الباحث القرآني

* اللغة: (بَيْنَ السَّدَّيْنِ) : بين الجبلين يروى أن ذا القرنين سدّ ما بينهما، وإطلاق السد على الجبل لأنه سد في الجملة، وفي القاموس: السدّ الجبل والحاجز، أو لكونه ملاصقا للسد فهو مجاز بعلاقة المجاورة والقول الثاني هو المناسب لما قبله والتفاصيل في المطولات. (يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) : اسمان أعجميان بدليل منع الصرف فيهما للعلمية والعجمة وقيل بل هما عربيان واختلف في اشتقاقهما فقيل من أجيج النار وهو التهابها وشدة توقدها وقيل من الأوجة وهي الاختلاط أو شدة الحر وقيل من الأوج وهو سرعة العدو، وإنما منعا من الصرف للعلمية والتأنيث وكلاهما من أج الظليم إذا أسرع أو من أجت النار إذا التهبت والأقوال في حقيقتهما كثيرة يمكن الرجوع إليها في المطولات. (خَرْجاً) : جعلا من المال أو الخراج بتثليث الخاء وقد قرىء بها ومنه «الخراج بالضمان» ثم سمي ما يأخذه السلطان خراجا ويقال للجزية الخراج فيقال أدى خراج أرضه، ومن المجاز خرج فلان في العلم والصناعة خروجا إذا نبغ وخرّجه فلان فتخرج وهو خريج المدرسة، قال زهير يصف الخيل: وخرّجها صوارخ كل يوم ... فقد جعلت عرائكها تلين أي وأدبها كما يخرّج المتعلم. (رَدْماً) : حاجزا حصينا موثقا، والردم أكبر من السدّ من قولهم ثوب مردم. ومنه قول عنترة: هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم المتردم الموضع الذي يسترقع ويستصلح لما اعتراه من الوهن والوهي والتردم أيضا مثل الترنم وهو ترجيح الصوت مع تحزين ومعنى قول عنترة: لم يترك الأول للآخر شيئا أي سبقني من الشعراء قوم لم يتركوا لي مسترقعا أرقعه ومستصلحا أستصلحه. (زُبَرَ الْحَدِيدِ) : جمع زبرة كغرفة أي قطعة. (الصَّدَفَيْنِ) بفتحتين، وضمتين أيضا، وضم الأول وسكون الثاني، وقد قرىء بالثلاث جميعا مثنى صدف بفتحتين وصدف بضمتين وصدف بضم الأول وفتح الثاني وبالعكس: منقطع الجبل أو ناصيته وقد سميا بذلك لأنهما يتقابلان. (قِطْراً) بكسر فسكون النحاس المذاب على الحديد المحمى. (يَظْهَرُوهُ) يعلوا ظهره لارتفاعه وانملاسه. (نَقْباً) خرقا لصلابته وثخانته. (دَكَّاءَ) بالمد أرض مستوية من قولهم ناقة دكاء أي لا سنام لها، ذللت بالدك وقرىء دكا مصدر دك. * الإعراب: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) عطف على نظائرها وقد تقدم إعرابها. (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) حتى حرف غاية وجر وإذا ظرف مستقبل وجملة بلغ مضافة إلى الظرف ومطلع بكسر اللام مكان الطلوع وسيأتي القول فيه في باب الفوائد وجملة وجدها لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وجملة تطلع مفعول ثان لوجدها وعلى قوم متعلقان بتطلع وجملة لم نجعل صفة لقوم ولهم في موضع نصب مفعول ثان لنجعل ومن دونها حال وسترا مفعول نجعل الأول لأن أرضهم لا أبنية فيها بل فيها أسراب فإذا طلعت الشمس دخلوها وإذا ارتفع النهار خرجوا إلى معايشهم وقيل المراد بالستر اللباس فهم عراة أبدا. (كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً) كذلك خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر كذلك وقد الواو عاطفة أو حالية وقد حرف تحقيق وأحطنا فعل وفاعل وبما متعلقان بأحطنا ولديه صلة الموصول وخبرا تمييز أو مفعول به وقد تقدم. (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) تقدم إعرابه. (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا) بين السدين: انتصب بين على أنه مفعول به مبلوغ كما انجر على الاضافة في قوله تعالى «هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ» وكما ارتفع في قوله «لقد تقطع بينكم» لأنه من الظروف التي تستعمل أسماء وظروفا وسيأتي تفصيل ذلك في باب الفوائد وجملة وجد لا محل لها لأنها جواب إذا ومن دونهما مفعول وجد الثاني وقوما مفعول وجد الأول وجملة لا يكادون صفة لقوما والواو اسم يكاد وجملة يفقهون خبرها وقولا مفعول به. (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) يا أداة نداء وذا القرنين منادى مضاف وإن واسمها ومأجوج عطف على يأجوج ومفسدون خبر إن وفي الأرض متعلقان بمفسدون. (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) الفاء عاطفة وهل خرف استفهام ونجعل فعل مضارع وفاعل مستتر ولك مفعول نجعل الثاني وخرجا مفعول نجعل الأول وعلى ومدخولها متعلقان بمحذوف صفة لخرجا أي قائما على هذا الشرط فعلى هنا على بابها أي للاستعلاء وبيننا الظرف متعلق بمحذوف مفعول تجعل الثاني وبينهم عطف على بيننا وسدا مفعول تجعل الأول. (قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) ما اسم موصول في محل رفع مبتدأ وجملة مكني صلة وفيه متعلقان بمكني وربي فاعل مكني وخير خبر المبتدأ. (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) الفاء الفصيحة وأعينوني فعل أمر وفاعل ومفعول به وبقوة متعلقان بأعينوني واجعل فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وبينكم الظرف مفعول اجعل الثاني وبينهم عطف عليه وردما مفعول أجعل الاول ومعنى أعينوني بقوة أي بفعلة وصنّاع يحسنون البناء وبآلة وسيأتي تفسيرها. (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) آتوني فعل أمر وفاعل ومفعول به أول وزبر الحديد مفعول به ثان وحتى حرف غاية وجر وإذا ظرف مستقبل وساوى فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو ولا بد من تقدير محذوف للغاية أي فجاءوه بما طلب فبنى، وجعل بين الصدفين الفحم والحطب حتى سد ما بين الجبلين إلى أعلاهما والظرف متعلق بساوى (قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) جملة انفخوا مقول القول وجملة قال لا محل لها لأنها جواب إذا وحتى غاية للنفخ وجملة جعله نارا مضافة إلى الظرف ونارا مفعول جعل الثاني وجملة آتوني مقول القول وأفرغ مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وفاعله أنا وعليه متعلقان بأفرغ وقطرا مفعول به لأفرغ والتقدير وآتوني قطرا أفرغ عليه قطرا فحذف الأول لدلالة الثاني عليه والمسألة من باب التنازع، فقد أعمل الثاني ولو أعمل الأول لقالوا آتوني أفرغه عليه قطرا إذ التقدير آتوني قطرا أفرغه عليه ومثله قوله تعالى: «هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ» أعمل الثاني ولو أعمل الأول لقال «هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ» وسيأتي القول فيه في حينه. (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) الفاء عاطفة على محذوف أي فجاء قوم يأجوج بعد أن أنهى بناءه وتسويته يحاولون أن يعلوه أو يثقبوه فما اسطاعوا، واسطاعوا فعل وفاعل وأن وما بعدها مصدر مؤول في محل نصب مفعول اسطاعوا، وما استطاعوا عطف على فما اسطاعوا وله متعلقان بنقبا ونقبا مفعول به. (قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) جملة هذا مقول القول وهذا مبتدأ ورحمة خبر والاشارة إلى السد لأنه مانع من خروجهم ومن ربي صفة لرحمة، فاذا الفاء استئنافية وإذا ظرف مستقبل وجملة جاء وعد ربي مضافة للظرف وجملة جعله لا محل لها ودكاء مفعول به ثان لجعل وكان الواو عاطفة أو حالية وكان وعد ربي كان واسمها وحقا خبرها. * الفوائد: 1- أسماء الزمان والمكان تفيد زمان الفعل ومكانه وتصاغ من الثلاثي المجرد على وزن مفعل بفتح العين وعلى وزن مفعل بكسرها فوزن مفعل بفتح العين للثلاثي المجرد المأخوذ من يفعل المضموم العين أو يفعل المفتوح العين في المضارع أو من الفعل المعتل الآخر مطلقا فالأول مثل مكتب ومحضر ومحل من حل بالمكان والثاني مثل ملعب ومزرع والثالث مثل ملهى ومثوى وموقى وشذت ألفاظ جاءت بالكسر مع أنها مبنية من مضموم العين في المضارع وهي أحد عشر وهي المطلع والمنسك لمكان النسك أي العبادة والمجزر لمكان جزر الإبل وهو نحرها يقال جزرت الجزور أجزرها بالضم إذا نحرتها وجلدتها والمنبت لموضع النبات والمشرق والمغرب لمكان الشروق والغروب والمفرق لوسط الرأس لأنه موضع فرق الشعر وكذلك مفرق الطريق للموضع الذي يتشعب منه طريق آخر والمسكن موضع السكنى والمسقط موضع السقوط يقال هذا مسقط رأسي أي حيث ولدت وسقط رأسي والمرفق موضع الرفق والمسجد وهو اسم للبيت وليس المراد موضع السجود فقد كسروا هذه الألفاظ والقياس فيها الفتح. ووزن مفعل بكسر العين للثلاثي المجرد المأخوذ من يفعل الصحيح المكسور العين أو من المثال الواوي فالأول مثل مجلس ومحبس ومضرب ومبيت ومضيف والثاني مثل مورد وموعد. وقد تدخل تاء التأنيث على أسماء المكان كالمزلة بفتح الزاي وكسرها فالمفتوح من باب فرح والمكسور من باب ضرب وهي اسم مكان من زل إذا سقط والمظنة لموضع الظن ومألفه وهو بفتح الظاء لأنه من ظن يظن بالضم والمقبرة لموضع القبر والمعبرة لموضع الشط المهيأ للعبور والمشرقة مثلثة الراء والمدرجة الطريق من درج يدرج دروجا إذا مشى والموقعة بفتح القاف وكسرها الموضع الذي يقع عليه والمشربة بفتح الراء وضمها أي موضع الشرب وتطلق أيضا على الغرفة لأنهم كانوا يشربون فيها وهي أيضا الأرض اللينة الدائمة النبات وإذا كثر الشيء بالمكان قيل فيه مفعلة بالفتح فيبنى اسم المكان من الأسماء مثل أرض مسبعة أي كثيرة السباع ومذأبة أي كثيرة الذئاب ومأسدة أي كثيرة الأسود ومبطخة أي كثيرة البطيخ ومقثأة أي كثيرة القثاء ومحياة أي كثيرة الحيات ومفعاة أي كثيرة الأفاعي ومدرجة أي كثيرة الدراج بضم الدال وتشديد الراء وهو طائر جميل ملون الريش ويطلق على الذكر والأنثى. أما وزنهما مما فوق الثلاثي فبكون على وزن المضارع بضم الميم المبدلة من حرف المضارعة وفتح ما قبل الآخر نحو مجتمع ومنتدى ومنتظر ومستشفى فهما يشبهان اسم المفعول والمصدر الميمي والتفرقة بينها بالذوق والقرينة. 2- الظرف: الظرف قسمان: متصرف وغير متصرف: فالمتصرف ما يستعمل ظرفا وغير ظرف فهو يفارق الظرفية إلى حال لا تشبهها كأن يستعمل مبتدأ أو خبرا أو فاعلا أو مفعولا به أو نحو ذلك مثل شهر ويوم وسنة وليل. والظرف غير المتصرف ما يلازم النصب على الظرفية فلا يستعمل إلا ظرفا منصوبا مثل قط وعوض وبينا وبينما وإذا وأيان وأنى وذا صباح وذات ليلة ومنه ما ركب من الظروف مثل صباح مساء وليل ليل ومنه ما يلزم النصب على الظرفية أو الجر بمن نحو قبل وبعد والجهات الست ولدي ولدن وعند ومتى وأين وهنا وثم وحيث والآن وتفصيل ذلك في المطولات. 3- استطاع واسطاع: قالوا: الأصل في اسطاع استطاع وان التاء حذفت تخفيفا وفتحت همزة الوصل وقطعت وهو قول الفراء وفي استطاع لغات: اسطاع يسطيع بفتح الهمزة في الماضي وضم حرف المضارعة فهو من أطاع يطيع وأصله يطوع بقلب الفتحة من الواو إلى الطاء في أطوع إعلالا له حملا على الماضي فصار أطاع ثم دخلت السين كالعوض من عين الفعل هذا مذهب سيبويه واللغة الثانية استطاع يستطيع بكسر الهمزة في الماضي ووصلها وفتح حرف المضارعة وهو استفعل نحو استقام واستعان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب