* الإعراب:
(اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ) كلام مستأنف مسوق للاعتبار بتسخير البحر على عظمته والسفن الجارية فيه لمخلوق هو أضأل شيء بالنسبة لهما والله مبتدأ والذي خبره وجملة سخر صلة ولكم متعلقان بسخر والبحر مفعول به واللام للتعليل وتجري فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بتجري أيضا والفلك فاعل وبأمره حال (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) عطف على ما تقدم ولعلّ واسمها وخبرها (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ)
الواو عاطفة والجملة عطف على سابقتيها وجميعا حال من ما ووهم الجلال وتبع في إعرابه ابن مالك حيث عدّها من المؤكدات، فأعربها توكيدا لما الموصولة الواقعة مفعولا لسخر ولو كان كذلك لقيل جميعه ثم التوكيد بجمع قليل فلا يحمل عليه التنزيل، ومنه حال أي سخرها كائنة منه تعالى وحاصلة من عنده، وأجاز الزمخشري أن يتعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف تقديره هي جميعا منه (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) إن حرف مشبه بالفعل وفي ذلك خبرها المقدم واللام للتأكيد وآيات اسم إن المؤخر ولقوم صفة لآيات وجملة يتفكرون صفة لقوم (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) قل فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وللذين متعلقان بقل وجملة آمنوا صلة الموصول لا محل لها ويغفروا فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب تشبيها بالشرط والجزاء كقولك قم تصب خيرا وقيل هو على حذف اللام وقيل على معنى قل لهم اغفروا يغفروا فهو جواب أمر محذوف دلّ عليه الكلام وقد تقدم القول مسهبا في قوله تعالى «قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة» في سورة إبراهيم فجدد به عهدا وللذين متعلقان بيغفروا وجملة لا يرجون صلة الموصول وأيام الله مفعول وسيأتي معنى أيام الله في باب الفوائد، وليجزي: اللام للتعليل ويجزي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بيغفروا لأنه علّة لها وقوما مفعول به والفاعل مستتر تقديره هو يعود على الله وبما متعلقان بيجزي وما يجوز أن تكون موصولة أو مصدرية وكان واسمها وجملة يكسبون خبرها، وسيأتي سر تنكير قوما في باب البلاغة (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) من شرطية في محل رفع مبتدأ والجملة مستأنفة مسوقة لبيان كيفية الجزاء وعمل فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والفاعل مستتر يعود على من وصالحا مفعول به أو نعت لمصدر محذوف.
* البلاغة:
في قوله تعالى «ليجزي قوما بما كانوا يكسبون» التنكير فقد نكر قوما وهم معروفون، وقد اختلف الرواة وأصحاب السير فيهم مما يمكن الرجوع إليه في مظانه وإنما جنح إلى التنكير تعظيما لهم وثناء عليهم إذ المراد فيهم عمر بن الخطاب على أرجح الأقوال كأنما قال إن هؤلاء الذين يضبطون أنفسهم، ويحتملون الأذى بصبر وثبات هم قوم أيّ قوم وهو ينتظم في باب التجريد وقد قدّمناه مفصلا بأقسامه.
* الفوائد:
أيام الله: المراد بقوله «لا يرجون أيام الله» أي الوقائع المشهورة التي انتصر الحق فيها على الباطل وأديل الباطل بالجهاد، وهذا جري على أساليب العرب إذ يقولون أيام العرب لوقائعهم المشهورة على حدّ قول السموأل:
وأيامنا مشهورة في عدونا ... لها غرر معلومة وحجول
وقال ظالم بن البراء الفقيمي في يوم ذي بهدى بوزن سكرى:
ونحن غداة يوم ذوات بهدى ... لدى الوتدات إذ غشيت تميم
ضربنا الخيل بالأبطال حتى ... تولت وهي شاملها الكلوم
وقال جرير للأخطل، يعيّره بذلك اليوم:
هل تعرفون بذي بهدى نوار سنا ... يوم الهذيل بأيدي القوم منتشر وارجع إلى الأغاني والعمدة ففيهما تفصيل واف لأيام العرب في الجاهلية والإسلام.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["۞ ٱللَّهُ ٱلَّذِی سَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡبَحۡرَ لِتَجۡرِیَ ٱلۡفُلۡكُ فِیهِ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ","وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ","قُل لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یَغۡفِرُوا۟ لِلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ أَیَّامَ ٱللَّهِ لِیَجۡزِیَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ","مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَاۤءَ فَعَلَیۡهَاۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ"],"ayah":"۞ ٱللَّهُ ٱلَّذِی سَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡبَحۡرَ لِتَجۡرِیَ ٱلۡفُلۡكُ فِیهِ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُوا۟ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"}