* اللغة:
(مكّن له في الأرض) جعل له مكانا ومكنته أثبته.
(المدرار) : المغزار، ومفعال صيغة مبالغة تدل على الكثرة، كمذكار للمرأة التي كثرت ولادتها للذكور، ومئناث للتي تلد الإناث.
(قَرْناً) القرن اسم جمع، كقوم ورهط. وقد اختلف الناس في القرن حالة إطلاقه على الزمان، فجمهور أهل اللغة على أنه مائة سنة، ويطلق على الجماعة من الناس أهل زمان واحد، كما في الآية، ويجمع على قرون.
* الإعراب:
(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) الكلام مستأنف مسوق للشروع في توبيخ الذين لا يؤمنون، لأنهم غمطوا نعمة ربهم، وكذبوا بالحق لما جاءهم. والهمزة للاستفهام التقريري والتوبيخي في وقت واحد، ولم حرف نفي وقلب وجزم، ويروا فعل مضارع مجزوم بلم، والرؤية بصرية أو علمية، وكم خبرية أو استفهامية في محل نصب مفعول مقدم لأهلكنا، وجملة أهلكنا سدت مسد مفعول أو مفعولي الرؤية، ومن قبلهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، ومن الجارة ومجرورها في موضع نصب تميز كم. (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) الجملة في محل جر صفة لقرن، وفي الأرض جار ومجرور متعلقان بمكناهم، ومكناهم فعل وفاعل ومفعول به، وفي الأرض جار ومجرور متعلقان بمكناهم، و «ما» يجوز أن تكون نكرة تامة بمعنى شيء في محل نصب مفعول مطلق، أي: شيئا من التمكين لم نمكنه لكم، فتكون الجملة بعدها في محل نصب صفة، ويجوز أن تكون مصدرية ظرفية أي: مدة تمكنهم أطول من مدة تمكنكم، وتكون الجملة صفة أيضا. وقيل: «ما» اسم موصول بمعنى الذي، ويكون التقدير:
التمكين الذي لم نمكن لكم، فحذف المنعوت وأقيم النعت مقامه، والجملة بعده صلة، والضمير العائد على «ما» محذوف، أي: الذي لم نمكنه لكم، والأول أسهلها. ولم حرف نفي وقلب وجزم، ونكن فعل مضارع مجزوم بلم، ولكم متعلقان بنمكن (وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً) الواو عاطفة، وأرسلنا السماء فعل وفاعل ومفعول به، وعليهم جار ومجرور متعلقان بأرسلنا، ومدرارا حال (وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) عطف أيضا على ما تقدم، وجملة تجري من تحتهم في محل نصب مفعول به ثان لجعلنا، فأهلكناهم الفاء عاطفة، وأهلكناهم فعل وفاعل ومفعول به، وبذنوبهم جار ومجرور متعلقان بأهلكناهم (وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) عطف أيضا، وأنشأنا فعل وفاعل، ومن بعدهم جار ومجرور متعلقان بأنشأنا، وقرنا مفعول به، وآخرين صفة.
* البلاغة:
1- الالتفات في قوله: «ما لم نمكن لكم» ، والسياق يقتضي:
ما لم نمكن لهم، لتخصيص المرسل إليهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالمواجهة، فضلا عن تطرية نشاط السامع.
2- المجاز المرسل: في قوله: «وأرسلنا السماء عليهم مدرارا» ، والعلاقة المحلية، يريد المطر الكثير، عبر عنه بالسماء لأنه ينزل منها، وقد رمق هذا المجاز الشاعر بقوله:
إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
{"ayah":"أَلَمۡ یَرَوۡا۟ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنࣲ مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مَا لَمۡ نُمَكِّن لَّكُمۡ وَأَرۡسَلۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ عَلَیۡهِم مِّدۡرَارࣰا وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَنۡهَـٰرَ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَـٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَنشَأۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِمۡ قَرۡنًا ءَاخَرِینَ"}