الباحث القرآني
* اللغة:
(التُّراثَ) الميراث والتاء بدل من الواو لأنه من الوراثة كما قالوا في تجاه وتخمة وتكأة.
(لَمًّا) جمعا وفي المختار: «أكلا لما فعله من باب رد يقال: لم الله شعثه أي أصلح وجمع ما تفرق من أمره» وقال أبو عبيدة: لممت ما على الخوان إذا أكلت جميع ما عليه بأسره وقال الحطيئة:
إذا كان لما يتبع الذّم ربه ... فلا قدّس الرحمن تلك الطواحنا
ومنه لممت الشعث، قال النابغة الذبياني:
ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث أيّ الرجال المهذب
(وَثاقَهُ) في المصباح: «وثق الشيء بالضم وثاقه قوي وثبت فهو وثيق ثابت وأوثقته جعلته وثيقا والوثاق بفتح الواو وكسرها القيد والحبل ونحوه والجمع وثق مثل رباط وربط» .
* الإعراب:
(فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) الفاء استئنافية ومفهوم كلام الزمخشري أنها عاطفة قال: «فإن قلت بم اتصل قوله فأما الإنسان؟ قلت بقوله: إن ربك بالمرصاد كأنه قيل إن الله لا يريد من الإنسان إلا الطاعة والسعي للعاقبة وهو مرصد بالعقوبة للعاصي فأما الإنسان فلا يريد ذلك ولا يهمه إلا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها» وفي كلامه نفحة اعتزالية واضحة. وأما حرف شرط وتفصيل والإنسان مبتدأ وإذا ظرف متعلق بيقول وما زائدة وجملة ابتلاه في محل جر بإضافة الظرف إليها وربه فاعل، فأكرمه عطف على ابتلاه ونعمه عطف أيضا والفاء رابطة لما في أما من معنى الشرط وجملة يقول خبر الإنسان ولا يمتنع تعلق الظرف بيقول الواقعة خبرا لأن الظرف في نيّة التأخير والتقدير فأما الإنسان فقائل ربي أكرمني وقت الابتلاء وربي مبتدأ وجملة أكرمني خبر وحذفوا الياء من أكرمن اختصارا (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) عظف على الجملة السابقة وإعرابها كإعرابها (كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) كلا حرف ردع وزجر للإنسان عن قوله وبل حرف إضراب من قبيح إلى أقبح للترقي في ذمّهم، ولا نافية وتكرمون اليتيم فعل مضارع مرفوع وفاعل ومفعول به ولا تحاضّون عطف على لا تكرمون وعلى طعام المسكين متعلقان بتحاضّون (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) عطف أيضا والتراث مفعول تأكلون وأكلا مفعول مطلق ولما صفة، وتحبون المال حبّا جمّا عطف أيضا مماثل للجملة السابقة في الإعراب (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) كلا حرف ردع وزجر لهم عن ذلك كله وإذا ظرف متعلق بيتذكر وجملة دكّت في محل جر بإضافة الظرف إليها والأرض نائب فاعل ودكّا دكّا مصدران في موضع الحال على رأي أبي حيان والزمخشري وليس الثاني تأكيدا بل التكرار للدلالة على الاستيعاب كقرأت النحو بابا بابا، وأعرب ابن خالويه دكّا الأول مصدرا والثاني تأكيدا وليس بعيدا (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) عطف على ما تقدم وجاء ربك فعل وفاعل والملك عطف على ربك وصفّا صفّا حال أي مصطفين أو ذوي صفوف وهو المسوغ لمجيء الحال جامدا هو الترتيب وضابطه أن يأتي التفصيل بعد ذكر المجموع بجزأيه مكررا، قال الرضي: وفي نصب الجزء الثاني خلاف ذهب الزجّاج إلى أنه توكيد وذهب ابن جنّي إلى أنه صفة وذهب الفارسي إلى أنه منصوب بالأول لأنه لما وقع موقع الحال جاز أن يعمل قال المرادي والمختار أنه وما قبله منصوبان بالعامل الأول لأن مجموعهما هو الحال ونظيره في الخبر هذا حلو حامض ولو ذهب ذاهب إلى أن نصبه بالعطف على تقدير حذف الفاء والمعنى بابا فبابا وصفّا فصفّا لكان مذهبا حسنا، ونص أبو الحسن على أنه لا يجوز أن يدخل حرف العطف في شيء من المكررات إلا الفاء وخاصة (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) الواو عاطفة وجيء فعل ماض مبني للمجهول ويومئذ ظرف أضيف إلى مثله متعلق بجيء وبجهنم في موضع رفع نائب فاعل ويومئذ ظرف أضيف إلى مثله وهو بدل من إذا وجملة يتذكر الإنسان لا محل لها لأنها جواب إذا والواو حالية وأنى اسم استفهام معناه النفي في محل نصب ظرف مكان وهو متعلق بمحذوف خبر مقدم وله متعلقان بما تعلق به الظرف والذكرى مبتدأ مؤخر ولا بدّ من تقدير حذف المضاف أي ومن أين له منفعة الذكرى وإلا فبين يتذكر وأنى له الذكرى تناف وتناقض (يَقُولُ: يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) الجملة بدل اشتمال من جملة يتذكر أو استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ منه كأنه قيل ماذا يقول عند تذكره فقيل يقول، ويا حرف تنبيه أو المنادى محذوف وليتني ليت واسمها وجملة قدمت خبرها ولحياتي متعلقان بقدمت وجملة النداء مقول القول (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) الفاء عاطفة ويومئذ ظرف متعلق بيعذب والتنوين عوض عن جملة تفيد ما تقدم من هول الموقف ولا نافية ويعذب فعل مضارع مبني للمعلوم وعذابه مفعول مطلق والضمير في عذابه يعود إلى الله
، والعجب من ابن خالويه فقد أعربها مفعولا به ولا أدري ما هي وجهة نظره، وأحد فاعل يعذب وقرىء يعذب بالبناء للمجهول فيكون أحد نائب فاعل والضمير في عذابه يعود على الكافر وعبارة القرطبي بهذا الصدد هي: «فيومئذ لا يعذب عذابه أحد» أي لا يعذب كعذاب الله أحد ولا يوثق لوثاقه أحد والكناية ترجع إلى الله تعالى وهو قول ابن عباس والحسن وقرأ الكسائي لا يعذب ولا يوثق بفتح الذال والتاء أي لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله الكافر يومئذ ولا يوثق كما يوثق الكافر. وقوله ولا يوثق إلخ عطف على الجملة السابقة ويقال في إعرابها ما قيل في الأولى وقد أورد ابن خالويه بحثا طريفا ننقله فيما يلي: «ولا يوثق نسق على يعذب والمصدر أوثق يوثق إيثاقا فهو موثق فإن قال قائل: هل يجوز همز يوثق كما همز يؤمن فقل ذلك غير جائز لأن أوثق فاء الفعل منه مثل أوفض يوفض وأسرع يسرع وأورى يوري وأوقد يوقد كل ذلك غير مهموز قال الله عزّ وجلّ: إلى نصب يوفضون والنار التي تورون وإنما يهمز من هذا ما كانت فاء الفعل منه همزة نحو آمن يؤمن لأن الأصل أأمن فاستثقلوا همزتين في أول كلمة فلينت الثانية فاعرف ذلك وإن كانت فاء الفعل ياء مثل أيسر وأيقن وأيفع الغلام انقلبت الياء واوا في المضارع لانضمام ما قبلها وسكونها ولم يجز أيضا همزها نحو يوقنون ويوفع الغلام ويوسر، وحدّثني أبو الحسن المقرئ قال: روى أبو خليفة البصري عن المازني عن الأخفش قال سمعت أباحية النميري يقول: يؤقنون مهموزة وأبو حيّة الذي يقول:
إذا مضغت بعد امتناع من الضحى ... أنابيب من عود الأراك المخلّق
سقت شعب المسواك ماء غمامة ... فضيضا بجادي العراق المروّق
غير أن من العرب من يهمز ما لا يهمز تشبيها بما يهمز كقولهم حلأت السويق ورثأت الميت، وحدّثني أحمد عن علي عن أبي عبيدة قال: قرأ الحسن ولا أدرأكم به مهموزا وهو غلط عند أهل النحو لأنه من دريت» (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) الجملة في موضع نصب بقول محذوف أي يقول الله للمؤمن، ويا حرف نداء وأية منادى نكرة مقصودة مبني على الضم وقد مرّت نظائره كثيرا والهاء للتنبيه والنفس بدل والمطمئنة نعت للنفس وارجعي فعل أمر مبني على حذف النون والياء فاعل وإلى ربك متعلقان بارجعي وراضية مرضية حالان (فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) نسق على ارجعي وفي عبادي متعلقان بادخلي وادخلي في جنتي عطف أيضا أي انتظمي في سلكهم وادخلي جنتي معهم.
* البلاغة:
في قوله «وجاء ربك والملك صفّا صفّا» فن الإفراط في الصفة كما سمّاه ابن المعتز، وسمّاه قدامة المبالغة، وسمّاه غيرهما التبليغ، والمشهورة تسمية قدامة وعرّفه بقوله: هو أن يذكر المتكلم حالا لو وقف عندها لأجزأت فلا يقف عندها حتى يزيد في كلامه ما يكون أبلغ في معنى قصده، وهي على ضروب شتى ومنها إخراج الكلام مخرج الإخبار عن الأعظم الأكبر للمبالغة والإخبار عنه مجاز كقول من رأى موكبا عظيما أو جيشا خضما جاء الملك نفسه وهو يعلم أن ما جاء جيشه فقد جعل في الآية مجيء جلائل آياته مجيئا له سبحانه.
* الفوائد:
1- أيها وأيتها: قرأ الجمهور «يا أيتها النفس» بتاء التأنيث وقرأ زيد بن علي يا أيها بغير تاء ولا نعلم أحدا ذكر أنها تذكّر وإن كان المنادى مؤنثا إلا صاحب البديع، وهذه الآية شاهدة بذلك، ولذلك وجه من القياس وذلك أنه لم يثن ولم يجمع في نداء المثنى والمجموع فكذلك لم يذكّر في نداء المؤنث، وأي وأية مبنيان على الضم لكون كلّ منهما منادى مفردا وهاء التنبيه فيهما زائدة لازمة للفظ أي وأية عوضا عن المضاف إليه مفتوحة الهاء.
2- كيف يتعدى «دخل» : إذا كان المدخول فيه غير ظرف حقيقي تعدّت إليه «دخل» بفي نحو دخلت في الأمر ودخلت في غمار الناس ومنه فادخلي في عبادي أي في جملة عبادي الصالحين وإذا كان المدخول فيه ظرفا حقيقيا تعدّت إليه في الغالب بغير وساطة «في» ومنه: وادخلي جنتي، وعلى كل حال تعرب جنتي مفعولا به على السعة لأنه في الأصل لا يتعدى بنفسه كما تقدم.
{"ayahs_start":15,"ayahs":["فَأَمَّا ٱلۡإِنسَـٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَیَقُولُ رَبِّیۤ أَكۡرَمَنِ","وَأَمَّاۤ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَیۡهِ رِزۡقَهُۥ فَیَقُولُ رَبِّیۤ أَهَـٰنَنِ","كَلَّاۖ بَل لَّا تُكۡرِمُونَ ٱلۡیَتِیمَ","وَلَا تَحَـٰۤضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِینِ","وَتَأۡكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكۡلࣰا لَّمࣰّا","وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبࣰّا جَمࣰّا","كَلَّاۤۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكࣰّا دَكࣰّا","وَجَاۤءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفࣰّا صَفࣰّا","وَجِا۟یۤءَ یَوۡمَىِٕذِۭ بِجَهَنَّمَۚ یَوۡمَىِٕذࣲ یَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَـٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكۡرَىٰ","یَقُولُ یَـٰلَیۡتَنِی قَدَّمۡتُ لِحَیَاتِی","فَیَوۡمَىِٕذࣲ لَّا یُعَذِّبُ عَذَابَهُۥۤ أَحَدࣱ","وَلَا یُوثِقُ وَثَاقَهُۥۤ أَحَدࣱ","یَـٰۤأَیَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَىِٕنَّةُ","ٱرۡجِعِیۤ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِیَةࣰ مَّرۡضِیَّةࣰ","فَٱدۡخُلِی فِی عِبَـٰدِی","وَٱدۡخُلِی جَنَّتِی"],"ayah":"فَٱدۡخُلِی فِی عِبَـٰدِی"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق