* اللغة:
(ضَيْفِ) الضيف: للواحد والجماعة لأنه في الأصل مصدر كالزور والصوم قيل كانوا اثني عشر ملكا وفي القاموس: «الضيف للواحد والجميع وقد يجمع على أضياف وضيوف وضيفان وهي ضيف وضيفة» أما الضيفن فهو من يجيء مع الضيف متطفلا وفي الأساس: ضاف إليه: مال إليه وضاف عنه: مال عنه وضاف السهم عن الهدف وضافت الشمس وضيّفت وتضيفت: مالت إلى الغروب وقال بشر:
طاو برملة أورال تضيفه ... إلى الكناس عشيّ بارد صرد
أي أماله إليه، والناقة تضيف إلى الفحل والجارية تضيف إلى الرجل: تستأنس إلى صوته وتريد أن تأتيه وأضف ظهرك إلى الحائط، قال امرؤ القيس:
فلما دخلناه أضفنا ظهورنا ... إلى كل حاري جديد مشطّب
ونزلوا بضيف الوادي: بناحيته وتضايفوا الوادي: أتوا ضيفه، وضافني وتضيفني، قال الفرزدق:
ومنّا خطيب لا يعاب وقائل ... ومن هو يرجو فضله المتضيف وأضفته وضيّفته وهو ضيف وكذلك الجميع وهم ضيوف وأضياف وضيفان.
(فَراغَ) راغ: ذهب في خفية وهذا من أدب المضيف ليباده ضيفه بقراه وفي المصباح «وراغ الثعلب روغا من باب قال وروغانا ذهب يمنة ويسرة في سرعة وخديعة فهو لا يستقر في جهة وراغ فلان إلى كذا مال إليه سرّا» .
(فَأَوْجَسَ) أضمر في نفسه.
(صَرَّةٍ) بفتح الصاد هي شدّة الصياح والرنّة والتأوّه من حرّ الجند وصرّ القلم والباب وقيل: جماعة من الناس، وفي الصحاح: «الصرة:
الضجة والصحة والصرة: الجماعة والصرّة الشدّة من حرب وغيره» .
(فَصَكَّتْ) اختلف في الصك فقيل هو الضرب باليد مبسوطة وقيل هو ضرب الوجه بأطراف الأصابع مثل المتعجب وهي عادة النساء إذا أنكرن شيئا، وأصل الصك ضرب الشيء بالشيء العريض.
(خَطْبُكُمْ) شأنكم والخطب في الأصل الأمر الجلل ومنه الخطبة لأنها كلام بليغ يستهدف أمورا جليلة.
(مُسَوَّمَةً) معلمة من السومة وهي العلامة.
* الإعراب:
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) هل حرف استفهام والاستفهام هنا معناه التفخيم والتنبيه على أن الحديث ليس من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما عرفه بالوحي، وأتاك فعل ومفعول به مقدم وضيف إبراهيم مضاف إلى الحديث والمكرمين نعت لضيف (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) إذ ظرف لما مضى من الزمن نصب بالمكرمين لأن إبراهيم أكرمهم أو فيما في ضيف من معنى الفعل أو بإضمار اذكر أو بحديث أي هل أتاك حديثهم وقت دخولهم عليه ورجحه ابن هشام لأنه مصدر فيه رائحة الفعل وجملة دخلوا في محل جر بإضافة الظرف إليها وعليه متعلقان بدخلوا، فقالوا معطوف على دخلوا وسلاما مفعول مطلق استغني عن فعله لأنه سدّ مسدّه وأصله نسلّم عليكم سلاما وقال فعل ماض وفاعل مستتر تقديره هو وسلام مبتدأ ساغ الابتداء به مع أنه نكرة لتضمنه معنى الدعاء وإنما عدل إلى الرفع بالابتداء لقصد الثبات وديمومة السلام حتى تكون تحيته أحسن من تحيتهم والخبر محذوف تقديره سلام عليكم، وقرئا مرفوعين، وقوم خبر لمبتدأ محذوف تقديره وأنتم أو هم ومنكرون صفة لقوم (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) الفاء عاطفة على مقدّر يقتضيه السياق أي فبادر إلى إكرامهم دون أن يشعرهم لأن من أدب الضيافة أن يباده المضيف ضيوفه بالقرى من غير أن يشعروا به حذرا من أن يكفوه فراغ. وراغ فعل ماض وفاعل مستتر وإلى أهله متعلقان براغ، فجاء عطف للتعقيب وبعجل متعلقان بجاء وسمين صفة لعجل (فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ) عطف على ما تقدم وإليهم متعلقان بقربه وألا أداة استفهام ولا نافية والاستفهام معناه العرض أو الإنكار وتأكلون فعل مضارع مرفوع والجملة مقول القول (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) الفاء عاطفة على مقدّر يقتضيه السياق أي فلما رأى امتناعهم وإصرارهم على الامتناع أوجس منهم خيفة ظنا منه أنهم يريدون إيقاع السوء به وخيفة مفعول أوجس (قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) لا ناهية وتخف فعل مضارع مجزوم بلا وبشّروه فعل ماض وفاعل ومفعول به وبغلام متعلقان ببشروه وعليم نعت غلام (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) عطف أيضا على مقدّر لا بدّ منه، أي لما سمعت سارة امرأة إبراهيم البشارة أقبلت وهي تصيح وامرأته فاعل فأقبلت وفي صرة متعلقان بمحذوف حال أي صارّة، فصكت عطف على فأقبلت ووجهها مفعول به وقالت عطف أيضا وعجوز خبر لمبتدأ محذوف أي أنا عجوز وعقيم صفة أي أنا عجوز عاقر فكيف ألد؟ وعقيم فعيل بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث أي معقومة كأنما شدّت برباط ويقال رجل عقيم أيضا قال:
عقم النساء فما يلدن شبيهه ... إن النساء بمثله عقيم
(قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) قالوا فعل وفاعل وكذلك جار ومجرور في موضع نصب صفة لمصدر محذوف أي قولا مثل ذلك الذي قلنا، وقال ربك فعل وفاعل وإن واسمها وهو ضمير فصل أو عماد لا محل له والحكيم العليم خبران لإن (قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) قال فعل ماض وفاعله مستتر أي إبراهيم والفاء الفصيحة لأنها أفصحت عن شرط مقدر أي إن كنتم ملائكة كما تقولون فما شأنكم؟ وما اسم استفهام مبتدأ وخطبكم خبر وأيها منادى محذوف منه حرف النداء وهو مبني على الضم لأنه نكرة مقصودة والهاء للتنبيه والمرسلون بدل (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) إن واسمها وجملة أرسلنا خبر ونا نائب فاعل وجملة أرسلنا خبر إنّا وإن وما في حيزها مقول القول وإلى قوم متعلقان بأرسلنا ومجرمين نعت (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ) اللام للتعليل ونرسل فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والفاعل مستتر تقديره نحن وعليهم متعلقان بنرسل وحجارة مفعول به ومن طين نعت لحجارة ولام التعليل ومجرورها متعلقان بأرسلنا (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) مسومة صفة ثانية لحجارة أو حال منها لأنها وصفت بالجار والمجرور وعند ربك الظرف متعلق بمسومة وللمسرفين متعلقان بمسومة أيضا (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
الفاء الفصيحة لأنها أفصحت عن جمل قد حذفت، وأخرجنا فعل وفاعل ومن مفعول وكان فعل ماض ناقص واسمها مستتر تقديره هم وفيها خبرها ومن المؤمنين حال وجملة كان صلة الموصول لا محل لها والضمير بقوله فيها يعود إلى قرى قوم لوط ولم يجر لها ذكر لكونها معلومة (فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الفاء عاطفة وما نافية ووجدنا فعل وفاعل وغير بيت مفعول به ومن المسلمين صفة وهم لوط وابنتاه وقد وصفوا بالإيمان والإسلام لأنهم مصدقون بقلوبهم عاملون بجوارحهم (وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ) الواو عاطفة وتركنا فعل وفاعل وفيها متعلقان بتركنا وآية مفعول به وللذين صفة لآية وجملة يخافون العذاب الأليم صلة الموصول.
* البلاغة:
1- الاستفهام التقريري: في قوله «هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين» استفهام تقريري لتفخيم الحديث ولتجتمع نفس المخاطب كما تبدأ المرء إذا أردت أن تحدّثه بعجيب فتقرره هل سمع ذلك أم لا فكأنك تقتضي أن يقول لا ويطلب منك الحديث.
2- الحذف: وفي قوله «قوم منكرون» الحذف وقد اختلف في تقدير المبتدأ المحذوف فقيل إن الذي يناسب حال إبراهيم عليه السلام أنه لا يخاطبهم بذلك إذ فيه من عدم الأنس ما لا يخفى بل يظهر أنه يكون التقدير هؤلاء قوم منكرون وقال ذلك مع نفسه أو لمن كان معه من أتباعه وغلمانه بحيث لا يسمع ذلك الأضياف وقيل أنكرهم لأنهم ليسوا من معارفه أو من جنس الناس الذين عهدهم أو رأى لهم حالا وشكلا خلاف حال الناس وشكلهم أو كان هذا سؤالا لهم كأنه قال أنتم قوم منكرون فعرّفوني من أنتم.
3- المجاز المرسل: في قوله «قالوا لا تخف وبشّروه بغلام عليم» مجاز مرسل فقد سمي الغلام عليما باعتبار ما يئول إليه أمره إذا كبر.
{"ayahs_start":24,"ayahs":["هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ ضَیۡفِ إِبۡرَ ٰهِیمَ ٱلۡمُكۡرَمِینَ","إِذۡ دَخَلُوا۟ عَلَیۡهِ فَقَالُوا۟ سَلَـٰمࣰاۖ قَالَ سَلَـٰمࣱ قَوۡمࣱ مُّنكَرُونَ","فَرَاغَ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِۦ فَجَاۤءَ بِعِجۡلࣲ سَمِینࣲ","فَقَرَّبَهُۥۤ إِلَیۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ","فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِیفَةࣰۖ قَالُوا۟ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَـٰمٍ عَلِیمࣲ","فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِی صَرَّةࣲ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِیمࣱ","قَالُوا۟ كَذَ ٰلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡعَلِیمُ","۞ قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَیُّهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ","قَالُوۤا۟ إِنَّاۤ أُرۡسِلۡنَاۤ إِلَىٰ قَوۡمࣲ مُّجۡرِمِینَ","لِنُرۡسِلَ عَلَیۡهِمۡ حِجَارَةࣰ مِّن طِینࣲ","مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُسۡرِفِینَ","فَأَخۡرَجۡنَا مَن كَانَ فِیهَا مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","فَمَا وَجَدۡنَا فِیهَا غَیۡرَ بَیۡتࣲ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ","وَتَرَكۡنَا فِیهَاۤ ءَایَةࣰ لِّلَّذِینَ یَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِیمَ"],"ayah":"هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ ضَیۡفِ إِبۡرَ ٰهِیمَ ٱلۡمُكۡرَمِینَ"}