الباحث القرآني
* اللغة:
(خَرْجاً) : أجرا وخراجا ويغلب في الخرج أن يكون مال العنق وفي الخراج مال العقار ونقيض الدخل وقيل الخرج ما تبرعت به والخراج ما لزمك أداؤه، والوجه أن الخرج أخص من الخراج، ومعنى الآية: أم تسألهم عن هدايتك لهم قليلا من عطاء الخلق فالكثير من عطاء الخالق خير.
(ناكبون) عادلون وزائفون ومائلون وكل من لا يؤمن بالآخرة فهو عن القصد ناكب.
(لجوا) : اللجاج وهو التمادي في العناد، وفي المصباح: لجّ في الأمر لججا من باب تعب ولجاجا ولجاجة فهو لجوج ولجوجة مبالغة إذا لازم الشيء وواظبه ومن باب ضرب لغة.
(يَعْمَهُونَ) : في المصباح: «عمه في طغيانه عمها من باب تعب إذا تردّد متحيرا، وتعامه مأخوذ من قولهم أرض عمهاء إذا لم يكن فيها أمارات تدل على النجاة فهو عمه وأعمه.
(اسْتَكانُوا) : يقال: استكان أي انتقل من كون إلى كون كاستحال إذا انتقل من حال إلى حال وأصله استكون نقلت حركة الواو إلى ما قبلها ثم قلبت ألفا، هذا ما قاله علماء اللغة ولكن اعترض بعضهم على هذا التنظير وحجته أن استكان على تأويله أحد أقسام استفعل الذي معناه التحول كقولهم استحجر الطين واستنوق الجمل، وأما استحال فثلاثيه حال إذا انتقل من حال إلى حال وإذا كان الثلاثي يفيد التحول لم يبق لصيغة استفعل فيها أثر فليس استحال من استفعل للتحول ولكنه من استفعل بمعنى فعل وهو أحد أقسامه إذا لم يزد السداسي فيه على الثلاثي معنى.
ثم نعود إلى تأويله فنقول: المعنى عليه فما انتقلوا من كون التكبر والتجبر والاعتياض إلى كون الخضوع والضراعة إلى الله تعالى، ولقائل أن يقول: استكان يفيد على التأويل المذكور الانتقال من كون إلى كون فليس حمله على أنه انتقال عن التكبر إلى الخضوع بأولى، وترى هذه الصيغة لا تفهم إلا أحد الانتقالين، فلو كانت مشتقة من مطلق الكون لكانت مجملة محتملة للانتقالين جميعا والجواب أن أصلها كذلك على الإطلاق ولكن غلب العرف على استعمالها في الانتقال الخاص كما غلب في غيرها.
ولما دخل أحمد بن فارس اللغوي الوزير بغداد في زمن الامام الناصر جمع له جميع علماء بغداد وعقد بهم محفلا للمناظرة فانجر الكلام إلى هذه الآية فقال: الأصل اللغوي هو مشتق من قول العرب:
كنت لك إذا خضعت، وهي لغة هذلية فاستحسن ابن فارس ذلك منه، وعلى هذا يكون من استفعل بمعنى فعل كقولهم استقر واستعلى وحال واستحال على ما مر وانما لم يجعل من استفعل المبني للمبالغة مثل استحسر واستعصم من حسر وعصم لأن المعنى يأباه وذلك أنها جاءت في النفي والمقصود منها ذم هؤلاء بالجفوة والقسوة وعدم الخضوع مع ما يوجب نهاية الضراعة من أخذهم بالعذاب، فلو جعلت للمبالغة أفادت نقص المبالغة لأن نفي الأبلغ أدنى من نفي الأدنى وكأنهم على ذلك ذموا بنفي الخضوع الكثير وأنهم ما بلغوا في الضراعة نهايتها وليس الواقع فانهم ما اتسموا بالضراعة ولا بلحظة منها فكيف تنفى عنهم النهاية الموهمة لحصول البداية؟
ووزن استفعل على ضربين متعد وغير متعد فالمتعدي قولهم استحقه واستقبحه وغير المتعدي استقدم واستأخر ويكون فعل منه متعديا وغير متعد فالمتعدي نحو علم واستعلم وفهم واستفهم وغير المتعدي نحو قبح واستقبح وحسن واستحسن، وله معان أحدها الطلب والاستدعاء كقولك استعطيت أي طلبت العطية واستعتبته أي طلبت اليه العتبى ومنه استفهمت واستخبرت، والثاني أن يكون للاصابة كقولك استجدته واستكرمته أي وجدته جيدا وكريما، وقد يكون بمعنى الانتقال والتحول من حال إلى حال نحو قولهم استنوق الجمل إذا صار على خلق الناقة واستتيست الشاة إذا أشبهت التيس ومنه استحجر الطين إذا تحول إلى طبع الحجر في الصلابة، وقد يكون بمعنى تفعل لتكلف الشيء وتعاطيه نحو استعظم بمعنى تعظم واستكبر بمعنى تكبر كقولهم تشجّع وتجلّد وربا عاقب فعل قالوا: قرّ في المكان واستقرّ وعلا قرنه واستعلاه، قال الله تعالى: «وإذا رأوا آية يستسخرون» والغالب على هذا البناء الطلب والإصابة وما عدا ذينك فانه يحفظ حفظا ولا يقاس عليه.
* الإعراب:
(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ) الواو استئنافية ولو شرطية واتبع الحق فعل وفاعل وأهواءهم مفعول به واللام واقعة في جواب الشرط وفسدت السموات والأرض فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم ومن عطف على السموات والأرض وفيهن متعلقان بمحذوف صلة من. (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ)
بل حرف إضراب انتقالي وآتيناهم فعل وفاعل ومفعول به وبذكرهم متعلقان بآتيناهم، والمعنى كيف يكرهون الحق مع أن القرآن أتاهم بتشريفهم والتنويه بذكرهم. والفاء عاطفة وهم مبتدأ وعن ذكرهم متعلقان بمعرضون ومعرضون خبر هم.
(أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) عطف انتقالي على «أم به جنة» وهو السبب الخامس من أسباب ركوبهم متن الضلالة العمياء وتسألهم فعل مضارع وفاعل مستتر تقديره أنت ومفعول به أول وخرجا مفعول به ثان والفاء تعليلية أو فصيحة وردت مورد التعليل للسؤال المستفاد من الإنكار، وخراج مبتدأ وربك مضاف اليه وخير خبر، وهو الواو حرف عطف وهو مبتدأ وخير الرازقين خبر.
(وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) الواو حرف عطف وان واسمها واللام المزحلقة وتدعوهم فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به والى صراط متعلقان بتدعوهم ومستقيم صفة. (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ)
الواو عاطفة وان واسمها وجملة لا يؤمنون صلة وبالآخرة متعلقان بيؤمنون وعن الصراط متعلقان بناكبون واللام المزحلقة وناكبون خبر إن. (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) الواو استئنافية مسوقة لبيان أصابتهم بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بالقحط حتى روي أنهم أكلوا العلهز وهو كما في الصحاح طعام كانوا يتخذونه من الدم ووبر البعير في سني المجاعة وسيأتي تفصيل هذه الحادثة في باب الفوائد. ولو شرطية ورحمناهم فعل وفاعل ومفعول به وكشفنا عطف على رحمناهم وما مفعول به وبهم متعلقان بمحذوف صلة ما ومن ضر حال، للجّوا اللام رابطة لجواب لو وجملة لجوا لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم وفي طغيانهم متعلقان بيعمهون وجملة يعمهون حالية. (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) الواو عاطفة واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وأخذناهم فعل وفاعل ومفعول به وبالعذاب متعلقان بأخذناهم، فما استكانوا عطف على أخذناهم وما نافية واستكانوا فعل وفاعل ولربهم متعلقان باستكانوا، والواو حرف عطف وما نافية ويتضرعون فعل مضارع وفاعل وسيأتي سر عطف المضارع على الماضي في باب البلاغة.
* البلاغة:
عطف المضارع على الماضي لإفادة الماضي وجود الفعل وتحققه، وهو بالاستكانة أحق بخلاف التضرع فإنه أخبر عنهم بنفي ذلك في الاستقبال.
* الفوائد:
قوله تعالى: «وَلَوْ رَحِمْناهُمْ» الآية والآية التي تليها، هاتان الآيتان مدنيتان فإن أصابتهم بالقحط إنما كانت بعد خروجه صلى الله عليه وسلم من بينهم، روى التاريخ أنه لما أسلم ثمامة بن أثال الحنفي ولحق باليمامة ومنع الميرة من أهل مكة وأخذهم الله بالسنين حتى أكلوا العلهز- وقد قدمنا تفسيره- جاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أنشدك الله والرحم ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟ فقال بلى، فقال: قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع فنزلت الآية.
{"ayahs_start":71,"ayahs":["وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَاۤءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِیهِنَّۚ بَلۡ أَتَیۡنَـٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ","أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ خَرۡجࣰا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَیۡرࣱۖ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰزِقِینَ","وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","وَإِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَ ٰطِ لَنَـٰكِبُونَ","۞ وَلَوۡ رَحِمۡنَـٰهُمۡ وَكَشَفۡنَا مَا بِهِم مِّن ضُرࣲّ لَّلَجُّوا۟ فِی طُغۡیَـٰنِهِمۡ یَعۡمَهُونَ","وَلَقَدۡ أَخَذۡنَـٰهُم بِٱلۡعَذَابِ فَمَا ٱسۡتَكَانُوا۟ لِرَبِّهِمۡ وَمَا یَتَضَرَّعُونَ"],"ayah":"وَإِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَ ٰطِ لَنَـٰكِبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











