الباحث القرآني

* اللغة: (الْمُعَوِّقِينَ) : المثبطين الذين كانوا يخذلون المسلمين وفي الأساس: «وعاقه واعتاقه وعوقه «قد يعلم الله المعوّقين منكم» وتقول: فلان صحبه التعويق فهجره التوفيق، ورجل عوقة: ذو تعويق وترييث عن الخير وتقول: يا من عن الخير يعوق، إن أحق أسمائك أن تعوق» . (أَشِحَّةً) جمع شحيح وهو البخيل والحريص وهو جمع غير مقيس لأن قياس فعيل الوصف الذي عينه ولامه من واد واحد أن تجمع على أفعلاء نحو خليل وأخلاء وظنين وأظناء وقد سمع أشحاء وهو القياس. (سَلَقُوكُمْ) : آذوكم أو ضروكم وفي المختار: «سلقه بالكلام آذاه وهو شدة القول باللسان قال تعالى: «سلقوكم بألسنة حداد» وسلق البقل أو البيض أغلاه بالنار إغلاءة خفيفة وباب الكل ضرب» وفي المصباح أنه من باب قتل أيضا وعبارة الراغب: «السلق بسط بقهر إما باليد أو باللسان ويؤخذ من القاموس واللسان: سلق يسلق من باب قتل البيض أو البقل أغلاه بالنار وطبخه بالماء، وسلقه بالكلام: آذاه ومنه سلقه بألسنة حداد، وسلقه بالرمح طعنه وسلقه بالسوط ضربه إلى أن نزع جلده، وسلق اللحم عن العظم قشره، ويجوز أن يكون الكلام مجازيا كما سيأتي في باب البلاغة وعلى كل حال فالعامة تستعمل هذه الكلمة استعمالا لا غبار عليه. * الإعراب: (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) كلام مستأنف مسوق لتصوير حال المنافقين، وقد حرف تكثير وأصله للتقليل إذا دخل على فعل المضارع وقد تقدم بحثه، ويعلم الله المعوقين فعل وفاعل ومفعول به ومنكم حال والقائلين عطف على المعوقين ولإخوانهم متعلقان بالقائلين وهلم اسم فعل أمر وإلينا متعلقان به وهي لغة أهل الحجاز يسوون فيه بين الواحد والجماعة ويستعمل لازما كما هنا ومتعديا كما في الأنعام وقد تقدم القول فيه. (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا) الواو حالية ولا نافية ويأتون البأس فعل مضارع مرفوع وفاعل ومفعول به أي القتال وإلا أداة حصر وقليلا مفعول مطلق أو ظرف زمان. (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) أشحة حال من فاعل يأتون أو منصوب على الذم بفعل محذوف تقديره أذم وعبارة الزمخشري: «أشحة عليكم: في وقت الحرب أضناء بكم يترفرفون عليكم كما يفعل الرجل بالذابّ عنه المناضل دونه عند الخوف» فإذا الفاء استئنافية وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة جاء الخوف في محل جر بإضافة الظرف إليها وجملة رأيتهم لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وجملة ينظرون إليك حال لأن الرؤية هنا بصرية وإليك متعلقان بينظرون. (تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) جملة تدور أعينهم حال من فاعل ينظرون وهو الواو وكالذي نعت لمصدر محذوف أي تدور دورانا كدوران عين الذي، فبعد الكاف محذوفان وهما دوران وعين، وجملة يغشى صلة الذي ويغشى فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مصدر مختص بلام العهد أو بصفة محذوفة والمعنى ويغشى الغشيان المعهود وعليه متعلقان بيغشى ويجوز أن يكون نائب الفاعل هو الجار والمجرور وقد تقدم بحث ما ينوب عن نائب الفاعل فجدد به عهدا. (فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) الفاء عاطفة وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة ذهب الخوف في محل جر بإضافة الظرف إليها وجملة سلقوكم جواب شرط غير جازم لا محل لها وبألسنة متعلقان بسلقوكم وحداد نعت لألسنة. (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) أشحة نصب على الحال أو على الذم كما تقدم وعلى الخير متعلقان بأشحة أي على الغنيمة يطلبونها وأولئك مبتدأ وجملة لم يؤمنوا خبر، فأحبط عطف على لم يؤمنوا والله فاعل وأعمالهم مفعول به وكان الواو حالية أو استئنافية وكان واسمها وخبرها وعلى الله حال والاشارة للاحباط والمعنى أن أعمالهم جديرة بالإحباط لا يصرف عنه صارف وليس هو بالأمر الصعب العسير. * البلاغة: 1- فن التندير: في قوله «فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه الموت» فن ألمع اليه صاحب نهاية الأرب وابن أبي الإصبع وهو فن «التندير» وحدّه أن يأتي المتكلم بنادرة حلوة أو نكتة مستطرفة وهو يقع في الجد والهزل فهو لا يدخل في نطاق التهكم ولا في نطاق فن الهزل الذي يراد به الجد ويجوز أن يدخل في نطاق باب المبالغة وذلك واضح في مبالغته تعالى في وصف المنافقين بالخوف والجبن حيث أخبر عنهم أنهم تدور أعينهم حالة الملاحظة كحالة من يغشى عليه من الموت ولو اقتصر على قوله كالذي يغشى عليه من الموت لكان كافيا بالمقصود ولكنه زاد شيئا بقوله «من الموت» إذ أن حالة المغشي عليه من الموت أشد وأنكى من حالة المغشي عليه من غير الموت ولو جاء سبحانه في موضع الموت بالخوف لكان الكلام بليغا لا محالة غير أن ما جاء في التنزيل أبلغ وهو مع ذلك خارج مخرج الحق متنزل منزلة الصدق فإن من كان قوي النفس شجاع القلب لا يرضى بالنفاق بل يظهر ما يبطنه الخائف لأنه لا يبالي بالموت. 2- الاستعارة المكنية: وذلك في قوله «سلقوكم بألسنة حداد» فقد شبه اللسان بالسيف ثم حذف المشبه به واستعار شيئا من خصائصه وهو الضرب وهذه الاستعارة تتأتى على تفسير السلق بالضرب والحامل عليه وصف الألسنة بالحداد كما تقدم في باب اللغة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب