* الإعراب:
(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) الواو استئنافية، وأنهم أقاموا التوراة والإنجيل: تقدم إعرابها قريبا، وما عطف على التوراة والإنجيل، وجملة أنزل صلة الموصول، وأراد بالموصول غيرهما من الكتب، ككتاب أشعيا وكتاب دانيال وزبور داود، وإليهم متعلقان بأنزل، ومن ربهم متعلقان بمحذوف حال (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) اللام واقعة في جواب لو، وجملة أكلوا لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، ومن فوقهم متعلقان بأكلوا، ومن تحت أرجلهم عطف على «من فوقهم» ، وسيأتي سر حذف المفعول في باب البلاغة (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) الجملة في محل نصب على الحال، ومنهم متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وأمة مبتدأ مؤخر، ومقتصدة صفة، كثير الواو عاطفة. وكثير مبتدأ، وساغ الابتداء به لوصفه بالجار والمجرور، وجملة ساء ما يعملون خبر كثير، وجملة يعملون صلة «ما» .
* البلاغة:
في هذه الآية حذفان بليغان، داخلان في نطاق المجاز الذي هو عنصر البلاغة وإكسيرها، وهما:
1- حذف المضاف في قوله: «أقاموا التوراة والإنجيل» والمراد أحكام التوراة والإنجيل وحدودهما، وما انطوى تحتهما من أحكام بالغة، وعبر شائعة.
2- حذف المفعول به، واللطائف فيه تتجدد دائما. وقوله تعالى: «لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم» بالغ أبعد آماد البلاغة، فمفعول «أكلوا» محذوف لقصد التعميم أو للقصد إلى نفس الفعل، كما في قولهم: «فلان يحل ويعقد، ويبرم وينقض، ويضر وينفع» ، والأصل في ذلك كله على إثبات المعنى المقصود في نفسك للشيء على الإطلاق. وفي الحذف الذي بصدده ثلاثة أوجه: آ- أن يفيض عليهم بركات السماء وبركات الأرض.
ب- وأن يكثر الأشجار المثمرة والزروع المغلة.
ج- وأن يرزقهم الجنان اليانعة الثمار، يجنون ما تهدّل من رؤوس الشجر، ويلتقطون ما تساقط على الأرض من تحت أرجلهم.
{"ayah":"وَلَوۡ أَنَّهُمۡ أَقَامُوا۟ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِم مِّن رَّبِّهِمۡ لَأَكَلُوا۟ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۚ مِّنۡهُمۡ أُمَّةࣱ مُّقۡتَصِدَةࣱۖ وَكَثِیرࣱ مِّنۡهُمۡ سَاۤءَ مَا یَعۡمَلُونَ"}