وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ عن ابن عباس أن القرناء الشياطين. وهي آية مشكلة فمن الناس من يقول: معنى هذا التحلية للمحنة وقيل: قيضنا لهم قرناء من الشياطين في النار فَزَيَّنُوا لَهُمْ أعمالهم في الدنيا. فإن قيل: فكيف يصحّ هذا والفاء تدلّ على أن الثاني بعد الأول؟ قيل: يكون المعنى: قدّرنا عليهم هذا وحكمنا به. ومن أحسن ما قيل في الآية أن المعنى أحوجناهم إلى الإقرار والاقتران فأحوجنا الغنيّ إلى الفقير ليستعين به وأحوجنا الفقير إلى الغني لينال منه، وكذا الزوجان كل واحد منهما محتاج إلى صاحبه فهذا معنى الاقتران وحاجة بعضهم إلى بعض. قيض الله جلّ وعزّ لهم ذلك ليتعاونوا على طاعته فزيّن بعضهم لبعض المعاصي قال جلّ وعزّ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ فيه أقوال: يروى عن ابن عباس ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ التكذيب بالآخرة والبعث والجنة والنار، وَما خَلْفَهُمْ الترغيب في الدنيا والتسويف بالمعاصي، وقيل فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أي ما تقدّمهم من المعاصي وَما خَلْفَهُمْ ما يعمل بعدهم أو بحضرتهم، وقيل: ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ما هم فيه وَما خَلْفَهُمْ ما عزموا أن يعملوه، وهذا من أبينها. وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ وهو أن الله جلّ وعزّ يعذّب من عمل مثل عملهم فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ أي هم داخلون في أمم قد حقّ عليهم هذا القول. فهذا قول بين، وقد قيل: «في» بمعنى مع كما قال: [الطويل] 396-
وهل ينعمن من كان أخر عهده ... ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال
[[الشاهد لامرئ القيس في ديوانه 27، وأدب الكاتب ص 518، وجمهرة اللغة 1315، وخزانة الأدب 1/ 62، والجنى الداني 252، وجواهر الأدب ص 230، وتاج العروس (حول) و (في) ، والدرر 4/ 149، وشرح شواهد المغني 1/ 486، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 313، ورصف المباني ص 391، وشرح الأشموني 2/ 292، ولسان العرب (فيا) ومغني اللبيب 1/ 169، وهمع الهوامع 2/ 30.]]
{"ayah":"۞ وَقَیَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَاۤءَ فَزَیَّنُوا۟ لَهُم مَّا بَیۡنَ أَیۡدِیهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِیۤ أُمَمࣲ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ خَـٰسِرِینَ"}