الباحث القرآني

* الإعراب: (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) الهمزة للاستفهام الانكاري والفاء عاطفة لترتيب إنكار التساوي بين أهل الدنيا وأهل الآخرة على ما قبلها من ظهور التفاوت بين الجانبين ومن اسم موصول مبتدأ وجملة وعدناه صلة وكمن خبرها ووعدناه فعل وفاعل ومفعول به ووعدا مفعول مطلق وحسنا صفة والفاء عاطفة وهو مبتدأ ولاقيه خبر والكاف اسم بمعنى مثل خبر أو جار ومجرور في موضع الخبر وجملة متعناه صلة من ومتاع الحياة الدنيا مفعول مطلق وثم حرف عطف وهو مبتدأ ويوم القيامة ظرف متعلق بالمحضرين ومن المحضرين خبر هو وللزمخشري كلام مفيد في تحليل هذه الآية من الناحية الاعرابية نورده فيما يلي: «فإن قلت فسر لي الفاءين وثم وأخبرني عن مواقعها قلت: قد ذكر في الآية التي قبلها متاع الحياة الدنيا وما عند الله وتفاوتهما ثم عقبه بقوله: أفمن وعدناه على معنى أبعد، هذا التفاوت الظاهر يسوّي بين أبناء الآخرة وأبناء الدنيا فهذا معنى الفاء الأولى وبيان موقعها وأما الثانية فللتسبيب لأن لقاء الموعود مسبّب عن الوعد الذي هو الضمان في الخير وأما ثم فلتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع لا لتراخي وقته عن وقته» . (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) الظرف متعلق بفعل محذوف تقديره اذكر والكلام مستأنف وجملة يناديهم مجرورة بإضافة الظرف إليها والفاعل مستتر تقديره هو يعود على الله والهاء مفعول به، والقصد من هذا النداء التوبيخ والتقريع، فيقول عطف على يناديهم وأين اسم استفهام في محل نصب على الظرفية المكانية وهو متعلق بمحذوف خبر مقدم وشركائي مبتدأ مؤخر والذين صفة لشركائي وجملة كنتم صلة الذين وكان واسمها وجملة تزعمون خبرها ومفعولا تزعمون محذوفان تقديرهما تزعمونهم شركائي، وسيأتي في باب الفوائد ذكر حذف مفعولي ظننت وأخواتها، وجملة أين شركائي مقول القول. (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا) كلام مستأنف مسوق للإجابة عن سؤال مقدر كأنه قيل فماذا صدر عنهم حينئذ. وقال الذين فعل وفاعل وجملة حق عليهم صلة والقول فاعل وربنا منادى مضاف محذوف منه حرف النداء وهؤلا مبتدأ والذين صفة لهؤلاء وجملة أغوينا صلة وجملة أغويناهم خبر هؤلاء وكما أغوينا نعت لمصدر محذوف أي أغويناهم فغووا غيا مثل ما غوينا وقد جربنا في هذا الإعراب على ما أعربه الزمخشري وأبو حيان. (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) الجملة مفسرة مقررة لما قبلها وتبرأنا فعل ماض وفاعل وإليك متعلقان بتبرأنا وما نافية وكان واسمها وإيانا مفعول مقدم ليعبدون وجملة يعبدون خبر كانوا، وأجاز أبو البقاء أن تكون ما مصدرية والمصدر منصوب بنزع الخافض أي مما كانوا يعبدون أي من عبادتهم إيانا ولا أرى داعيا لهذا التكلف لأن المعنى ما كانوا يعبدوننا وانما كانوا يعبدون أهواءهم ويسترسلون مع شهواتهم. (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) الواو عاطفة وقيل فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره هذا القول تهكما بهم وتبكيتا لهم وادعوا فعل أمر وفاعله وشركاءكم مفعول به فدعوهم الفاء عاطفة ودعوهم فعل ماض وفاعل ومفعول به، والفاء عاطفة ويستجيبوا فعل مضارع مجزوم بلم والواو فاعل ولهم متعلقان بيستجيبوا. (وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) الواو عاطفة ورأوا العذاب فعل ماض وفاعل ومفعول به ولو شرطية وان وما بعدها فاعل لفعل محذوف أي لو ثبت كونهم مهتدين في الدنيا لما رأوا العذاب في الآخرة وان واسمها وجملة كانوا خبرها وكان واسمها وجملة يهتدون خبرها. * الفوائد: يجوز بإجماع النحاة حذف مفعولي ظننت وأخواتها من أفعال القلوب اختصارا لدليل يدل عليهما نحو «أين شركائي الذين كنتم تزعمون» وقول الكميت يمدح آل البيت: بأي كتاب أم بأية سنة ... ترى حبهم عارا عليّ وتحسب فحذف في الآية مفعولا تزعمون وفي البيت مفعولا تحسب لدليل ما قبلهما عليهما أي تزعمونهم شركاء وتحسب حبهم عارا علي، وأما حذف أحدهما اختصارا لدليل فقد أجازه الجمهور كقوله تعالى «ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم» تقديره ولا يحسبن الذين يبخلون ما يبخلون به هو خيرا لهم فحذف المفعول الأول للدلالة عليه، وكقول عنترة: ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم تقديره فلا تظني غيره مني واقعا، فحذف المفعول الثاني، والتاء في نزلت مكسورة والحاء والراء من المحب المكرم مفتوحتان. وفي الباب الخامس من المغني بيان انه قد يظن الشيء من باب الحذف وليس منه: جرت عادة النحويين أن يقولوا: يحذف المفعول اختصارا واقتصارا ويريدون بالاختصار الحذف لدليل وبالاقتصار الحذف لغير دليل ويمثلونه ينحو «كلوا واشربوا» أي أوقعوا هذين الفعلين، وقول العرب فيما يتعدى إلى اثنين: من يسمع يخل، أي تكن منه خيلة. والتحقيق أن يقال إنه تارة يتعلق الغرض بالاعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه أو من أوقع عليه فيجاء بمصدره مسندا إلى فعل كون عام، فيقال حصل حريق أو نهب. وتارة يتعلق بالاعلام بمجرد إيقاع الفاعل للفعل فيقتصر عليهما ولا يذكر المفعول ولا ينوى إذ المنويّ كالثابت ولا يسمى محذوفا لأن الفعل ينزل لهذا القصد بمنزلة ما لا مفعول له، ومنه: «ربي الذي يحيي ويميت، هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، كلوا واشربوا ولا تسرفوا، وإذا رأيت ثم» إذ المعنى ربي الذي يفعل الإحياء والإماتة، وهل يستوي من يتصف بالعلم ومن ينتفي عنه العلم، وأوقعوا الأكل والشرب وذروا الإسراف، وإذا حصلت منك رؤية هنالك، ومنه على الأصح: «ولما ورد ماء مدين» الآية، ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام إنما رحمهما إذ كانتا على صفة الذياد وقومهما على السقي لا لكون مذودهما غنما ومسقيهم إبلا، وكذلك المقصود من قولهما «لا نسقي» لا المسقي، ومن لم يتأمل قدّر: يسقون إبلهم وتذودان غنمهما ولا نسقي غنمنا. وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله فيذكران نحو «لا تأكلوا الربا، ولا تقربوا الزنا» وقولك ما أحسن زيدا، وهذا النوع إذا لم يذكر مفعوله قيل محذوف نحو «ما ودعك ربك وما قلى» وقد يكون في اللفظ ما يستدعيه فيحصل الجزم بوجوب تقديره نحو: «أهذا الذي بعث الله رسولا، وكل وعد الله الحسنى» و: حميت حمى تهامة بعد نجد ... وما شيء حميت بمستباح
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب