الباحث القرآني

* اللغة: (يَعْزُبُ:) في المصباح: «وعزب الشيء من بابي قتل وضرب غاب وخفي» وفي الأساس: «يقال: عزب عنه حلمه وأعزب حلمه كقولك أضل بعيره وأعزب الله عقلك وروض عازب وعزيب ومال عزب وجشر ولا يكون الكلأ العازب إلا بفلاة حيث لا زرع، وفلان معزاب ومعزابة لمن عزب بإبله، ويقال عزب ظهر المرأة إذا أغابت، ومن المستعار قول النابغة: وصدر أراح الليل عازب همه ... تضاعف فيه الحزن من كل جانب ولك أن تقول امرأة عزبة والمعزابة الذي طالت عزوبته وتمادت ويقال ليس لفلان امرأة تعذبه أي تذهب بعزوبته» وفي القاموس: «العزب محركة من لا أهل له كالمعزابة والعزيب ولا تقل أعزب أو قليل جمعه أعزاب وهي عزبة وعزب والاسم العزبة والعزوبة بضمتين والفعل كنصر وتعزّب ترك النكاح والعزوب الغيبة يعزب ويعزب والذهاب» ومن غريب أمر العين والزاي أنهما إذا كانتا فاء وعينا للكلمة دلت على معنى الذهاب والبعد والانفراد والغلبة وفي الحديث: من قرأ القرآن في أربعين ليلة فقد عزّب أي أبعد العهد بأوله. وعز الرجل صار عزيزا أي أبعد عن غيره بصفاته حتى سما عليهم وعز الشيء قلّ فكاد لا يوجد وعز عليّ أن أسوءك أي اشتد وغلب وتقول للرجل: أتحبني؟ فيقول لعزّما ولشدّما واستعزّ به المرض أي غلب واشتد. وتعزز لحم الناقة اشتد وصلب «فعززنا بثالث» أي قوينا وعزّز بهم أي شدد عليهم ولم يرخّص ومنه حديث عمر رضي الله عنه: أن قوما اشتركوا في صيد فقالوا له: أعلى كلّ واحد منا جزاء أم جزاء واحد؟ فقال: إنه لمعزّز بكم إذن بل عليكم جزاء واحد. وعزف عن الشيء عافه وزهد فيه والعزف صوت الرياح وصوت الدف تقول: فلان ألهاه ضرب المعازف عن ضروب المعازف، وسلكت مفازة فيها للجن عزيف. وعزله يعزله من باب ضرب عن كذا نحاه عنه وعزل فلانا عن منصبه: نحاه عنه وصرفه وتقول: مالي أراك في معزل عن أصحابك؟ وأنا بمعزل عن هذا الأمر واعتزلت الباطل وتعزلته قال الأحوص: يا بيت عاتكة الذي أتعزل ... حذر العدا وبه الفؤاد موكل وأعوذ بالله من الأعزل على الأعزل أي من الرجل الذي لا سلاح معه على الفرس المعوج العسيب فهو يميل ذنبه إلى شق قال امرؤ القيس: ضليع إذا استدبرته سدّ فرجه ... بضاف فويق الأرض ليس بأعزل واعتزم الفرس في عنانه إذا مرّ جامحا لا ينثني، قال: سبوح إذا اعتزمت في العنان ... مروح ململمة كالحجر وعزمت على الأمر واعتزمت عليه ولا يكون ذلك إلا عن شدة وغلبة وهو عزهاة عن اللهو والنساء إذا لم يردهنّ وابتعد عنهنّ، قال: إذا كنت عزهاة عن اللهو والصبا ... فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا وعزا الشيء أو فلانا إلى فلان نسبه ورفعه إليه، وإن فلانا ليعزى إلى الخير ويعتزي اليه وهذا الحديث يعزى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيتهم حوله عزين أي جماعات. وهذا من أسرار لغتنا الشريفة. (رِجْزٍ) : بكسر الراء وضمها العذاب أو سيئه والإثم والذنب والقذر. * الإعراب: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) الحمد مبتدأ ولله خبره والذي نعت وله خبر مقدم وما مبتدأ مؤخر وفي السموات صلة وما في الأرض عطف على ما في السموات. (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) الواو عاطفة وله خبر مقدم والحمد مبتدأ مؤخر وفي الآخرة حال وهو مبتدأ والحكيم خبر أول والخبير خبر ثان. (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها) لك أن تجعلها جملة خبرية فتكون خبرا ثالثا لهو كأنها تفصيل لبعض ما يحيط به علمه تعالى من الأمور المتعلقة بمصالح العباد الدينية والدنيوية ولك أن تجعلها حالا مؤكدة ولك أن تجعلها مستأنفة مسوقة لتقرير ما تقدم. ويعلم فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره هو يعود على الله تعالى وما مفعول به وجملة يلج صلة وفي الأرض متعلقان بيلج وما يخرج عطف على ما يلج في الأرض. (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) عطف على ما تقدم وضمن العروج معنى الاستقرار فعدّاه بفي دون إلى. (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) الواو استئنافية وقال الذين فعل وفاعل وجملة كفروا صلة ولا نافية وتأتينا الساعة فعل مضارع ومفعول به وفاعل وقل فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وبلى حرف جواب لاثبات النفي أي ليس الأمر إلا إتيانها وربي: الواو حرف قسم وجر وربي مجرور بواو القسم، أكد إيجاب النفي بما هو الغاية في التأكيد والتشديد وهو القسم بالله عز وجل واللام جواب للقسم وتأتينكم فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والكاف مفعول به وهو تأكيد ثالث. (عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) عالم صفة لربي أو بدل ويجوز أن يرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أو مبتدأ وخبره جملة لا يعزب وقد قرىء بهما وجملة لا يعزب إما خبر أو حال وعنه متعلقان بيعزب ومثقال ذرة فاعل وفي السموات حال ولا في الأرض عطف على في السموات. (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) الواو عاطفة ولا نافية وأصغر من ذلك مبتدأ ومن ذلك خبر ولا أكبر عطف على ولا أصغر وإلا أداة حصر وفي كتاب مبين خبر أصغر ولك أن تنسق الكلام فتعطف ولا أصغر على مثقال ويكون في كتاب في محل نصب على الحال والأول أولى. (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) ليجزي اللام للتعليل ويجزي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والجارّ والمجرور متعلقان بتأتينكم كأنه علة وبيان لما يقتضيه إتيانها أو بقوله لا يعزب فكأنه قال يحصي ذلك ليجزي والذين مفعول به وجملة آمنوا صلة الذين وعملوا الصالحات عطف على آمنوا وأولئك مبتدأ ولهم خبر مقدم ومغفرة مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية خبر أولئك ورزق عطف على مغفرة وكريم صفة. (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) الواو إما عاطفة فيكون الذين منسوقا على ما قبله أي ويجزي الذين سعوا ويجوز أن تكون استئنافية فيكون الذين مبتدأ وجملة سعوا صلة وفي آياتنا متعلقان بسعوا على تقدير مضاف أي في إبطال آياتنا بالطعن فيها أو وصفها بالسحر والشعر وغير ذلك ومعاجزين حال، قال الراغب: «أصل معنى العجز التأخر لكون المتأخر خلف عجز السابق أو عنده ثم تعورف فيما هو معروف ظاهرا فالمراد هنا بالمعاجزة التأخر المسبوق بتقدم السابق ومعنى المفاعلة غير مقصود هنا إذ المقصود السبق وعدم قدرة غيرهم عليهم لغلبتهم وذلك كله بناء على مزاعمهم الفاسدة وأهوائهم المتخيلة. وأولئك مبتدأ ولهم خبر مقدم وعذاب مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية مستأنفة على الوجه الأول أو خبر الذين على الوجه الثاني ومن رجز صفة لعذاب وأليم صفة ثانية. (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ) ويرى في موضع الرفع على أنه مستأنف أو في موضع النصب فهو منسوق على يجزي والذين فاعل يرى وجملة أوتوا العلم صلة والذي مفعول يرى الأول لأنها قلبية وجملة أنزل صلة وإليك متعلقان بأنزل ومن ربك حال أو متعلقان بأنزل أيضا وهو ضمير فصل لا محل له والحق هو المفعول الثاني ليرى. (وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) ويهدي عطف على الحق وساغ العطف لأن الفعل في تأويل الاسم كأنه قيل وهاديا ولك أن تجعل الواو حالية والجملة في محل نصب على الحال ويجوز أن تكون مستأنفة وفاعل يهدي ضمير مستتر يعود على الذي أنزل إليك وإلى صراط متعلقان بيهدي والعزيز مضاف إلى صراط والحميد نعت. * البلاغة: 1- في قوله «الحمد لله» التعبير بالجملة الاسمية يفيد الاستمرار والثبوت، والحمد لغة الوصف بالجميل الاختياري على قصد التعظيم، والوصف لا يكون إلا باللسان فيكون مورده خاصا، وهذا الوصف يجوز أن يكون بإزاء نعمة وغيرها فيكون متعلقه عاما، والشكر اللغوي على العكس لكونه فعلا ينبىء عن تعظيم المنعم من حيث أنه منعم على الشاكر فيكون مورده اللسان والجنان والأركان ومتعلقه النعمة الواصلة إلى الشاكر فكل منهما أعم وأخص من الآخر بوجه، ففي الفضائل حمد فقط وفي أفعال القلب والجوارح شكر فقط وفي فعل اللسان بإزاء الانعام حمد وشكر. 2- شكر المنعم واجب أم لا: قال الأشاعرة: شكر المنعم ليس بواجب أصلا ومثلوها بتمثيل فقالوا: ليس مثله إلا كمثل الفقير حضر مائدة ملك عظيم يملك البلاد شرقا وغربا، ويعم البلاد وهبا ونهبا، فتصدق عليه بلقمة خبز فطفق يذكره في المجامع ويشكره عليها بتحريك أنملته دائما لأجله فإنه يعد استهزاء بالملك فكذا هنا بل اللقمة بالنسبة إلى الملك وما يملكه أكثر مما أنعم الله به على العبد بالنسبة إلى الله، وشكر العبد أقل قدرا في جنب الله من شكر الفقير بتحريك أصابعه. وقالت المعتزلة: التمثيل المناسب للحال أن يقال: إذا كان في زاوية الخمول وهاوية الذهول رجل أخرس اللسان مشلول اليدين والرجلين فاقد السمع والبصر بل جميع الحواس الظاهرة والمشاعر الباطنة فأخرجه الملك من تلك الهاوية وتلطف عليه بإطلاق لسانه وإزالة شلل أعضائه ووهب له الحواس لجلب المنافع ودفع المضار ورفع رتبته على كثير من أتباعه وخدمه ثم إن ذلك الرجل بعد وصول تلك النعم الجليلة اليه وفيضان تلك التكريمات عليه طوى عن شكر ذلك الملك كشحا وضرب عنه صفحا ولم يظهر منه ما ينبىء عن الاعتناء بشيء من غير فرق بين وجودها وعدمها فلا ريب أنه مذموم بكل لسان، مستحق للإهانة والخذلان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب