* اللغة:
(مَوْلًى) في المختار: «المولى المعتق وابن العم والناصر والجار والحليف» .
(شَجَرَةَ الزَّقُّومِ) تقدم الكلام فيها في سورة الصافات فارجع إليها.
(المهل) اسم يجمع معدنيات الجواهر كالفضة والحديد، والصفر ما كان منها ذائبا، والقطران الرقيق، والزيت الرقيق، والسم، والقيح، أو صديد الميت خاصة، وما يتحات عن الخبز من الرماد، وهو بضم الميم وأجازوا فتح الميم لأنهم سمعوا لغة قليلة فيه وإنما المهل بالفتح التؤدة والرفق.
(الْحَمِيمِ) الماء الشديد الحرارة.
(فَاعْتِلُوهُ) أي فقودوه بعنف وغلظة، والعتل هو أن يأخذ بتلابيب الرجل فيجر إلى حبس أو قتل ومنه العتل وهو الجافي الغليظ وفي المختار: «عتل الرجل جذبه جذبا عنيفا وبابه ضرب ونصر» فقولهم العتّال للذي ينقل الأحمال بالأجرة صحيح لا غبار عليه والحرفة العتالة.
* الإعراب:
(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) كلام مستأنف مسوق للتدليل على صحة الحشر ووقوعه ولك أن تعطفه على ما قبله ليتناسق الكلام ويلتئم طرفاه. وما نافية وخلقنا السموات فعل وفاعل ومفعول به وما عطف على السموات والأرض وبينهما ظرف متعلق بمحذوف هو صلة ما ولاعبين حال من الفاعل (ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) الجملة مفسّرة لما قبلها وما نافية وخلقناهما فعل وفاعل ومفعول به وإلا أداة حصر وبالحق حال أي محقّين في ذلك ليكون في ذلك برهان للعاقل والواو حالية ولكن حرف مشبه بالفعل للاستدراك وأكثرهم اسمها وجملة لا يعلمون خبرها (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) إن واسمها وميقاتهم خبرها وأجمعين تأكيد للضمير أي للناس جميعا (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) يوم يجوز أن يكون بدلا من يوم الفصل وأن يكون ظرفا لما دلّ عليه الفصل أي يفصل بينهم يوم لا يغني، ولا يتعلق بالفصل نفسه لأنه قد أخبر عنه، وجملة لا يغني في محل جر بإضافة الظرف إليها ومولى فاعل وعن مولى متعلقان بيغني وشيئا مفعول به أو مفعول مطلق أي قليلا منه والواو حرف عطف ولا نافية وهم مبتدأ وجملة ينصرون خبر وهو مبني للمجهول والواو نائب فاعل (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ) إلا أداة حصر ومن في محل رفع بدل من الواو في ينصرون أي لا يمنع من العذاب إلا من رحمه الله، ويجوز أن ينصب على الاستثناء فيكون منقطعا على رأي الكسائي أي ولكن من رحم الله لا ينالهم ما يحتاجون فيه إلى من ينفعهم من المخلوقين أو متصلا تقديره لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين فإنه يؤذن لهم في الشفاعة فيشفعون في بعضهم وجملة رحم الله صلة الموصول (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) إن واسمها وهو مبتدأ أو ضمير فصل والعزيز الرحيم خبران لإن أو لهو والجملة خبر إن (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) إن واسمها والزقوم مضاف إليه وطعام الأثيم خبرها (كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) كالمهل خبر ثان لإن وجملة يغلي حال من الزقوم أو من طعام الأثيم وقد تقدم بحث مجيء الحال من المضاف إليه لأنه كالجزء من المضاف وفي البطون متعلقان بيغلي والكاف ومجرورها نعت لمصدر محذوف أي تغلي غليانا مثل غليان الحميم (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) خذوه فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعله والهاء مفعوله والأمر للزبانية فالجملة مقول قول محذوف، فاعتلوه عطف على خذوه وإلى سواء الجحيم متعلقان باعتلوه أي إلى وسط الجحيم (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) ثم حرف عطف للترتيب مع التراخي وصبّوا فعل أمر وفاعل وفوق رأسه ظرف متعلق بصبّوا وعذاب الجحيم مفعول به (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) الجملة مقول قول محذوف أي ويقال له ذق، وذق فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وإن واسمها وأنت مبتدأ أو ضمير فصل والعزيز الكريم خبران لإن أو لأنت وجملة إنك إلخ تعليلية وسيأتي سر هذا التعليل في باب البلاغة (إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) إن واسمها وما خبرها وجملة كنتم صلة وبه متعلقان بتمترون وجملة تمترون خبر كنتم.
* البلاغة:
1- في قوله «ثم صبّوا فوق رأسه من عذاب الحميم» استعارة مكنية تخييلية فقد شبّه العذاب بالمائع ثم خيّل له بالصب.
2- وفي قوله «ذق إنك أنت العزيز الكريم» فن التهكم وقد تقدم أنه عبارة عن الإتيان بلفظ البشارة في موضع النذارة والوعد في مكان الوعيد تهاونا من القائل بالمقول له واستهزاء به وقد تقدمت أمثلته في مواضعها كقوله تعالى في النساء: «بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما» وهو أغيظ للمستهزأ به وأشد إيلاما له.
{"ayahs_start":38,"ayahs":["وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَا لَـٰعِبِینَ","مَا خَلَقۡنَـٰهُمَاۤ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ","إِنَّ یَوۡمَ ٱلۡفَصۡلِ مِیقَـٰتُهُمۡ أَجۡمَعِینَ","یَوۡمَ لَا یُغۡنِی مَوۡلًى عَن مَّوۡلࣰى شَیۡـࣰٔا وَلَا هُمۡ یُنصَرُونَ","إِلَّا مَن رَّحِمَ ٱللَّهُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلرَّحِیمُ","إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ","طَعَامُ ٱلۡأَثِیمِ","كَٱلۡمُهۡلِ یَغۡلِی فِی ٱلۡبُطُونِ","كَغَلۡیِ ٱلۡحَمِیمِ","خُذُوهُ فَٱعۡتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَاۤءِ ٱلۡجَحِیمِ","ثُمَّ صُبُّوا۟ فَوۡقَ رَأۡسِهِۦ مِنۡ عَذَابِ ٱلۡحَمِیمِ","ذُقۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡكَرِیمُ","إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُم بِهِۦ تَمۡتَرُونَ"],"ayah":"وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَا لَـٰعِبِینَ"}