* اللغة:
(بُشْراً) بضمّ الباء وسكون الشين جمع بشير، أي مبشرات.
وفيه أربع قراءات سبعية، والثانية بشرا بضمتين، والثالثة فشرا بالنون وبضمتين، والرابعة نشرا بفتح النون وسكون الشين، ومعنى نشرا متفرقة.
(أَقَلَّتْ) : حملت ورفعت، واشتقاق الإقلال من القلة، لأن الرافع المطيق يرى الذي يرفعه قليلا.
(نَكِداً) النكد: بكسر الكاف الذي لا خير فيه، أو الذي اشتدّ وعسر، وقوم أنكاد ومناكيد، قال أبو الطيب: لا تشتر العبد إلا والعصا معه ... إنّ العبيد لأنجاس مناكيد
* الإعراب:
(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) كلام مستأنف مسوق لتحذير البشر من الفساد في الأرض. ولا ناهية، وتفسدوا فعل مضارع مجزوم بلا، وفي الأرض جار ومجرور متعلقان بتفسدوا، وبعد ظرف متعلق بتفسدوا أيضا، وإصلاحها مضاف إليه (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) عطف على ما تقدم، وخوفا وطمعا منصوبان على الحال، أي: خائفين وطامعين، أو على أنهما صفة لمصدر محذوف، أو على أنهما مفعولان لأجلهما (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الجملة تعليل لما ذكر، وإن واسمها، وقريب خبرها، ومن المحسنين جار ومجرور متعلقان بقريب (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) الواو عاطفة، والكلام معطوف على ما قبله، وهو: إن ربكم إلخ، وهو مبتدأ، والذي اسم موصول في محل رفع خبر، وجملة يرسل الرياح صلة لا محل لها، وبشرا حال، أي: مبشرات بالخصب والنماء، فهو من المفعول به، وبين ظرف مكان متعلق بيرسل، وإضافته إلى يدي مجاز مرسل، (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) حتى حرف غاية وجر، والغاية للإرسال، وإذا ظرف زمان مستقبل، وجملة أقلت في محل جر بالإضافة، والظرف متعلق بسقناه الذي هو جواب الشرط، وسحابا مفعول به، وثقالا صفة، وجملة سقناه لا محل لها، ولبلد جار ومجرور متعلقان بسقناه، وميت صفة لبلد (فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) الفاء عاطفة، وأنزلنا فعل وفاعل، وبه جار ومجرور متعلقان بأنزلنا، والباء للسببية، والضمير يعود على البلد الميت، أو السحاب، فعلى الأول تكون الباء للظرفية بمعنى أنزلنا في ذلك البلد الميت الماء، وعلى الثاني تكون الماء للسببية، أي فأنزلنا الماء بسبب السحاب، والماء مفعول به، والفاء عاطفة، وأخرجنا عطف على أنزلنا، والضمير في «به» يعود على الماء أو البلد أو السحاب أيضا كما تقدم، ومن كل الثمرات جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة للمفعول به المحذوف، أي: رزقا أو نباتا (كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) كلام مستأنف مسوق بأسلوب بلاغي على طريق التشبيه بمعنى أن من قدر على إخراج الثمر الرطب من الخشب اليابس قادر على إحياء الموتى. وكذلك جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت لمصدر محذوف، فهو مفعول مطلق مقدم، ونخرج الموتى فعل وفاعل مستتر ومفعول به، وجملة الرجاء حالية، وجملة تذكرون خبر لعل (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) كلام مستأنف مسوق لتتميم التشبيه. والبلد مبتدأ، والطيب صفة، وجملة يخرج نباته خبر، وبإذن ربه جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، كأنه قيل: يخرج نباته حسنا وافيا، لأنه في مقابلة قوله: «نكدا» فيما بعد، ففي الكلام حذف لفهم المعنى، ولدلالة البلد الطيب، ولمقابلتها بقوله: نكدا (وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً) الواو عاطفة، والذي مبتدأ، وهو وصف لمحذوف، أي البلد الذي خبث، وجملة خبث صلة، وجملة لا يخرج خبر، وإلا أداة حصر لتقدّم النفي، ونكدا حال، أي: عسرا مبطئا، ويجوز أن ينتصب على المصدرية، أي أنه نعت لمصدر محذوف، أي: إلا خروجا نكدا (كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) كذلك نعت لمصدر محذوف، وقد تقدم إعراب نظائر له، والآيات مفعول نصرف، ولقوم جار ومجرور متعلقان بنصرف، وجملة يشكرون نعت لقوم.
* البلاغة:
1- المجاز المرسل في قوله: «بين يدي رحمته» التي هي الغيث، والعلاقة هي السببية، لأن اليد سبب الإنعام، والإنعام الرحمة.
2- التشبيه المرسل في قوله: «كذلك نخرج الموتى» . وقد تقدمت الإشارة إليه في الإعراب.
* الفوائد:
قال الزمخشري: «وإنما ذكّر «قريب» على تأويل الرحمة بالرحم أو الترحم، أو لأنه صفة موصوف محذوف، أي: شيء قريب، على تشبيهه بفعيل الذي هو بمعنى مفعول، أو لأن تأنيث الرحمة غير حقيقي» وقال أبو عبيدة: تذكير «قريب» على تذكير المكان، أي: مكان قريب. ورد عليه الأخفش فقال: هذا خطأ، ولو كان كما قال لكان «قريب» منصوب، كما تقول إن زيدا قريبا منك. وقال الفراء: إن القريب إذا كان بمعنى المسافة يذكر ويؤنث، وإن كان بمعنى النسب فيؤنث بلا اختلاف بينهم، فيقال: دارك منا قريب، وفلانة منا قريب، قال تعالى: «لعل الساعة تكون قريبا» .
ومنه قول امرئ القيس:
لك الويل إن أمسى ولا أمّ هاشم ... قريب ولا البسباسة ابنة يشكرا
{"ayahs_start":56,"ayahs":["وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَا وَٱدۡعُوهُ خَوۡفࣰا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ","وَهُوَ ٱلَّذِی یُرۡسِلُ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۖ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَقَلَّتۡ سَحَابࣰا ثِقَالࣰا سُقۡنَـٰهُ لِبَلَدࣲ مَّیِّتࣲ فَأَنزَلۡنَا بِهِ ٱلۡمَاۤءَ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِۚ كَذَ ٰلِكَ نُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ","وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّیِّبُ یَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِی خَبُثَ لَا یَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدࣰاۚ كَذَ ٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَشۡكُرُونَ"],"ayah":"وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَا وَٱدۡعُوهُ خَوۡفࣰا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}