وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ هذه قراءة الكوفيين والبصريين، وكذا في مصاحفهم، وقرأ المدنيون بما بغير فاء، وكذا في مصاحفهم فالقراءة بالفاء بيّنة لأنه شرط وجوابه. والقراءة بغير فاء فيها للنحويين ثلاثة أقوال: أحدها: أن يكون «ما» بمعنى «الذي» فلا تحتاج إلى جواب بالفاء، وهذا مذهب أبي إسحاق. والقول الثاني:
أن يكون ما للشرط وتكون الفاء محذوفة كما قال: [البسيط] 400
- من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشّرّ بالشّرّ عند الله مثلان
[[مرّ الشاهد رقم (34) .]] وهذا قول أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش، وزعم أن هذا يدلّ على أن حذف الفاء في الشرط جائز حسن لجلال من قرأ به. والقول الثالث: أن «ما» هاهنا للشرط إلّا أنه جاز حذف الفاء لأنها لا تعمل في اللفظ شيئا وإنما وقعت على الماضي، وهذا أولى الأقوال بالصواب. فأما أن يكون «ما» بمعنى الذي فبعيد لأنّه يقع مخصوصا للماضي، وأما أن يشبّه هذا بالبيت الذي ذكرناه فبعيد أيضا لأن حذف الفاء مع الفعل المستقبل لا يجوز عند سيبويه إلّا في ضرورة الشعر، ولا يحمل كتاب الله عزّ وجلّ إلّا على الأغلب الأشهر.
{"ayah":"وَمَاۤ أَصَـٰبَكُم مِّن مُّصِیبَةࣲ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِیكُمۡ وَیَعۡفُوا۟ عَن كَثِیرࣲ"}