الباحث القرآني
* اللغة:
(مَكانَتِكُمْ) : اختلف في ميم «مكان» و «مكانة» ، فقيل:
هي أصلية، وهما من مكن يمكن. وقيل: هي زائدة، وهما من الكون، فالمعنى على القول الأول: على ممكنكم من أمركم وأقصى استطاعتكم وإمكانكم، فالمكانة مصدر. وعلى الثاني: اعملوا على حالتكم التي أنتم عليها.
(ذَرَأَ) : خلق، وذرأ الله الخلق وذرأنا الأرض وذروناها، أي:
بذرناها. وقد علته ذرأة، وهي: بياض الشيب أول ما يبدو في الفودين منه، ورجل أذرأ، وامرأة ذرآء، قال:
فمرّ ولمّا تسخن الشمس غدوة ... بذرآء تدري كيف تمشي المنائح أي: منحت كثيرا فاعتادت ذلك، فهي تسامح بالمشي لا تأبى.
(الزعم) بفتح الزاي وضمها، وفي المصباح: زعم زعما من باب قتل، وفي الزعم ثلاث لغات: فتح الزاي لأهل الحجاز، وضمها لبني أسد، وكسرها لبعض قيس. ويطلق الزعم بمعنى القول، ومنه:
زعمت الحنفية، وزعم سيبويه، أي: قال، وعليه قوله تعالى: «أو تسقط السماء كما زعمت» أي: قلت. ويطلق على الظنّ، يقال: في زعمي كذا. وعلى الاعتقاد، ومنه قوله تعالى: «زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا» . قال الأزهري: وأكثر ما يكون الزعم فيما يشكّ فيه، ولا يتحقق. وقال بعضهم: هو كناية عن الكذب، وقال في أساس البلاغة: «وزعموا مطيّة الكذب، وفي قوله مزاعم: إذا لم يوثق به، وأفعل ذلك ولا زعماتك» وهذا القول: ولا زعماتك، أي: ولا أتوهم زعماتك. قال ذو الرمة:
لقد خطّ رومي ولا زعماته ... لعتبة خطّا لم تطبّق مفاصله
روميّ: عريف كان بالبادية، قضى عليه لعتبة بن طرثوث، رجل كان يخاصمه في بئر، وكتب له سجلا.
* الإعراب:
(قُلْ: يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ) كلام مستأنف مسوق للوعيد والتهديد والمبالغة في الزجر عما هم عليه. ويا حرف نداء، وقوم منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة، وقد تقدّم بحثه.
واعملوا فعل أمر، والمقصود منه التهديد والزجر، وعلى مكانتكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، وإن واسمها، وعامل خبرها، والجملة بمثابة التعليل للأمر (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) الفاء للتعليل، والجملة تعليلية لا محل لها، وإنما أتت لتأكيد مضمون الجملة وفحواها، ومن اسم موصول في محل نصب مفعول به لتعلمون التي هي بمعنى العرفان، فهي تتعدى لواحد، وجملة تكون لا محل لها لأنها صلة الموصول، ويجوز أن تكون «من» استفهامية في محل رفع مبتدأ، وخبرها جملة تكون، والجملة في محل نصب مفعول تعلمون، وله جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر تكون المقدم، وعاقبة الدار اسمها المؤخر، وإن واسمها، وجملة لا يفلح الظالمون خبرها، والجملة تعليلية أيضا، وكأنها في جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: وما عاقبتهم؟ (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً) كلام مستأنف مسوق لبيان نوع أو نمط من أحكامهم الفاسدة، وجعل هنا بمعنى: صير، فهي تنصب مفعولين، ولله جار ومجرور متعلقان بمحذوف هو المفعول به الثاني، والمفعول الأول نصيبا، ومما جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، لأنه كان صفة ل «نصيبا» ، وتقدمت عليه، وجملة ذرأ لا محل لها لأنها صلة الموصول، ومن الحرث جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال أيضا من «نصيبا» ، والأنعام عطف على الحرث (فَقالُوا: هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا) الفاء حرف عطف، وقالوا عطف على جعلوا، واسم الإشارة مبتدأ، والله جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وبزعمهم جار ومجرور متعلقان بما تعلق به الاستقرار من قوله «لله» ، وهذا لشركائنا مبتدأ وخبر، والجملة معطوفة على: هذا لله (فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ) الفاء تفريعية، والجملة لا محل لها لأنها بمثابة الاستئنافية، وما اسم موصول في محل رفع مبتدأ، وجملة كان صلة لا محل لها، وكان فعل ماض ناقص، واسمها مستتر، ولشركائهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر، والفاء رابطة لما في الموصول من رائحة الشرط، ولا نافية، وجملة لا يصل إلى الله في محل رفع خبر «ما» (وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ) الواو عاطفة، وما كان لله تقدم إعرابها، والفاء رابطة، وهو مبتدأ، وجملة يصل إلى شركائهم خبره (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) الجملة مستأنفة، وساء فعل ماض جامد من أفعال الذم، وما اسم موصول فاعل، وقيل: ما نكرة تامة بمعنى شيء منصوبة على التمييز، والتقدير: ساء حكما حكمهم، وسيأتي تفصيل ذلك في باب الفوائد.
* الفوائد:
اختلف النحاة في كلمة «ما» بعد أفعال المدح والذم: نعم وبئس وساء، فقال ابن مالك في الخلاصة:
و «ما» مميّز، وقيل: فاعل ... في نحو: نعم ما يقول الفاضل
وتفصيل ذلك أن يقال: إنّ «ما» هذه على ثلاثة أقسام:
1- مفردة: أي غير متلوّة بشيء.
2- متلوّة بمفرد.
3- متلوّة بجملة فعلية.
فالأولى: نحو: دققته دقّا نعمّا، وفيها قولان: آ- معرفة: فهي اسم موصول فاعل.
ب- نكرة تامة: وعليها فالمخصوص محذوف أي: نعم الدقّ.
والثانية نحو: فنعمّا هي وبئسما تزويج بلا مهر، وفيها ثلاثة أقوال:
معرفة تامة فاعل، ونكرة تامة، ومركبة مع الفعل قبلها تركيب «ذا» مع «حبّ» ، فلا موضع لها، وما بعدها فاعل.
والثالثة المتلوّة بجملة فعلية، نحو: «نعمّا يعظكم به» ، و «بئسما اشتروا به أنفسهم» ، وفيها أقوال، أهمها أربعة:
آ- أنها نكرة في موضع نصب على التمييز.
ب- أنها في موضع رفع على الفاعلية.
ج- أنها هي المخصوص.
د- أنها كافّة.
فأما القائلون بأنها في موضع نصب على التمييز فاختلفوا فيها على ثلاثة أقوال:
آ- أنها نكرة موصوفة بالفعل بعدها، والمخصوص محذوف.
ب- أنها نكرة موصوفة والفعل بعدها صفة لمخصوص محذوف.
ج- أنها تمييز، والمخصوص «ما» أخرى موصولة محذوفة، والفعل صلة ل «ما» الموصولة المحذوفة، وهذا ما نختاره للسهولة في الإعراب.
وأما القائلون بأنها في موضع رفع على الفاعلية فاختلفوا فيها على خمسة أقوال:
آ- أنها اسم معرفة تام، أي: غير مفتقر إلى صلة، والفعل بعدها صفة لمحذوف.
ب- أنها موصولة، والفعل صلتها، والمخصوص محذوف.
ج- أنها موصولة، والفعل صلتها، مكتف بها وبصلتها عن المحذوف.
د- أنها مصدرية سادة بصلتها- لاشتمالها على المسند والمسند إليه- مسد الفاعل والاسم المخصوص جميعا.
هـ- أنها نكرة موصوفة، والمخصوص محذوف.
وأما القائلون بأنها هي المخصوص فقالوا: إنها موصولة، والفاعل مستتر، و «ما» أخرى محذوفة هي التمييز وأما القائلون بأنها كافّة كفّت «نعم» عن العمل كما كفت: قلّ وطال وكثر وشدّ عنه، فصارت تدخل على الجملة الفعلية.
تطبيق الخلاف على الآية:
فإذا أردنا تطبيق ما أجملناه على «ساء ما يحكمون» فإن جعلنا «ما» تمييزا فهي نكرة موصوفة، أي: ساء شيئا يحكمونه، وإن جعلناها فاعلا فهي معرفة ناقصة، أي ساء الذي يحكمونه، وعليهما فالمخصوص بالذم محذوف دائما. أطلنا في هذا النقل لأن النحاة اضطرب كلامهم فيه اضطرابا شديدا.
{"ayahs_start":135,"ayahs":["قُلۡ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُوا۟ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّی عَامِلࣱۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُۥ عَـٰقِبَةُ ٱلدَّارِۚ إِنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ","وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ نَصِیبࣰا فَقَالُوا۟ هَـٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَـٰذَا لِشُرَكَاۤىِٕنَاۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَاۤىِٕهِمۡ فَلَا یَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ یَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَاۤىِٕهِمۡۗ سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ"],"ayah":"وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ نَصِیبࣰا فَقَالُوا۟ هَـٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَـٰذَا لِشُرَكَاۤىِٕنَاۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَاۤىِٕهِمۡ فَلَا یَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ یَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَاۤىِٕهِمۡۗ سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق