* الإعراب:
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) كلام مستأنف مسوق للحث على الوحدة التي أمر الله بها، والنهي عن التفرقة.
وإن واسمها، وجملة فرقوا صلة الموصول، ودينهم مفعول به، وجملة وكانوا عطف على جملة الصلة، وشيعا خبر كانوا، وجملة لست خبر إن، وليس واسمها، ومنهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لتمام الفائدة به، وفي شيء جار ومجرور متعلقان بالاستقرار الذي تعلق به منهم، أي: لست مستقرا منهم في شيء، ويجوز أن يكون في شيء هو الخبر ومنهم حال مقدمة عليه (إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) كلام مستأنف مسوق للدلالة على أن مردّ الأمور إلى الله تعالى. وإنما كافة ومكفوفة، وأمرهم مبتدأ، والى الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر، وثم حرف عطف، وينبئهم فعل مضارع، والهاء مفعوله، وبما الجار والمجرور في موضع نصب على أنه المفعول الثاني، وجملة كانوا صلة «ما» ، وجملة يفعلون خبر كانوا (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)
كلام مستأنف مسوق لبيان أجر العاملين، والتقيد بالعشرة لأنه أقل مراتب التضعيف، وإلا فالجزاء لا يحصى.
ومن اسم شرط جازم مبتدأ، وجاء فعل ماض في محل جزم فعل الشرط، وبالحسنة جار ومجرور متعلقان بجاء، والفاء رابطة لجواب الشرط، وله جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وعشر مبتدأ مؤخر، وأمثالها مضاف إليه. ويلاحظ أن «عشر» لم تراع فيها القاعدة وهي معاكسة المعدود إذا أفردت، وسنتكلم عن ذلك في باب الفوائد (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) عطف على ما تقدم، وإلا أداة حصر، ومثلها مفعول به ثان أو منصوب بنزع الخافض (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) الواو حرف عطف، وهم مبتدأ، ولا نافية، ويظلمون فعل مضارع مبني للمجهول، والواو نائب فاعل، والجملة خبر «هم» (قُلْ: إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) الجملة مستأنفة لتكرير ما يجب فعله وقوله. وإن واسمها، وجملة هداني خبرها، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وإلى صراط جار ومجرور متعلقان بهداني على أنه مفعول به ثان (دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) دينا نصب على البدل من محل «إلى صراط» ، لأن معناه: هداني صراطا، وهدى كما قلنا سابقا يتعدى تارة ب «إلى» كما هنا وتارة بنفسه كما في قوله. «ويهديكم صراطا مستقيما» ويجوز أن يكون نصبا على المصدرية، أي: هداني هداية دين قيم. ولا أدري كيف ساغ أبو البقاء أن يعرب «دينا» مفعولا ثانيا، مع أن المفعول الثاني هو «إلى صراط» ، وقيما صفة، أي: مستقيما. وملة إبراهيم بدل من دينا، وحنيفا حال من إبراهيم، وما الواو عاطفة، وما نافية، وكان واسمها المستتر، ومن المشركين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبرها، والجملة معطوفة على الحال، فهي حال بعد حال.
* الفوائد:
تذكير العدد وتأنيثه:
إنما ذكّر العدد والمعدود مذكّر لأوجه:
1- إن الإضافة لها تأثير كما تقدم، فاكتسب المذكر من المؤنث التأنيث، فأعطي حكم المؤنث في سقوط التاء من عدده، ولذلك يؤنث فعله في حال إضافته، نحو: «يلتقطه بعض السيارة» وقال قيس:
وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديار
2- إن هذا المذكر عبارة عن مؤنث، فروعي المراد منه دون اللفظ، فالمعتبر في التذكير والتأنيث حال الموصوف المنوي لا حالها، والتقدير: فله عشر حسنات أمثالها، ثم حذف الموصوف، وأقيمت صفته مقامه، وترك العدد على حاله.
3- انه اقترن باللفظ ما يعضد المعنى المراد وهو التأنيث، وعلى هذا يحمل قول عمر بن أبي ربيعة:
فكان مجني دون من كنت أتّقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
وكان القياس فيه: ثلاثة شخوص، ولكنه كنّى بالشخوص عن النساء. والذي سهل ذلك قوله: كاعبان ومعصر، أي: هن كاعبان ومعصر.
{"ayahs_start":159,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ","مَن جَاۤءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَاۖ وَمَن جَاۤءَ بِٱلسَّیِّئَةِ فَلَا یُجۡزَىٰۤ إِلَّا مِثۡلَهَا وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ","قُلۡ إِنَّنِی هَدَىٰنِی رَبِّیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ دِینࣰا قِیَمࣰا مِّلَّةَ إِبۡرَ ٰهِیمَ حَنِیفࣰاۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ"}