الباحث القرآني
* الإعراب:
(ن، وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) ن تقدم القول في إعراب فواتح السور، ونضيف ما قاله الزمخشري في الرد على المتعسفين، قال: هذا الحرف من حروف المعجم وأما قولهم هو الدواة فما أدري أهو وضع لغوي أم شرعي ولا يخلو إذا كان اسما للدواة من أن يكون جنسا أو علما فإن كان جنسا فأين الإعراب والتنوين وإن كان علما فأين الإعراب وأيّهما كان فلا بدّ له من موقع في تأليف الكلام فإن قلت هو مقسم به وجب إن كان جنسا أن تجرّه وتنوّنه ويكون القسم بدواة منكرة مجهولة كأنه قيل ودواة والقلم، وإن كان علما أن تصرفه وتجرّه أو لا تصرفه وتفتحه للعملية والتأنيث وكذلك التفسير بالحوت إما أن يراد نون من النينان أو يجعل علما للبهموت الذي يزعمون والتفسير باللوح من نور أو ذهب والنهر في الجنة. وأكد أبو حيان أنه لا يصحّ شيء من ذلك.
والواو حرف قسم وجر والقلم مقسم به والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم وأقسم تعالى بالقلم تعظيما لأمره وتنويها بشأنه ولما فيه من الفوائد والمنافع التي لا يحيط بها الوصف أي فالمراد به جنس القلم الشامل للأقلام التي يكتب بها، قال تعالى «وربك الأكرم الذي علّم بالقلم» وبأنه ينتفع به كما ينتفع بالمنطق ولهذا قيل: القلم أحد اللسانين. والواو حرف عطف وما موصولة أو مصدرية وعلى كل حال هي معطوفة على القلم فأقسم أولا بالقلم ثم بسطر الملائكة أو بمسطورهم فالمقسم به شيئان على ثلاثة أشياء نفي الجنون عنه وثبوت الأجر له وكونه على الملّة الحنيفية السمحاء (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) جملة لا محل لها من الإعراب لأنها جواب القسم وما نافية حجازية وبنعمة ربك متعلقان بمعنى النفي المدلول عليه بما والباء للسبب والباء حرف جر زائد ومجنون مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما والمعنى انتفى عنك الجنون بسبب إنعام ربك عليك بالنبوّة وغيرها، وسيأتي مزيد بيان لتعلق الجار والمجرور والظرف بمعنى النفي في باب الفوائد (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) الواو حرف عطف والجملة وما بعدها عطف على جملة جواب القسم فهما من جملة المقسم عليه كما تقدم آنفا وإن حرف مشبه بالفعل ولك خبرها المقدم واللام المزحلقة وأجرا اسمها وغير ممنون نعت أي غير مقطوع (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) إن واسمها واللام المزحلقة وعلى خلق خبر وعظيم نعت (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ) الفاء استئنافية والسين حرف استقبال وتبصر فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره أنت ويبصرون عطف على ستبصر (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) اختلف المعربون فيها اختلافا شديدا ونورد أرجح الأقوال وهي أربعة: 1- أن الباء مزيدة في المبتدأ والتقدير أيّكم المفتون فزيدت الباء كزيادتها في نحو بحسبك زيد 2- أن الباء بمعنى في فهي ظرفية كقولك زيد بالبصرة أي فيها والمعنى في أيّ فرقة وطائفة منكم المفتون 3- أنه على حذف مضاف أي بأيّكم فتن المفتون فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وتكون الباء سببية 4- أن المفتون مصدر جاء على مفعول كالمعقول والميسور والتقدير بأيّكم الفتون والجملة على كل حال في محل نصب معمولة لما قبلها لأنه معلق بأداة الاستفهام وسيأتي مزيد بحث في هذا الصدد في باب الفوائد (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) الجملة لا محل لها لأنها تعليل لما تقدم لأن ما قبلها أنبأ بظهور جنونهم بحيث لا يخفى على أحد، وإن واسمها وهو مبتدأ وأعلم خبر والجملة خبر إن، ولك أن تعرب هو ضمير فصل وأعلم خبر وبمن متعلقان بأعلم وجملة ضلّ صلة وعن سبيله متعلقان بضل وهو مبتدأ وأعلم خبر وبالمهتدين متعلقان بأعلم.
* البلاغة:
في قوله «ن والقلم وما يسطرون» إلى قوله «غير ممنون» فن المناسبة اللفظية، وهي عبارة عن الإتيان بلفظات متّزنات مقفّات.
* الفوائد:
1- منع جمهور النحاة تعليق الجار والمجرور والظرف بأحرف المعاني، وأجازه بعضهم وفصّل بعضهم، فقال إن كان نائبا عن فعل حذف جاز ذلك على سبيل النيابة لا الأصالة وإلا فلا، قال ابن هشام في المغني: ومن ذلك قوله تعالى: ما أنت بنعمة ربك بمجنون، الباء متعلقة بالنفي إذ لو علقت بمجنون لأفاد نفي جنون خاص وهو الذي يكون من نعمة الله وليس في الوجود جنون هو نعمة. هذا ما ذكره ابن الحاجب وغيره وهو كلام بديع إلا أن جمهور النحويين لا يوافقون على صحة التعلّق بالحرف فينبغي أن يقدّر على قولهم أن التعلق بفعل دلّ عليه النافي أي انتفى ذلك بنعمة ربك وقد ذكرت في شرحي لقصيدة كعب بن زهير عند الكلام على قوله:
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ... إلا أغن غضيض الطرف مكحول
إن المختار تعلق الظرف بمعنى التشبيه الذي تضمنه البيت وذلك على أن الأصل وما كسعاد إلا ظبي أغن على التشبيه المعكوس للمبالغة لئلا يكون الظرف متقدما في التقدير على اللفظ الحامل لمعنى التشبيه وإذا جاز لحرف التشبيه أن يعمل في الحال في نحو قوله:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العناب والحشف البالي
مع أن الحال شبيهة بالمفعول به فعمله في الظرف أجدر.
أما الزمخشري فقد سلك مسلكا غريبا في تعليق بنعمة قال: «فإن قلت: بم تتعلق الباء في بنعمة ربك وما محله؟ قلت يتعلق بمجنون منفيا كما يتعلق بعاقل مثبتا في قولك: أنت بنعمة الله عاقل مستويا في ذلك الإثبات والنفي استواءهما في قولك ضرب زيد عمرا وما ضرب زيد عمرا تعمل الفعل مثبتا ومنفيا إعمالا واحدا كأنه قال: ما أنت بمجنون منعما عليك بذلك ولم تمنع الباء أن يعمل مجنون فيما قبله لأنها زائدة لتأكيد النفي» وقد تبع الزمخشري معظم المفسرين، قال النسفي: «الباء تتعلق بمحذوف ومحله النصب على الحال والعامل فيها بمجنون» .
وتعقب أبو حيان الزمخشري فيما ذهب إليه فقال: «وما ذهب إليه الزمخشري من أن بنعمة ربك متعلق بمجنون وأنه في موضع الحال يحتاج إلى تأمل وذلك أنه إذا تسلط النفي على محكوم به وذلك له معمول ففي ذلك طريقان أحدهما أن النفي يتسلط على ذلك المعمول فقط والآخر أن يتسلط النفي على المحكوم به فينتفي معموله لانتفائه بيان ذلك تقول ما زيد قائم مسرعا فيتبادر إلى الذهن أنه منتف إسراعه دون قيامه فيكون قد قام غير مسرع والوجه الآخر أنه انتفى قيامه فانتفى إسراعه أي لا قيام فلا إسراع وهذا الذي قررناه لا يتأتّى معه قول الزمخشري بوجه بل يؤدي إلى ما لا يجوز أن ينطق به في حق المعصوم صلّى الله عليه وسلم.
2- ذكر صاحب المغني أن الباء في «بأيّكم المفتون» زائدة، قال في مواضع الباء الزائدة: «الثالث المبتدأ وذلك في قولهم بحسبك درهم وخرجت فإذا بزيد وكيف بك إذا كان كذا وكذا ومنه عند سيبويه: بأيّكم المفتون وقال أبو الحسن بأيّكم متعلق باستقرار محذوف يخبر به عن المفتون ثم اختلف فقيل المفتون مصدر بمعنى الفتنة وقيل الباء ظرفية أي في أي طائفة منكم المفتون» .
هذا وقد قال أبو حيان: «لا ينبغي حمله عليه لقلته» فالمعروف أن الباء لا تزاد في المبتدأ إلا إذا كان لفظ «حسب» قياسا، وقال ابن يعيش: «أما زيادتها في المبتدأ ففي موضع واحد وهو بحسبك» وذكر الكافيجي: «إن زيادتها في بحسبك زيادة في الخبر وجعل درهم مبتدأ مؤخرا وبحسبك هو الخبر لأنه هو محطّ الفائدة والمعنى درهم واحد كافيك» قال تلميذه السيوطي: «وهو من الحسن بمكان ولا أعلم في اختياراته في العربية أحسن منه» والمسوغ حينئذ هو تقدم الخبر وهو جار ومجرور.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["نۤۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا یَسۡطُرُونَ","مَاۤ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونࣲ","وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَیۡرَ مَمۡنُونࣲ","وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِیمࣲ","فَسَتُبۡصِرُ وَیُبۡصِرُونَ","بِأَییِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ","إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ"],"ayah":"نۤۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا یَسۡطُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق