الباحث القرآني

* اللغة: (قَفَّيْنا) قفّى: أتى، وقفى فلان زيدا وبزيد: أتبعه إياه، ويقال: قفّيت على أثره بفلان: أي أتبعته إياه. بين أبي حيان والزمخشري: وقد ثارت مناقشة لطيفة بين الزمخشري وأبي حيان، وهذه خلاصتها: قال أبو حيّان على تضمين قفينا معنى جئنا، أي: ثم جئنا على آثارهم بعيسى بن مريم قافيا لهم. وليس التضعيف في «قفينا» للتعدية، وذلك لأن «قفا» يتعدّى لواحد، قال تعالى: «ولا تقف ما ليس لك به علم» . وتقول: قفا فلان الأثر إذا اتبعه، فلو كان التضعيف للتعدي لتعدى إلى اثنين منصوبين، وكان يكون التركيب، ثم قفينا على آثارهم عيسى بن مريم، وكان يكون عيسى هو المفعول الأول، وآثارهم المفعول الثاني. لكنه ضمن معنى «جاء» وعدّي بالباء، وتعدى «إلى آثارهم» بعلى. هذه خلاصة ما قاله أبو حيان، وأطال في هذه المسألة ليرد على الزمخشري ما أعربه إذ قال ما نصه: ما يقوله الزمخشري: «قفيته مثل عقبته إذا أتبعته، ثم يقال: قفيته بفلان وعقبته به، فتعديه إلى الثاني بزيادة الباء، فإن قلت: فأين المفعول الأول في الآية؟ قلت: هو محذوف، والظرف الذي هو «على آثارهم» كالساد مسدّه، لأنه إذا قفى به على أثره فقد قفى به إياه» . استطراد أبي حيّان: واستطرد أبو حيان في الرد على الزمخشري فقال: وكلامه يحتاج إلى تأويل، وذلك أنه جعل «قفيّته» المضعف بمعنى «فقوته» ، فيكون «فعّل» بمعنى «فعل» ، نحو: قدّر الله وقدر الله، وهو أحد المعاني التي جاءت لها «فعل» . ثم عداه بالباء، وتعدية المتعدي لمفعول بالباء لثان قلّ أن يوجد، حتى زعم بعضهم أنه لا يوجد، ولا يجوز. فلا يقال في: طعم زيد اللحم: أطعمت زيدا باللحم، والصحيح أنه جاء على قلة، تقول: دفع زيد عمرا، ثم تعديه بالباء فتقول: دفعت زيدا بعمرو، أي جعلت زيدا يدفع عمرا. وكذلك صكّ الحجر الحجر، ثم تقول: صككت الحجر بالحجر، أي جعلته يصكّه. وأما قوله: المفعول الأول محذوف والظرف كالسّاد مسدّه، فلا يتجه. لأن المفعول هو مفعول به صريح ولا يسد الظرف مسده. إلى أن يقول: وقول الزمخشري: «فقد قفى به إياه» فصل الضمير، وحقه أن يكون متصلا. * الإعراب: (وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ) كلام مستأنف مسوق للشروع في بيان أحكام الإنجيل بعد بيان حكم التوراة. وقفينا فعل وفاعل، وعلى آثارهم وبعيسى متعلقان بقفينا، وابن مريم بدل أو صفة، ومصدقا حال، ولما متعلقان ب «مصدقا» ، وبين يديه ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول وهو «ما» ، ومن التوراة متعلقان بمحذوف حال (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ) الواو عاطفة، وآتيناه فعل ماض وفاعل ومفعول به، والإنجيل مفعول به ثان، وفيه جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وهدى مبتدأ مؤخر، ونور عطف على هدى، والجملة الاسمية في محل نصب على الحال (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ) ومصدقا عطف على محل الجملة، فهو في حكم المنصوب على الحال، ولما متعلقان ب «مصدقا» ، وبين يديه ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول، ومن التوراة جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال (وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) الواو عاطفة وهدى عطف منتظم في سلك «مصدقا» فهما نصب على الحال. وأجاز بعضهم أن يكونا مفعولين لأجلهما، وفيه بعد، لوجود الواو وموعظة عطف على هدى، وللمتقين متعلقان بمحذوف صفة (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ) الواو عاطفة واللام لام الأمر، ويحكم فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، وأهل الإنجيل فاعل يحكم، وبما متعلقان بيحكم، وفي قراءة سبعية: «وليحكم» ، بجعل اللام للتعليل، ويحكم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بآتينا أو بقفينا، فيه جار ومجرور متعلقان بيحكم (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) تكرر إعراب هذه الجملة، وأفاد التكرار معنى التوكيد. * البلاغة: 1- التشبيه البليغ، وهو تشبيه الإنجيل بالنور والهدى، وحذف الأداة ليكونا نفس الإنجيل للمبالغة. 2- التكرار: في الجمل زيادة في التوكيد كما تقدم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب