الباحث القرآني

* الإعراب: (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ) الواو استئنافية، والجملة مستأنفة مسوقة لخطاب عبدة الأصنام، أي: وإن تدعوا آلهتكم إلى طلب هدى ورشاد كما تطلبونه من الله لا يتابعوكم على مرادكم. وإن شرطية. وتدعوهم فعل الشرط، والواو فاعل. والهاء مفعول به يعود على الأصنام، والى الهدى جار ومجرور متعلقان بتدعوهم، ولا نافية، ويتبعوكم جواب الشرط المجزوم (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) سواء خبر مقدم، وعليكم جار ومجرور متعلقان بسواء، والهمزة للاستفهام، وهي همزة التسوية التي تؤوّل ما بعدها بمصدر، وقد مر ذكرها في البقرة، وهي وما في حيزها في تأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر، ولك أن تعرب «سواء» خبرا لمبتدأ محذوف، والمصدر المؤول فاعل لسواء الذي أجري مجرى المصادر، وأم عاطفة وتسمى متصلة، وقد سبق ذكرها، وأنتم مبتدأ، وصامتون خبر، والجملة معطوفة على الجملة السابقة (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) الجملة مستأنفة مسوقة لتقرير ما تقدمها، وإن واسمها، وجملة تدعون صلة، ومن دون الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال. وعباد خبر إنّ، وأمثالكم صفة لعباد، ووصف الأصنام بأنها عباد أمثالهم مع أنها جمادات، ولفظ العباد إنما يطلق على الأحياء العقلاء، وعبّر عنها بضرورة في قوله: «فادعوهم» ، وقوله: «فليستجيبوا لكم» ، إنما ساغ ذلك كله لأنهم لما اعتقدوا ألوهيتها لزمهم كونها حية عاقلة وإن كانت في الواقع خلاف ذلك، ولكن وردت الألفاظ على مقتضى اعتقادهم. وسيأتي مزيد من التحقيق في هذا في باب الفوائد (فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) الفاء الفصيحة، أي: إذا صح ذلك- وهو لم يصح إلا في اعتقادهم وعرفهم- فادعوهم. وادعوهم فعل أمر وفاعل ومفعول به، وقوله: «فليستجيبوا» الفاء عاطفة، واللام لام الأمر، ويستجيبوا فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، ولكم جار ومجرور متعلقان بيستجيبوا، وإن شرطية، وكنتم صادقين فعل الشرط، والجواب محذوف دلت عليه الفاء الفصيحة، أي: فادعوهم، وصادقين خبر كنتم (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها) كلام مستأنف بمثابة التوبيخ لهم على عقولهم القاصرة. والهمزة للاستفهام الإنكاري مع النفي، ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وأرجل مبتدأ مؤخر وجملة يمشون بها صفة (أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها) أم عاطفة بمعنى بل، والجملة معطوفة على سابقتها، وكذلك قوله: (أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها؟ أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) أي: ليس لهم شيء من ذلك البتة مما هو لكم، فكيف تعبونهم؟ وأنتم أتمّ منهم وأكمل حالا (قُلِ: ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ) جملة ادعوا شركاءكم مقول القول، وثم حرف عطف وتراخ، وكيدون عطف على ادعوا، والفاء عاطفة ولا ناهية، تنظرون فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف النون، والنون للوقاية، وياء المتكلم محذوفة، وقد تقدم القول في جواز حذفها في البقرة. * البلاغة: في قوله: «ألهم أرجل يمشون» بها إلى قوله: «فلا تنظرون» فنّ بديعي معروف باسم نفي الشيء بإيجابه، وهو أن يثبت المتكلم شيئا في ظاهر كلامه بشرط أن يكون المثبت مستعارا، ثم ينفي ما هو من سببه مجازا، والمنفي حقيقة في باطن الكلام، وهو الذي أثبته لا الذي نفاه، وفي الآيات المتقدمة يقتضي نفي الإلهية جملة عمن يبصر ويسمع من الآلهة المتخذة من دون الله تعالى، فكيف من لا يسمع ولا يبصر منها. وقد تقدمت له أمثلة، وسيأتي المزيد منه. * الفوائد: لم ير أشهر المفسرين إشكالا في إطلاق لفظ «عباد» على الأصنام، فابن جرير- الذي هو أشدهم عناية بتقرير كل ما كان يعدّ شكلا والجواب عنه- لم يورده في الآية، وفسر العباد بالأملاك، وأما من بعده من المفسرين فقد أوردوا ذلك وأجابوا عنه بجوابين نقلهما الرازي. عبارة الرّازيّ: أحدها: أن المشركين لما ادّعوا أنها تضر وتنفع وجب أن يعقتدوا فيها كونها عاقلة فاهمة، فلا جرم وردت هذه الآية على وفق معتقداتهم، ولذلك قال: «فادعوهم فليستجيبوا لكم» ، وقال: إن الذين ولم يقل «التي» . والجواب الثاني أن هذا لغو ورد في معرض الاستهزاء بهم، أي قصارى أمرهم أن يكونوا أحياء عقلاء، فإذا ثبت ذلك فهم عباد أمثالكم، ولا فضل لهم عليكم، فلم جعلتم أنفسكم عبيدا؟ وجعلتموهم آلهة وأربابا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب