الباحث القرآني

* اللغة: (وسوس) الوسوسة: الكلام الخفي المكرر، ومثله الوسواس، وهو صوت الحليّ. والوسوسة أيضا: الخطرة الرديئة، ووسوس لا يتعدى إلى مفعول بل هو لازم، يقال: هو رجل موسوس بكسر الواو، ولا يقال بفتحها. قاله ابن الأعرابيّ. وقال غيره: يقال موسوس له، وموسوس إليه. وقال الليث: الوسوسة: حديث النفس، والصوت الخفي من ريح تهزّ قضيبا ونحوه، كالهمس. وقال الأزهري: وسوس ووزوز بمعنى واحد، وفي القاموس: رجل موزوز أي مغرّد. وسيأتي سرّ تكرير الحروف في باب البلاغة. (وُورِيَ) : ستر وغطّي، وهو ماض مبني للمجهول، وأصله: وارى كضارب، فلما بني للمجهول أبدلت الألف واوا كضورب. (السوآت) : العورات، وكلّ ما يستحيا منه. * الإعراب: (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) الواو عاطفة أو استئنافية، ويا حرف نداء، وآدم منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب، والكلام معطوف على اخرج، أو بتقدير عامل، أي: قلنا: يا آدم، واسكن فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره أنت، وأنت تأكيد للفاعل المستتر، وزوجك عطف على الضمير المستتر، والجنة مفعول به، على السعة، أو منصوب بنزع الخافض، وقد تقدم (فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما) الفاء حرف عطف، وكلا فعل أمر مبني على حذف النون، والألف فاعل، ومن حرف جر، وحيث ظرف مكان مبني على الضم في محل جر بمن، والجار والمجرور متعلقان بكلا، وجملة شئتما في محل جر بالإضافة (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) الواو عاطفة، ولا ناهية، وتقربا فعل مضارع مجزوم بلا، والألف فاعل، وهذه اسم إشارة في محل نصب مفعول به، وقرب يستعمل لازما ومتعديا كما هنا، والشجرة بدل من اسم الاشارة، فتكونا الفاء هي السببية، وتكونا فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد الفاء لوقوعها جوابا للنهي، والألف اسم تكونا، ومن الظالمين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر تكونا (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) الفاء عاطفة، ووسوس فعل ماض، ولهما جار ومجرور متعلقان بوسوس، والشيطان فاعل، وليبدي اللام لام التعليل، ويبدي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام ويصح أن تكون لام الصيرورة أو العاقبة، ولهما جار ومجرور متعلقان بيبدي، وما اسم موصول في محل نصب مفعول به، وجملة ووري صلة لا محل لها، وعنهما جار ومجرور متعلقان بووري، ومن سوءاتهما: جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال. (وَقالَ: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) الواو عاطفة، وقال فعل ماض معطوف على وسوس، وما نافية، ونهاكما فعل ماض، والكاف مفعول به، والميم والألف حرفان دالان على التثنية، وربكما فاعل، وعن هذه جار ومجرور متعلقان بنهاكما، والشجرة بدل من اسم الإشارة. وإلا أداة حصر. وأن وما في حيزها استثناء مفرغ من أعم العلل. فهو مفعول لأجله على حذف مضاف، أي، إلا كراهة. وأن تكونا مصدر مؤول في محل جر بالإضافة، تكونا فعل مضارع ناقص منصوب بأن، والألف اسمها، وملكين خبر تكونا، وأو تكونا من الخالدين عطف على جملة تكونا الأولى، وجملة ما نهاكما مقول القول. * البلاغة: سر تكرير الحروف في اللفظ الواحد: هذا باب من أبواب البلاغة، قلّ من يتفطن له. وقد المع إليه الزمخشري في كشافه وابن الأثير في مثله السائر وابن جني في خصائصه. ولكن إلماعهم لا يعدو لغة النظر التي لا تنقع الغلة، ولا تشفي من الأوام، ويتلخص هذا الباب في أنه كلما تكررت الحروف في اللفظ الواحد كان ذلك إيذانا بتكرير العمل ونقل الفعل من وزن إلى وزن، لم يجنح إليه الواضح في الأصل إلا لهذا السر الخفي، واللفظ هنا «وسوس» فهو تجسيد حي وتصوير بليغ لدأب إبليس على الإغواء، وإجهاده نفسه لحملها على أن تزل بهما القدم، ويرتطما في مزالق الشر، فهو يوسوس إليهما المرة بعد المرة. ومن ذلك قولهم: خشن واخشوشن، لا تفيد خشن ما تفيد كلمة اخشوشن، لما فيه من تكرير الحروف. وقل مثل هذا في أعشب المكان واعشوشب. فكأنهم لما رأوا كثرة العشب قالوا: اعشوشب. وسيرد معنا في القرآن الكريم العجيب منه، كما في هذه الآية. نموذج شعري للتكرير: ويحسن بنا هنا أن نورد الآن نموذجا شعريا تعلق فيه الشاعر بأذيال هذا السر الخفي، وهو قول البحتري من قصيدة يمدح بها المتوكل على الله، ويذكر حديث الصلح بين أبناء العمومة والخئولة من بني تغلب، منها قوله: رفعت بضبعي تغلب بنة وائل ... وقد يئست أن يستقلّ صريعها فكنت أمين الله مولى حياتها ... ومولاك فتح يوم ذاك شفيعها تألّفتهم من بعد ما شرّدت بهم ... حفائظ أخلاق بطيء رجوعها فأبصر غاويها المحجّة فاهتدى ... وأقصر غاليها ودانى شسوعها وموضع الاستشهاد قوله: «تألّفتهم من بعد ما شردت بهم» فتثقيل تألّفتهم وشردت بهم أمر يستوجبه المقام، لأنه مقام الإصلاح وإعادة المياه إلى مجاريها بين أبناء العمومة والخئولة. وحسبنا ما تقدم الآن. وسيرد له ما يدعمه ويظهر مكان حسنه في مكان آخر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب