ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا قال أبو إسحاق: «ذلك» في موضع نصب أي جزيناهم ذلك. وهل يجازى إلا الكفور [[انظر تيسير الداني 147، وكتاب السبعة لابن مجاهد 529، حفص وحمزة والكسائي بالنون وكسر الزاي، والباقون بالياء وفتح الزاي والرفع.]] قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو وعاصم، وقرأ الكوفيون إلا عاصما وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ [[انظر تيسير الداني 147، وكتاب السبعة لابن مجاهد 529، حفص وحمزة والكسائي بالنون وكسر الزاي، والباقون بالياء وفتح الزاي والرفع.]] وهذا عند أبي عبيد أولى لأن قبله «جزيناهم» ولم يقل جوزوا. قال أبو جعفر: الأمر في هذا واسع، والمعنى فيه بين لو قال قائل: خلق الله جلّ وعزّ آدم من طين، وقال آخر: خلق آدم من طين لكان المعنى واحدا. وفي الآية سؤال لا أعلم في السورة أشدّ منه يقال: ما معنى وهل يجازى إلّا الكفور ولم يذكر أصحاب المعاصي غير الكفار؟ وقد تكلم العلماء في هذا فقال قوم:
ليس يجازى بمثل هذا الجزاء الذي هو الاصطلام والهلاك إلّا من كفر. فأما قطرب فجوابه على هذه الآية على خلاف لأنه جعلها في أهل المعاصي غير الكفار وجرى على مذهبه وقوله من كفر بالنعم فعمل الكبائر. وأولى ما قيل في هذه الآية وأجل ما روي فيه أنّ الحسن قال: مثلا بمثل. وروى أيوب عن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من حوسب هلك» فقلت يا نبيّ الله: فأين قوله جلّ وعزّ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً [الانشقاق: 8] قال: «إنما ذلك العرض ومن نوقش الحساب هلك» [[أخرجه الترمذي في سننه- صفة القيامة 9/ 258.]] . قال أبو جعفر: وهذا إسناد صحيح، وشرحه أن الكافر يكافأ على أعماله ويحاسب عليها ويحبط ما عمل من خير، ويبين لك هذا قوله جلّ وعزّ في الأولى ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وفي الثاني «وهل يجازى» فمعنى «يجازى» يكافأ بما عمل، ومعنى «جزيناهم» وفيناهم فهذا حقيقة اللغة وإن كان جازى يقع بمعنى جزى مجازا.
{"ayah":"ذَ ٰلِكَ جَزَیۡنَـٰهُم بِمَا كَفَرُوا۟ۖ وَهَلۡ نُجَـٰزِیۤ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ"}