إذا دخلت اللام لم يكن في «إن» إلا الكسر، ولو لم تكن اللام ما جاز أيضا إلا الكسر لأنها مستأنفة. وهذا قول جميع النحويين إلا أنّ علي بن سليمان حكى لنا عن محمد بن يزيد أنه قال: يجوز الفتح في إنّ هذه وإن كان بعدها اللام، وأحسبه وهما منه. قال أبو إسحاق: المعنى: وما أرسلنا قبلك رسلا إلّا أنهم ليأكلون الطعام ثم حذف من لأنّ من تدلّ على المحذوف. وقال الفراء [[انظر معاني الفراء 2/ 264.]] : «من» محذوفة أي إلّا أن منهم من ليأكلون الطّعام، وشبّهه بقوله: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ [الصافات: 164] .
قال أبو إسحاق: هذا خطأ لأنّ من موصولة فلا يجوز حذفها. وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً الفتنة في اللغة الاختبار، وفي الحديث «الغنيّ للفقير فتنة والفقير للغنيّ فتنة والقويّ للضعيف فتنة والضعيف للقويّ فتنة» . والمعنى في هذا أن كلّ واحد منهما مختبر بصاحبه فالغنيّ مختبر بالفقير عليه أن يواسيه ولا يسخر منه، والفقير ممتحن بالغنيّ عليه أن لا يحسده وأن لا يأخذ منه إلا ما أعطاه، وأن يصبر كلّ واحد منهما على الحقّ، كما قال الضحاك: في معنى أَتَصْبِرُونَ أي على الحق. وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً أي بما تعملون أي فيما امتحنكم فيه.
{"ayah":"وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ إِلَّاۤ إِنَّهُمۡ لَیَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَیَمۡشُونَ فِی ٱلۡأَسۡوَاقِۗ وَجَعَلۡنَا بَعۡضَكُمۡ لِبَعۡضࣲ فِتۡنَةً أَتَصۡبِرُونَۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِیرࣰا"}