أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ «من» في موضع رفع بالابتداء، وخبره محذوف لما دلّ عليه. قال الكسائي: والذي دلّ عليه. فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ والمعنى: أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا ذهبت نفسك عليهم حسرات، قال: وهذا كلام عربي حسن ظريف لا يعرفه إلّا قليل. والذي قاله الكسائي أحسن ما قيل في الآية لما ذكره فمن الدلالة على المحذوف، والمعنى أنّ الله جلّ وعزّ نهى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن شدّة الاغتمام بهم والحزن عليهم كما قال جلّ وعزّ لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ [الشعراء: 3] قال أهل التفسير: أي: قاتل نفسك، وقرئ على إبراهيم بن موسى عن إسماعيل بن إسحاق قال: حدثنا نصر بن علي قال: سألت الأصمعي عن قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في أهل اليمن «هم أرقّ قلوبا وأبخع طاعة» [[أخرجه الترمذي في المناقب 10/ 286.]] ما معنى أبخع طاعة، قال أنصح طاعة قال: فقلت له: إنّ أهل التفسير مجاهدا وغيره يقولون: في قول الله جلّ وعزّ لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ معناه قاتل نفسك فقال: هو من ذلك بعينه كأنه من شدّة النصح لهم قاتل نفسه، وقراءة أبي جعفر فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ [[انظر البحر المحيط 7/ 288، ومعاني الفراء 2/ 367.]] والمعنيان متقاربان و «حسرات» منصوب على أنه مفعول من أجله أو مصدر.
{"ayah":"أَفَمَن زُیِّنَ لَهُۥ سُوۤءُ عَمَلِهِۦ فَرَءَاهُ حَسَنࣰاۖ فَإِنَّ ٱللَّهَ یُضِلُّ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۖ فَلَا تَذۡهَبۡ نَفۡسُكَ عَلَیۡهِمۡ حَسَرَ ٰتٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُۢ بِمَا یَصۡنَعُونَ"}