوله جلّ وعزّ: وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ [فاطر: 22] وإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى [النمل: 80] . فليس فيه مخالفة لهذا: وإنما المعنى- والله أعلم- إنك لا تسمع الموتى بقدرتك ولا بقوتك، ولكن الله جلّ وعزّ يسمعهم كيف يشاء ويدلّ على هذا أنّ بعده وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ [النمل: 81] أي لست تهديهم أنت بقدرتك ولكن الله جلّ وعزّ يهدي من يشاء بلطفه وتوفيقه. أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (24) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أي فيعملون بما فيه ويقفون على دلائله أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها أي أقفال تمنعها من ذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب