أَمَّنْ [[انظر تيسير الداني 153.]] هُوَ قانِتٌ قراءة الحسن وأبي عمرو وأبي جعفر وعاصم والكسائي. وقرأ نافع وابن كثير ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة أَمَّنْ هُوَ [[البحر المحيط 7/ 402.]] وحكى أبو حاتم عن الأخفش قال: من قرأ في الزمر أَمَّنْ هُوَ بالتخفيف فقراءته ضعيفة لأنه استفهام ليس معه خبر. قال أبو جعفر: هذا لا يلزم وقد أجمعوا جميعا على أن قرءوا «أفمن شرح الله صدره للإسلام» وهو مثله. وفي القراءة بالتخفيف وجهان حسنان في العربية، وليس في القراءة الأخرى إلا وجه واحد. فأحد الوجهين أن يكون نداء، كما يقال: يا زيد أقبل، ويقال: أزيد أقبل. حكى ذلك سيبويه وجميع النحويين كما قال: [الكامل] 386-
أبني لبينى لستم بيد ... إلّا يدا ليست لها عضد
[[الشاهد لأوس بن حجر في ديوانه ص 21، وشرح أبيات سيبويه 2/ 68، ولطرفة بن العبد في ديوانه ص 45، وشرح المفصّل 2/ 90، وبلا نسبة في الكتاب 2/ 328، وأمالي ابن الحاجب ص 441، والمقتضب 4/ 421، ومعاني الفراء 1/ 317.]] وكما يقال: فلان لا يصلّي ولا يصوم أمن يصلّي ويصوم أبشر، والوجه الآخر أن يكون في موضع رفع بالابتداء والمعنى معروف أي: أمن هو قانت اناء الليل أفضل أم من جعل لله أندادا؟ والتقدير: الّذي هو قانت. ومن قرأ أَمَّنْ هُوَ فتقديره أم الذي هو قانت أفضل ممّن ذكر و «أم» بمعنى «أبل» . فأما معنى قانت فيما رواه عمرو بن الحارث عن درّاج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدريّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «كلّ قنوت في القرآن فهو طاعة لله جلّ وعزّ» [[مرّ الحديث في إعراب الآية 26- الروم.]] .. وروى الأعمش عن أبي سفيان عن جابر أنه قال:
«سئل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أي الصلاة أفضل، قال: طول القنوت» [[أخرجه الترمذي في سننه- الصلاة 2/ 178، وابن ماجة في إقامة الصلاة حديث رقم (1421) .]] فتأوّله جماعة من أهل العلم على أنه طول القيام. وروى عبد الله عن نافع عن ابن عمر سئل عن القنوت قال: ما أعرف القنوت إلّا طول القيام وقراءة القرآن، وقال مجاهد: من القنوت طول الركوع، وغضّ البصر. وكان العلماء إذا وقفوا في الصلاة غضّوا أبصارهم وخضعوا، ولم يلتفتوا في صلاتهم، ولم يعبثوا، ولم يذكروا شيئا من أمر الدنيا إلّا ناسين. قال أبو جعفر:
أصل هذا أن القنوت الطاعة، وكل ما قيل فيه فهو طاعة الله جلّ وعزّ وهذه الأشياء كلّها داخلة في الطاعة وما هو أكثر منها، كما قال نافع وقال لي ابن عمر: قم فصلّ فقمت أصلّي وكان عليّ ثوب حلق فدعاني فقال لي: أرأيت لو وجّهتك في حاجة وراء الجدار أكنت تمضي هكذا، فقلت: لا كنت أتزيّن، قال: فالله أحقّ أن يتزيّن له.
قال الحسن: آناءَ اللَّيْلِ ساعاته أوّله وأوسطه واخره.
وعن ابن عباس قال: آناءَ اللَّيْلِ جوف الليل. قال سعيد بن جبير: يَحْذَرُ الْآخِرَةَ أي عذاب الآخرة. قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ قال أبو إسحاق: أي كما لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون كذا لا يستوي الطائع والعاصي. وقال غيره: الذين يعلمون هم الذي ينتفعون بعلمهم ويعملون به، فأما من لم ينتفع بعلمه ولم يعمل به فبمنزلة من لم يعلم. إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ أي إنما ينتفع بذكره وينتفع به ويعتبر أولو العقول الذين ينتفعون بعقولهم فهؤلاء ينتفعون ويمدحون بعقولهم لأنهم انتفعوا بها.
{"ayah":"أَمَّنۡ هُوَ قَـٰنِتٌ ءَانَاۤءَ ٱلَّیۡلِ سَاجِدࣰا وَقَاۤىِٕمࣰا یَحۡذَرُ ٱلۡـَٔاخِرَةَ وَیَرۡجُوا۟ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ یَسۡتَوِی ٱلَّذِینَ یَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا یَتَذَكَّرُ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ"}