* اللغة:
(العض) : تحامل الأسنان بعضها على بعض، وعضه بأسنانه:
تناوله، يقال: عضضت بكسر الضاد أعض عضا وعضيضا، والعض كله بالضاد إلا مع الزمان أو نحوه في قولهم: عظ الزمان أي اشتد، وعظت الحرب أي اشتدت، فإنهما يتبادلان. وللعين والضاد إذا كانتا فاء وعينا للكلمة خاصة غريبة خاصة، فهما تفيدان معنى الشدة والإيذاء وما يدخل في معناهما، قال الأخطل:
ضجوا من الحرب إذ عضت غواربهم ... وقيس عيلان من أخلاقها الضجر
والعضب الشتم والقطع، ولا يخفى ما فيهما من شدة ومن إيذاء وسيف عضب أي: قاطع، وشاة عضباء: مكسورة القرن، وعضده شد أزره وساعده، والمؤمن معضود بتوفيق الله، قال تعالى: «سنشد عضدك بأخيك» ، وداء معضل: صعب لا يحل، وبه مرض عضال، وقد أعيا الأطباء وأعضلهم، وأعضل الأمر، وتزوج ذو الإصبع فأتى حيه يسألهم مهرها فمنعوه فقال: واحدة أعضلكم أمرها ... فكيف لو درت على أربع
وفلان عضلة من العضل أي داهية من الدواهي. وهذا من أعجب ما يسمع عن هذه اللغة الشريفة.
(الْأَنامِلَ) : جمع أنملة وهي رأس الإصبع.
* الإعراب:
(ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ) جملة مستأنفة مسوقة لتنبيه المؤمنين على خطئهم بموالاة اليهود، وها للتنبيه وقرع العصا وأنتم مبتدأ وأولاء خبره، وقد تقدم أن اسم الإشارة لا بد من ذكره لوجود «ها» التي هي للتنبيه وجملة تحبونهم حالية أو مستأنفة كأنها بمثابة البيان لخطئهم وسوء اختيارهم لأصفيائهم وجملة ولا يحبونكم معطوفة على جملة تحبونهم وأعرب الجلال وغيره أولاء منادى أي يا هؤلاء فتكون جملة تحبونهم هي الخبر (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ) يصح أن تكون الواو عاطفة فالجملة معطوفة على جملة تحبونهم، ويصح أن تكون الواو حالية فتكون الجملة نصبا على الحال، وبالكتاب جار ومجرور متعلقان بتؤمنون وكله تأكيد للكتاب، وفي هذا منتهى التنديد بهم، لأن مصافاة من لا يحبك أمر يستوجب اللوم والتنديد. هذا وقد منع أبو حيان أن تكون الواو حالية، لأن المضارع المثبت إذا وقع حالا لا تدخل عليه واو الحال، تقول: جاء زيد يضحك، ولا يجوز: ويضحك، وانتهى إلى القول: لكن الأولى ما ذكرناه من كونها للعطف (وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا) الواو استئنافية وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط وجملة لقوكم في محل جر بالإضافة وجملة قالوا لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وجملة آمنا في محل نصب مقول القول (وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) الواو عاطفة وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن وجملة خلوا في محل جر بالإضافة وخلا فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة عضوا لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وعليكم جار ومجرور متعلقان بعضوا والأنامل مفعول به ومن الغيظ جار ومجرور في محل نصب تمييز أي غيظا ويجوز أن تكون بمعنى اللام فتفيد العلة فيكون الجار والمجرور في محل نصب مفعول لأجله أي من أجل الغيظ (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) الجملة مستأنفة وجملة موتوا في محل نصب مقول القول وبغيظكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف نصب على الحال أي متلبسين يغيظكم (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) الجملة مستأنفة تفيد التعليل للأمر بالموت، والأسهل أن تكون من جملة المقول فتكون في محل نصب بالقول، وإن واسمها وخبرها، وبذات الصدور: جار ومجرور متعلقان بعليم. ومعنى ذات الصدور: المضمرات وخلجات النفوس، فذات تأنيث ذي، بمعنى صاحبة الصدور، وجعلت صاحبة الصدور لأنها لا تنفك عنها.
* البلاغة:
1- في هذه الآية فن الكناية، وعض الأنامل كناية عن صفة. وقد جرت عادة العرب على التعبير عن المغتاظ النادم على ما فعل بعضّ الأنامل والبنان، وقد طفحت أشعارهم بهذا التعبير، قال أبو طالب: وقد صالحوا قوما علينا أشحة ... يعضون عضا خلفنا بالأباهم
2- وفي الآية خروج الأمر عن معناه الحقيقي إلى معنى الدعاء عليهم بديمومة غيظهم.
* الفوائد:
ذهب الكوفيون إلى أن أسماء الإشارة إذا أريد بها التقريب كانت من أخوات كان في احتياجها إلى اسم مرفوع وخبر منصوب، نحو:
كيف أخاف الظلم وهذا الخليفة قادما؟ وكيف أخاف البرد وهذه الشمس طالعة، وكذلك كل ما كان فيه الاسم الواقع بعد أسماء الإشارة لا ثاني له في الوجود نحو هذا ابن صياد أسقى الناس، فيعربون هذا للتقريب اسما ناقصا والمرفوع اسم التقريب والمنصوب خبر التقريب. وهو كلام منطقي، ولذلك أوردناه للاطلاع عليه.
{"ayah":"هَـٰۤأَنتُمۡ أُو۟لَاۤءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا یُحِبُّونَكُمۡ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡا۟ عَضُّوا۟ عَلَیۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَیۡظِۚ قُلۡ مُوتُوا۟ بِغَیۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ"}